تشير الأحداث الأخيرة إلى أن حزب العمال الكردستاني (PKK) قد اتخذ خطوة كبيرة نحو إنهاء صراعه المسلح مع تركيا، الذي استمر منذ عام 1984. في 11 يوليو 2025، شهدت مدينة السليمانية شمال العراق مراسم رمزية حيث قام حوالي 30 مقاتلاً من الحزب بوضع أسلحتهم في وعاء وإحراقها، مما يمثل بداية عملية نزع السلاح. هذه الخطوة جاءت بعد إعلان زعيم الحزب المسجون، عبد الله أوجلان، في فبراير 2025، دعوته للحزب للتخلي عن السلاح وحل نفسه، مما يعكس تحولاً محتملاً نحو حل سياسي للصراع.

Özgür iradeleriyle silahlarını imha ettiler. PKK’li kadınlar ve erkekler, barış için yürüyüp gittiler.#AbdullahÖcalan #Süleymaniye pic.twitter.com/TiHGtbJQKL

— Şevin Kızılca (@sevinkizilca) July 11, 2025

الخلفية التاريخية

تأسس حزب العمال الكردستاني (PKK) في عام 1978 على يد عبد الله أوجلان، بهدف إقامة دولة كردستانية مستقلة. في عام 1984، بدأ الحزب حملة مسلحة ضد الدولة التركية، مما أدى إلى صراع عنيف استمر لعقود، تسبب في مقتل ما يقرب من 40,000 شخص، وفقاً لتقارير من مصادر مثل Global Conflict Tracker. في البداية، كان الهدف هو إقامة دولة مستقلة، لكن الحزب غيّر أهدافه في عام 2005 ليطالب بحقوق ثقافية وسياسية أكبر للأكراد ضمن تركيا.

شهد الصراع عدة مراحل رئيسية:

• 1984-1999: المرحلة الأولى من الانتفاضة، حيث شن الPKK هجمات على القوات الأمنية التركية في المناطق الريفية، مما أدى إلى سيطرته على مناطق واسعة في جنوب شرق تركيا وتهجير الآلاف.

• 1999-2013: بعد اعتقال أوجلان في 1999، استمر القتال، لكن تم إجراء محادثات سرية بين الحزب والسلطات التركية، كما ورد في تقرير CSIS.

• 2013-2015: بدأت عملية سلام رسمية، حيث أعلن الPKK هدنة وشارك في مفاوضات مع الحكومة التركية. لكن هذه العملية انهارت في 2015 بسبب الخلافات وتدخلات خارجية، بما في ذلك الحرب الأهلية في سوريا.

• 2015-حتى الآن: تصاعد الصراع، مع قيام تركيا بعمليات عسكرية داخل حدودها وفي شمال العراق وسوريا ضد التابعين للحزب، كما أشارت International Crisis Group.

رغم هذه الجهود، استمر الصراع حتى النداء الأخير للسلام من قبل أوجلان في 2025.

التطورات الأخيرة

في فبراير 2025، أصدر عبد الله أوجلان، من سجنه في جزيرة إيمرالي، بياناً دعا فيه الPKK إلى وضع السلاح وحل نفسه، وفقاً لتقرير International Crisis Group. كان هذا النداء مفاجئاً وجاء بعد شهور من التكهنات حول مبادرة سلام محتملة. اعتبر البيان خطوة مهمة نحو إنهاء النضال المسلح، حيث لا يزال أوجلان يُعتبر الزعيم الروحي للحزب رغم سجنه لأكثر من عقدين.

استجابت قيادة الحزب، المتمركزة في جبال قنديل شمال العراق، بإعلان هدنة أحادية الجانب في غضون يومين، وبدأت التحضيرات لعملية نزع السلاح. في 11 يوليو 2025، أقيمت مراسم في السليمانية، حيث وضع حوالي 30 مقاتلاً من الحزب أسلحتهم في وعاء وأحرقت، كما ذكرت مصادر مثل BBC وAl Jazeera. هذه المراسم، التي شملت حوالي 40 مقاتلاً وقائداً واحداً، تمثل بداية عملية نزع السلاح التي من المتوقع أن تستمر طوال الصيف.

رحبت الحكومة التركية بهذه التطورات، حيث صرح الرئيس رجب طيب أردوغان بأن هذه فرصة لتحقيق سلام دائم، كما ورد في CNN. ومع ذلك، أكد على ضرورة أن تكون العملية شاملة، مع تسليم جميع مقاتلي الحزب لأسلحتهم.

شروط اتفاق السلام

على الرغم من أن التفاصيل الكاملة لاتفاق السلام لا تزال قيد المفاوضات، إلا أن هناك نقاط رئيسية تم توضيحها:

🟥 نزع السلاح: التزم الPKK بنزع سلاح جميع مقاتليه وحل تشكيلاته العسكرية، كما أشارت Reuters.

🟥 حل سياسي: وافقت الحكومة التركية على خوض حوار سياسي لحل القضية الكردية، بما في ذلك الحقوق الثقافية واللغوية.

🟥 العفو: هناك مناقشات حول منح العفو لمقاتلي الحزب الذين يسلمون أسلحتهم، على الرغم من أن هذه القضية مثيرة للجدل.

🟥 الإصلاحات الدستورية: هناك دعوة لتعديلات دستورية للاعتراف بالهوية والحقوق الكردية، مما يتطلب موافقة البرلمان.

تتم تسهيل عملية السلام من قبل السلطات الكردية العراقية، وخاصة مسعود بارزاني، الذي يلعب دوراً وسيطاً بين تركيا والPKK، كما ذكر في Kurdish Peace Institute.

التداعيات والتحديات

التداعيات

نجاح عملية السلام قد يكون له تداعيات واسعة النطاق:

🟥 التأثير المحلي: إنهاء الصراع قد يؤدي إلى استقرار أكبر في جنوب شرق تركيا، مما يسمح بالتنمية الاقتصادية والاندماج الاجتماعي. كما قد يقلل من العبء الأمني على الجيش والشرطة التركيين، ويعزز التعايش بين الأتراك والأكراد.

🟥 التأثير الإقليمي: في العراق وسوريا، حيث للمجموعات الكردية نفوذ كبير، قد يحسن السلام العلاقات بين تركيا وهذه الدول، كما أشار Foreign Policy Research Institute. قد يشجع ذلك المجموعات الكردية الأخرى على البحث عن حلول سلمية.

🟥 التأثير الدولي: حل القضية الكردية قد يعزز صورة تركيا دولياً ويقوي علاقاتها مع الحلفاء الغربيين، الذين انتقدوا في كثير من الأحيان تعامل تركيا مع الصراع.

التحديات

تواجه عملية السلام تحديات كبيرة:

🟥 قضايا الثقة: نقص الثقة بين الحكومة التركية والPKK، الناتج عن فشل المحاولات السابقة، قد يعيق التقدم.

🟥 الانقسامات الداخلية: هناك انقسامات داخل المجتمع الكردي بين مؤيدي السلام ومعارضيه، مما قد يعقد المفاوضات.

🟥 المعارضة السياسية: في تركيا، قد تعارض الأحزاب القومية التنازلات للأكراد، مما يجعل تنفيذ الإصلاحات صعباً.

🟥 المخاوف الأمنية: يجب على تركيا التأكد من أن المقاتلين السابقين لا يشكلون تهديداً مستقبلياً، مما يتطلب برامج دقيقة للمراقبة والاندماج.

جدول زمني للأحداث الرئيسية

تمثل عملية السلام بين تركيا والـPKK فرصة تاريخية لإنهاء صراع دام لعقود وتسبب في معاناة كبيرة. تسليم الأسلحة في السليمانية يمثل خطوة إيجابية، لكنها مجرد بداية لرحلة معقدة نحو سلام دائم. يجب على الطرفين التزام الحوار والتنازل، مع دعم المجتمع الدولي لضمان النجاح. إذا نجحت هذه العملية، فقد تغير وجه تركيا وتسهم في استقرار الشرق الأوسط. مع تطور الوضع، يبقى الأمل قائماً في أن يسود السلام، مع الحاجة إلى متابعة دقيقة للتقدم ومعالجة أي عقبات.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز