بمحرك يفوق 400 حصان ودروع قادرة على مقاومة القذائف، تعود جرافة دي 9 إلى الواجهة بعد صفقة جديدة بين إسرائيل والولايات المتحدة في 2025. لكن ما سر هذه الجرافة التي أصبحت رمزًا للقوة والتدمير الميداني؟ وكيف تحولت من آلية مدنية إلى أداة عسكرية مثيرة للجدل؟
التاريخ والتطور
ظهرت جرافة دي 9 لأول مرة عام 1954 من إنتاج شركة كاتربيلر الأمريكية، وتم عرض النموذج الأساسي في عام 1955 بقوة محرك 286 حصانًا، مشابهة لمحركات الدبابات الخفيفة أو شاحنات البناء الكبيرة.

اعتمدت إسرائيل هذه الجرافة منذ حرب السويس عام 1956 لفتح المسالك وتمهيد الأراضي وسط حقول الألغام. في الثمانينيات، بدأت إسرائيل بتطوير نسخ مصفحة، حيث دخل طراز D9L الخدمة عام 1986، مزودًا بحزمة دروع إسرائيلية لحماية الطاقم، بالتعاون بين وحدة يفتاح التابعة للواء الهندسة القتالية وشركات عسكرية إسرائيلية. لاحقًا، طورت طرازات أحدث مثل D9N (1988، 357-401 حصان)، D9R (1996، 405 حصان)، وD9T (2004، 410 حصان)، والتي دخلت الخدمة في إسرائيل أعوام 1996، 2003، و2022 على التوالي.
من جرافة مدنية إلى آلة عسكرية
تُصنع جرافة دي 9 أساسًا كآلية مدنية بواسطة شركة كاتربيلر في الولايات المتحدة، لكن النسخة العسكرية هي نتاج تعديلات إسرائيلية داخلية. بعد استلام الجرافات المدنية، تضيف الجهات العسكرية الإسرائيلية دروعًا وأنظمة متقدمة دون تدخل من الشركة الأم. الهدف هو تعزيز القدرة على مقاومة قذائف RPG، الشظايا، والعبوات الناسفة، مما يجعلها مناسبة للعمليات في بيئات قتالية معادية.
المهام العسكرية لجرافة دي 9
تُستخدم جرافة دي 9 في مهام الهندسة القتالية، بما في ذلك:
🟥 فتح الممرات: تمهيد الطرق الوعرة أو المغلقة.
🟥 هدم الحواجز والمباني: تدمير التحصينات والمنازل.
🟥 إزالة الألغام: تطهير المناطق المفخخة.
🟥 إنقاذ المركبات: سحب الدبابات أو المركبات العالقة التي يزيد وزنها عن 70 طنًا.
🟥 إنشاء الحواجز الدفاعية: بناء الأكوام الرملية والمواقع الدفاعية.
شاركت الجرافة في حروب إسرائيل الكبرى، مثل حرب 1967، حرب 1973، حروب لبنان (1982، 2006)، والعمليات في غزة والضفة الغربية. في غزة، استخدمت بشكل مكثف في رفح لهدم حوالي 80% من المنازل، مما جعلها حجر الأساس في العمليات البرية.
المواصفات الفنية
🟥 الأبعاد (D9R): طول 8.7 متر، عرض 4.5 متر، ارتفاع 4.1 متر.
🟥 الوزن: 48 طنًا بدون دروع، 56 طنًا مع الدروع الإسرائيلية.
🟥المحرك: 405-410 حصان (D9R/D9T).
🟥خزان الوقود: 963 لترًا، باستهلاك 30-50 لترًا/ساعة.
🟥 السرعة القصوى: 10.9 كم/س (للأمام)، 13.5 كم/س (للخلف).
🟥 الأنظمة الدفاعية: دروع كثيفة، زجاج مصفح، مصدات قفصية ضد قذائف RPG، رشاش M2 ثقيل، قاذفات دخان، ونظام Iron Fist النشط في بعض الطرازات لكشف وقصف مصادر النيران.
الجهات المساهمة في التطوير
ساهمت جهات إسرائيلية بارزة في تطوير النسخة العسكرية، مثل:
- التصنيع الحربي الإسرائيلي (IMI).
- التصنيع الجوي الإسرائيلي (IAI رامتا).
- لواء الهندسة القتالية، بقيادة المهندس إيغال كاشر الذي صمم دروع الأجيال الأولى.
شحنة 2025 إلى إسرائيل
وفقًا لتقارير إعلامية، وافقت الولايات المتحدة في عام 2025 على إتمام صفقة لتزويد إسرائيل بـ134 جرافة دي 9 من شركة كاتربيلر، بقيمة تقارب 295 مليون دولار، بعد تجميد الصفقة في نوفمبر 2024 بسبب احتجاجات على استخدامها في هدم منازل في غزة. هذه الشحنة ستعزز قدرات الجيش الإسرائيلي في العمليات البرية، خاصة في ظل نقص الجرافات بسبب الاستهلاك المكثف في غزة وجنوب لبنان.

الجوانب القانونية
لا توجد قوانين دولية تمنع تحويل الآليات المدنية مثل دي 9 إلى أغراض عسكرية. شركة كاتربيلر أكدت أنها تبيع الجرافات لوسطاء أو حكومات، ولا تتحكم باستخدامها. ومع ذلك، واجهت الشركة انتقادات دولية بسبب استخدام الجرافات في هدم منازل فلسطينية، لكنها تحتفظ بموقف محايد تجاريًا.
ضريبة الصرف للاحتلال..
جرافة دي 9 هي مثلها مثل أي مُنتج أوعمل، فهو يحتمل الخطأ والصواب ويحتمل الربح والخسارة في يونيو 2024 قرر الصندوق التقاعدي النرويجي (KLP) بيع أسهمه البالغة 69 مليون دولار في شركة Caterpillar. السبب: استخدام جرافاتها بتدمير المنازل في الضفة وغزة، دون ضمانات من الشركة لوقف المشاركة في انتهاكات حقوق الإنسان، وأيضًا مؤسسات حقوقية ودولية كان لها دور في نبذ شركة كاتربيلر الأمريكية، حيث دعت هيومن رايتس ووتش (HRW) إلى وقف مبيعات D9 وإيقاف خدماتها للجيش الإسرائيلي، معتبرة قيامه باستخدامها لتهديم المنازل والبنية التحتية بـ”انتهاكات لقانون الحرب” و ناشدت الأمم المتحدة للتحقيق في تورّط Caterpillar في “تدمير منهجي للمنازل في غزة والضفة”. وأكدت أن استخدامها يمكن أن يشكّل جريمة دولية ضد الإنسانية
القدرة التدميرية
تتميز جرافة دي 9 بقدرتها على تدمير مبنى متعدد الطوابق بدفعة واحدة. تشير الدراسات إلى أنها قادرة على هدم 18-24 منزلًا يوميًا، رغم العوائق والمقاومة. استخدامها المكثف في غزة، خاصة في رفح وجباليا، أثار انتقادات دولية بسبب تدمير البنية التحتية والمنازل.
اقتباسات حول هذه الآلية..
وجدنا تعليقات تقنية تخص هذه الآلة بخصوص استخدامها المدني ووجدنا الجميع يمدح هذه الآلة الضخمة والكبيرة، فمجلة Rock Products قال بأن ” نظام القيادة التفاضلي (differential steering) يسمح بزاوية انحناء ضيقة والحفاظ على سرعة الأرض أثناء الدوران — لتحافظ على إنتاجية عالية.”، وهذا وصف يُشير إلى سهولة المناورة مقارنة بأقرانها، أما المجلة الهندسية Agg‑Net تقول “قاعدة التعليق المعلقة توفر مزيدًا من اتصال الجنزير بالأرض، مما يقلّل الانزلاق ويزيد الإنتاجية.” ويشير هذا إلى قدرة الجرافة على الحفاظ على الثبات والقوة، أما الموقع التقني chelmervalve.com يقول ” محور المشغل يتميز بمنطقة رؤية استثنائية… نظام كاميرات 360° يغطي محيط الجرافة بالكامل… والدخول الأرضي يُسهّل أعمال الصيانة” وهذا يبرزهندسة الأمان والراحة لطاقم التشغيل
هل هي الأقوى بالعالم والوحيدة؟
هذه الجرافة ليست الأقوى بالعالم، ولكنها الأكثر استخدامًا بالمجالات العسكرية، وقام فريقنا بالبحث عن الجرافات ذات الوزن الثقيل والتي بالمعظم تُستخدم لاستخدامات مدنية، إلا في أميركا وإسرائيل فتختلف المُعادلة..
Komatsu D275A‑5: صناعة يابانية يمتلك قوة تقريبا 410 حصان، ووزن قريب من D9 (50 طن). منافس مباشر. يتميز بضغط أكبر على الأرض، ما يؤثر على قدرته في مساحات محددة. (استخدام مدني بحت)
Komatsu D375A‑8: أقوى (~609 حصان، وبوزن 73 طن)، مخصّص للبيئات الصناعية الضخمة كالمناجم. (استخدام مدني)
Caterpillar D11: صناعة أميركية وهو الأقوى على الإطلاق بمحرك قوته 935 حصان، والوزن 104 طن. أثقل وأقوى، ويستخدم في التعدين ولا يدخل ساحات القتال. (استخدام مدني)
Liebherr 766: صناعة ألمانية أقل قوة (422 حصان، 61 طن) واقتصادي، لكنه لا ينافس بنفس الفئة الثقيلة.

ماذا عن الأقطاب الأُخرى؟
تعتبر الصين وروسيا من أبرز الدول التي طورت بدائل متقدمة ندًا للجرافة العسكرية D9 الأمريكية والآليات الأميركية، حيث تتفوق كل منهما في مجالات مختلفة. الصين تقود الابتكار التكنولوجي من خلال الجرافة العملاقة SD90-C5 التي تزن 106 طن متري بقوة 900 حصان، مما يجعلها أكبر وأقوى من الـ D9 التي تزن 62 طن بقوة 450 حصان. تتميز الجرافة الصينية بتقنيات متطورة مثل التحكم عن بُعد عبر شبكات 5G والذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الجرافة غير المأهولة DH17C2U التي تعمل بالكامل دون تدخل بشري وتستخدم نظام بيدو للملاحة الدقيقة. من ناحية أخرى، تركز روسيا على الخبرة القتالية والمتانة من خلال سلسلة BAT-2 التي تزن 40 طن بقوة 710 حصان، والتي تُعتبر أقل حجماً من الـ D9 لكنها مصممة خصيصاً للعمليات العسكرية الشاقة. كما طورت روسيا الجرافة المدرعة B10M2S بقوة 190 حصان ووزن 23 طن، والمركبة الهندسية IMR-2 بقوة 840 حصان ووزن 44 طن، والتي تمزج بين وظائف الجرافة والرافعة. بينما تتفوق الـ D9 في الحماية والخبرة القتالية المثبتة، تقدم البدائل الصينية قوة فائقة وتكنولوجيا متقدمة، بينما تركز النماذج الروسية على التخصص العسكري والمتانة في الظروف القتالية الصعبة.
دي 9 وقذيفة الياسين 105
منذ أكتوبر 2023، استخدمت كتائب القسام قذيفة الياسين 105 المضادة للدروع، القادرة على اختراق 60 سم من الفولاذ. رغم فعاليتها، فإن إصابة دي 9 بقذيفة الياسين من مسافة قريبة (أقل من 10 أمتار) قد تؤدي إلى توقف مؤقت أو أضرار جزئية، لكن الدروع الثقيلة وأنظمة الحماية الداخلية تمنع التدمير الكامل. أمثلة:
- معركة حي التفاح: أصيبت جرافة بقذيفة ياسين وتوقفت مؤقتًا دون انفجار.
- بيت حانون: أصيبت بقذيفتين وتراجعت جزئيًا قبل استئناف العمل.

تُعد جرافة دي 9 ركيزة أساسية في العمليات العسكرية الإسرائيلية بفضل قوتها، دروعها المتقدمة، وتعدد استخداماتها. شحنة 2025 المكونة من 134 جرافة ستعزز قدرات الجيش الإسرائيلي في ظل التحديات الميدانية. رغم فعاليتها، تظل مثيرة للجدل بسبب استخدامها في هدم البنية التحتية، مما يجعلها موضوع نقاش قانوني وأخلاقي مستمر.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز