spot_img

ذات صلة

جمع

دراسة تركية لحماية تركيا: في ضوء الحرب بين إيران وإسرائيل

شهدت منطقة الشرق الأوسط موجة تصعيد بين قوتين إقليميتين،...

سلمان عودة في حوار ناري: مقارنة بين الشرع والأسد وتفنيد اتهامات التحالف مع إسرائيل

في إطار المتابعة الموضوعية للتطورات السياسية في سوريا الجديدة،...

شركة مايكروسوفت في قلب آلة المراقبة والحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

يكشف تحقيق مشترك نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة +972 وLocal Call عن...

تحقيق استقصائي: مؤسسة غزة الإنسانية – آلة القتل المُقنعة بقناع المساعدات

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي المعمق عن الحقيقة المروعة وراء...

متى يسقط نتنياهو؟ تحليل عميق لمستقبل أطول رؤساء الوزراء خدمة في إسرائيل

في لحظة تاريخية فارقة، يقف بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة في تاريخ البلاد، على حافة أزمة سياسية خانقة قد تطيح بحكومته وتنهي مسيرته السياسية التي امتدت لعقود. فبعد انسحاب حزبين من الأرثوذكس المتشددين من ائتلافه الحاكم في يوليو 2025، أصبح نتنياهو يحكم بحكومة أقلية تسيطر على 50 مقعداً فقط من أصل 120 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي.

تأتي هذه الأزمة في ظل تحديات متعددة الأوجه تحيط بنتنياهو من كل جانب: حرب غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023، ومحاكمة فساد مستمرة منذ سنوات، وعلاقات معقدة مع الإدارة الأمريكية الجديدة، ونسب ثقة جماهيرية متدنية تصل إلى 40% فقط. كل هذه العوامل تجعل السؤال المحوري: “متى يسقط نتنياهو؟” أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.

الأزمة الائتلافية: انهيار الدعائم الأساسية

انسحاب الأحزاب الأرثوذكسية

شهد شهر يوليو 2025 انعطافة حاسمة في مصير حكومة نتنياهو، عندما أعلن حزب “شاس” الأرثوذكسي انسحابه من الائتلاف الحاكم، تبعاً لانسحاب حزب “يهدوت هتوراة المتحدة” (UTJ). جاء هذا القرار احتجاجاً على فشل الحكومة في تمرير قانون يعفي طلاب المدارس الدينية الأرثوذكسية من الخدمة العسكرية الإجبارية، وهي قضية جدلية عمرها عقود في المجتمع الإسرائيلي.

أدى هذا الانسحاب إلى تقليص ائتلاف نتنياهو من 68 مقعداً إلى 50 مقعداً فقط، مما يعني أنه يحكم الآن بأقلية واضحة في الكنيست. وقد صرح ميخائيل مالكيئيلي، وزير حزب شاس، قائلاً: “في الوضع الحالي، من المستحيل الجلوس في الحكومة وأن نكون شركاء فيها”.

استراتيجية البقاء: العطلة البرلمانية كطوق نجاة

رغم خطورة الوضع، يبدو أن نتنياهو قد حصل على مهلة زمنية ثمينة. فالكنيست الإسرائيلي دخل في عطلة صيفية في 27 يوليو 2025 وستستمر حتى أكتوبر، مما يعطي رئيس الوزراء فرصة لإعادة ترتيب أوراقه السياسية دون مواجهة تصويتات ثقة أو تحديات تشريعية فورية.

هذا التوقيت ليس صدفة، بل يعكس براعة نتنياهو السياسية المعهودة في إدارة الأزمات. فكما أشار محللون سياسيون، هذه الفترة ستمنحه فرصة للتفاوض مع الأحزاب المنسحبة وإيجاد حلول وسط حول قضية التجنيد العسكري.

علاقة معقدة مع ترامب: التحالف والتوتر

الدعم الأمريكي غير المشروط

منذ عودة دونالد ترامب للسلطة في يناير 2025، تلقى نتنياهو دعماً أمريكياً غير مسبوق. فقد استأنف ترامب تسليم القنابل الثقيلة (MK-84) التي كانت إدارة بايدن قد علقتها، ورفع العقوبات المفروضة على مجموعات من المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. كما فرض قيوداً على المحكمة الجنائية الدولية رداً على إصدارها مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.

استقبل ترامب نتنياهو كأول ضيف رسمي في البيت الأبيض في ولايته الثانية، وهو ما يعكس الأولوية الخاصة التي توليها الإدارة الأمريكية للعلاقات مع إسرائيل. وقد وصفت مصادر في الإدارة الأمريكية العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية بأنها “استثناء” مقارنة بالعلاقات الفوضوية للولايات المتحدة مع حلفائها الآخرين.

نقاط التوتر والخلاف

رغم الدعم الظاهري، تشهد العلاقة بين الزعيمين توترات خفية. فقد فوجئ ترامب الأسبوع الماضي بالأعمال الإسرائيلية في غزة وسوريا، مما دفعه للاتصال بنتنياهو لـ”تصحيح” الوضع. وقد عبرت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت عن “عدم رضا الرئيس عن القصف في سوريا وغزة”.

كما انتقد ترامب نتنياهو بعد قصف إسرائيلي استهدف الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة، حيث وصف البيت الأبيض رد فعل ترامب بأنه “لم يكن إيجابياً”. هذه الحوادث تكشف عن حدود الدعم الأمريكي وقلق ترامب من أن تؤثر الأعمال الإسرائيلية على أجندته الدبلوماسية في المنطقة.

التلاعب المتبادل

يؤكد محللون أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو تتسم بـ”الشك المتبادل” رغم التحالف الظاهري. فكل منهما يحاول استغلال الآخر لخدمة مصالحه السياسية. ترامب يريد الاستفادة من نتنياهو لتوسيع اتفاقيات إبراهيم وتحقيق إنجازات دبلوماسية، بينما يسعى نتنياهو لضمان الدعم الأمريكي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

وفي لفتة رمزية مثيرة، قدم نتنياهو لترامب خلال عشاء في البيت الأبيض رسالة ترشيح لجائزة نوبل للسلام، قائلاً: “إنه يصنع السلام بينما نتحدث، في دولة تلو الأخرى ومنطقة تلو الأخرى”. هذه الإيماءة تعكس فهم نتنياهو العميق لنقاط ضعف ترامب ورغبته في الحصول على الجائزة.

نظرة الغرب: من الحليف إلى المتهم

التوتر مع الاتحاد الأوروبي

تشهد العلاقات بين نتنياهو والاتحاد الأوروبي تدهوراً مستمراً منذ سنوات. فقد وصف نتنياهو سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل بأنها “مجنونة”، مؤكداً أن “الاتحاد الأوروبي هو الجمعية الوحيدة للدول في العالم التي تشرط علاقاتها مع إسرائيل بشروط سياسية”.

أصدرت الحكومة الإسرائيلية إدانة قاسية للاتحاد الأوروبي بعد مراجعة الأخير لاتفاقية الشراكة الاقتصادية مع إسرائيل، واصفة قرار بروكسل بـ”الشائن وغير اللائق”. وقد اتهمت إسرائيل مسؤولي الاتحاد الأوروبي بالاعتماد على أدلة متحيزة وعدم منح إسرائيل فرصة عادلة للرد.

مذكرة الاعتقال والعزلة الدولية

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة. هذا القرار وضع نتنياهو في موقف محرج دولياً، حيث أصبح مطلوباً للعدالة الدولية.

رغم ذلك، لم تقطع أي من الدول الأوروبية الـ27 علاقاتها مع الرجل المتهم بجرائم الحرب، كما فعلت مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وقد شكك عدد من القادة الأوروبيين في شرعية مذكرة الاعتقال، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا، مما أثار تساؤلات حول فعالية المحكمة الجنائية الدولية.

الانقسام داخل أوروبا

تنقسم الدول الأوروبية في موقفها من نتنياهو وسياساته. فبينما تدعم دول مثل المجر وجمهورية التشيك سياساته، تتخذ دول أخرى مثل إسبانيا وأيرلندا موقفاً انتقادياً حاداً. وقد صوتت 13 دولة أوروبية لصالح قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب إسرائيل بإنهاء وجودها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما امتنعت 12 دولة وعارضت دولتان فقط.

العلاقات العربية: بين التطبيع والرفض

اتفاقيات إبراهيم: إنجاز تحت الضغط

تُعتبر اتفاقيات إبراهيم التي وُقعت في سبتمبر 2020 من أبرز الإنجازات الدبلوماسية في عهد نتنياهو. هذه الاتفاقيات أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل وأربع دول عربية: الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان.

وقد وصف نتنياهو الاتفاقية مع الإمارات بأنها “إنجاز تاريخي نحو السلام في الشرق الأوسط وإطلاق عهد جديد” في العلاقات الإسرائيلية العربية. ونتيجة لهذه الاتفاقيات، تم تبادل السفراء وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، مع زيارات رسمية متبادلة بين القادة.

التحدي السعودي

يبقى التطبيع مع المملكة العربية السعودية الهدف الأكبر والأكثر تعقيداً بالنسبة لنتنياهو. فرغم الجهود المستمرة منذ سنوات، تصر الرياض على ربط أي تطبيع بإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وقد اقترح نتنياهو في فبراير 2025 حلاً مثيراً للجدل، قائلاً: “السعوديون يمكنهم إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، لديهم الكثير من الأراضي هناك”. هذا التصريح أثار غضباً سعودياً واسعاً، حيث أكدت وزارة الخارجية السعودية على “التزام المملكة الثابت بإقامة دولة فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية”.

تأثير حرب غزة على التطبيع

أثرت حرب غزة المستمرة منذ أكتوبر 2023 بشكل كبير على مسار التطبيع العربي-الإسرائيلي. فقد علقت السعودية مفاوضات التطبيع، مؤكدة أن “إقامة دولة فلسطينية شرط مسبق لأي اتفاق”. كما شهدت البلدان الموقعة على اتفاقيات إبراهيم انتقادات شعبية واسعة لسياساتها تجاه إسرائيل.

وقد أشار خبراء إلى أن “الغالبية العظمى من السكان العرب ترفض التطبيع مع إسرائيل، حتى في البلدان المشاركة في اتفاقيات إبراهيم”. هذا الرفض الشعبي يضع ضغوطاً إضافية على الحكومات العربية المطبعة ويجعل مستقبل هذه الاتفاقيات محل تساؤل.

قضايا الفساد: الهدايا والمحاكمة

القضايا الثلاث الرئيسية

يواجه نتنياهو منذ 2019 اتهامات فساد خطيرة في ثلاث قضايا رئيسية تُعرف بالقضايا 1000 و2000 و4000. هذه القضايا تتضمن تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وجميعها ينكرها نتنياهو بشدة.

🟥 القضية 1000 (قضية الهدايا): تتهم نتنياهو وزوجته سارة بتلقي هدايا باهظة الثمن تقدر بحوالي 700 ألف شيكل (210 آلاف دولار) من رجلي أعمال ثريين هما أرنون ميلتشان المنتج في هوليوود والملياردير الأسترالي جيمس باكر. الهدايا شملت صناديق السيجار وحالات الشمبانيا، والتي وصفها المدعون بأنها شكلت “قناة إمداد مستمرة”.

🟥 القضية 2000: تتعلق بمفاوضات نتنياهو مع أرنون موزيس، مالك صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لتحسين التغطية الإعلامية مقابل تشريعات تضر بصحيفة منافسة.

🟥 القضية 4000: الأخطر على الإطلاق، حيث يُتهم نتنياهو بمنح تسهيلات تنظيمية بقيمة 1.8 مليار شيكل (حوالي 500 مليون دولار) لشركة بيزك للاتصالات مقابل تغطية إعلامية إيجابية على موقع إخباري تسيطر عليه الشركة.

قائمة الهدايا الفاحشة

كشف مكتب رئيس الوزراء في يوليو 2025 عن قائمة كاملة بالهدايا التي تلقاها المسؤولون الحكوميون خلال الفترة من 2017 إلى 2025. القائمة تُظهر أن نتنياهو تلقى أكثر من 1000 هدية خلال فترة رئاسته للوزراء، بما في ذلك سيجار باهظ الثمن وملابس وكتب، بل وحتى شوكولاتة على شكله وشكل زوجته سارة.

هذه الكشوفات تأتي في إطار قضايا الفساد المرفوعة ضده، حيث يُطلب من المسؤولين الحكوميين تسليم معظم الهدايا لأمين الخزانة في وزارة العدل كإجراء ضد الفساد.

الشهادة التاريخية

في ديسمبر 2024، أصبح نتنياهو أول رئيس وزراء إسرائيلي في المنصب يدلي بشهادته في محاكمة جنائية. وقد قال خلال شهادته: “لقد كنت أنتظر ثماني سنوات لهذه اللحظة لأقول الحقيقة… أنا أقود البلاد عبر حرب على سبع جبهات. وأعتقد أن الأمرين يمكن القيام بهما بالتوازي”.

تستمر جلسات استماع شهادة نتنياهو ثلاث مرات أسبوعياً، ومن المتوقع أن تنتهي بحلول 7 مايو 2025. وتحت القانون الإسرائيلي، ليس مطلوباً من رئيس الوزراء الاستقالة ما لم تتم إدانته من قبل المحكمة العليا، وهي عملية قد تستغرق عدة أشهر.

السيناريوهات المحتملة: خمسة مسارات لمستقبل نتنياهو

السيناريو الأول: الاستمرار في السلطة حتى 2026

يبقى هذا السيناريو الأكثر احتمالاً حالياً، خاصة مع دخول الكنيست في العطلة الصيفية حتى أكتوبر 2025. يدرك أعضاء الائتلاف أن حل الكنيست الحالي والذهاب لانتخابات مبكرة لن يضمن لهم نفس عدد المقاعد التي يحتلونها حالياً، كما تشير استطلاعات الرأي الحديثة.

وبناء على البيانات القانونية والسياسية الحالية، من المرجح أن تستمر حكومة نتنياهو في السلطة، ربما حتى بعد انتهاء حرب غزة وربما حتى نهاية فترة الكنيست الحالية في ديسمبر 2026. طالما أن الائتلاف الحاكم يحافظ على تماسكه، فمن غير المحتمل وجود ثغرات قانونية يمكن أن تطيح بحكومة نتنياهو ضد إرادته.

السيناريو الثاني: سقوط الحكومة بسبب انسحاب الأحزاب الائتلافية

يمكن أن تسقط حكومة نتنياهو إذا انسحب أحد الأحزاب الائتلافية الرئيسية، خاصة حزب “الصهيونية الدينية” بقيادة بتسلئيل سموتريتش أو حزب “عوتسما يهوديت” بقيادة إيتمار بن غفير. وقد هدد كلا الوزيرين بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على وقف إطلاق نار في غزة.

لكن كلا الرجلين يدركان أن الرأي العام ليس في صالحهما حالياً، لذا لن يتخذا هذه الخطوة إلا إذا شعرا أنهما على وشك فقدان قاعدتهما الانتخابية وأن الانسحاب من الحكومة في لحظة معينة قد يقوي موقفهما الانتخابي.

السيناريو الثالث: انقسام داخلي في حزب الليكود

تعتقد المعارضة أن هناك فرصة لاستغلال استياء بعض أعضاء الليكود من قانون الخدمة العسكرية للشباب الأرثوذكس وتحويل هذا إلى شرخ داخلي كبير. قد يؤدي هذا إلى تمرد حوالي 17 عضواً من أصل 32 يمثلون الليكود في الكنيست ضد الحزب والدفع نحو إسقاط الحكومة.

هذا السيناريو يعتمد على قدرة المعارضة على إقناع أعضاء الليكود بأن مصلحة إسرائيل تتطلب تغيير القيادة، وهو أمر صعب التحقيق نظراً لولاء معظم أعضاء الليكود الشخصي لنتنياهو.

السيناريو الرابع: فشل في تمرير الموازنة

إذا فشلت الحكومة في تمرير موازنة 2025 خلال ثلاثة أشهر من بداية السنة المالية الجديدة، فستضطر للاستقالة تلقائياً. لكن نظراً لأن حكومة نتنياهو نجحت في تمرير موازنة 2024، فإن التاريخ المحتمل التالي لهذا السيناريو هو مارس 2025 ولكن نجحت في تمرير موازنة 2025.

نتائج التصويت:

  • موافقة: 66 عضو كنيست

  • معارضة: 52 عضو كنيست

حجم الموازنة:

  • 620 مليار شيكل (حوالي 169 مليار دولار أمريكي)

  • تُعتبر أكبر موازنة في تاريخ إسرائيل

التوزيع الأساسي للموازنة:

🟥 الدفاع: 109.8 مليار شيكل (حوالي 30 مليار دولار)

🟥 التعليم: 92 مليار شيكل (حوالي 25 مليار دولار)

🟥 الصحة: 60 مليار شيكل (حوالي 16 مليار دولار)

🟥 نسبة العجز: 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي

الأثر السياسي:

✅ منع سقوط حكومة نتنياهو: تمرير الموازنة قبل الموعد النهائي منع الحل التلقائي للكنيست وإجراء انتخابات مبكرة

✅ استقرار الائتلاف: عودة حزب “عوتسما يهوديت” بقيادة إيتمار بن غفير للائتلاف ساعد في تأمين الأصوات المطلوبة

السيناريو الخامس: صفقة سياسية لما بعد الحرب

قد يبرم نتنياهو صفقة سياسية بعد انتهاء حرب غزة، يتنازل بموجبها عن منصبه أو يوافق على عدم الترشح مقابل إسقاط بعض التهم الموجهة ضده وضمان عدم إدانته أو سجنه. حالياً، لا يبدو نتنياهو مائلاً لإبرام مثل هذه الصفقة، لكن هذا قد يتغير بعد الحرب إذا تزايدت الضغوط عليه.

السيناريوهات الخمس التي أمام نتنياهو لتحقيق أقصى فترة حكم ممكن له
السيناريوهات الخمس التي أمام نتنياهو لتحقيق أقصى فترة حكم ممكن له

تأثير حرب غزة على المشهد السياسي

الحرب كأداة سياسية

يتهم منتقدو نتنياهو، بمن فيهم وزير الدفاع السابق يوآف غالانت ورئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي ومدير الشاباك السابق رونين بار، بأنه يستخدم الحرب كأداة سياسية للبقاء في السلطة. فقد حذروا نتنياهو مراراً من أنه بدون خطة واضحة لـ”اليوم التالي” في غزة، ستصبح أي انتصارات عسكرية عديمة المعنى.

لكن نتنياهو رفض منهجياً كل جهد دبلوماسي لأن معظمها تضمن دوراً للسلطة الفلسطينية، وهو ما يرفضه لأسباب سياسية لتجنب التوصل لوقف إطلاق نار قد يؤدي حتماً لتشكيل لجنة تحقيق حكومية وربما يدفعه لانتخابات جديدة.

استطلاعات الرأي والثقة الجماهيرية

تُظهر استطلاعات الرأي الحديثة صورة قاتمة لنتنياهو ومستقبله السياسي. فحسب استطلاع أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في يونيو 2025، فإن 40% فقط من الجمهور الإسرائيلي يثق بنتنياهو، بينما تصل نسبة الثقة بين العرب الإسرائيليين إلى 10% فقط.

كما كشف استطلاع آخر أن 87% من الإسرائيليين يعتقدون أن نتنياهو يجب أن يتحمل مسؤولية أحداث 7 أكتوبر، و73% يريدونه أن يستقيل إما الآن أو بعد انتهاء حرب غزة. هذه الأرقام تعكس حجم الأزمة التي يواجهها نتنياهو على المستوى الشعبي.

الانتصار على إيران: نهضة سياسية مؤقتة

شهد نتنياهو انتعاشة سياسية ملحوظة بعد العمليات العسكرية الناجحة ضد إيران في يونيو 2025. فقد ارتفعت نسبة الثقة به بين اليهود الإسرائيليين من 31% في مايو إلى 42% في يونيو. وقد وصف مسؤول إسرائيلي من الائتلاف هذه اللحظة بأنها “لحظة تشرشل” لنتنياهو.

لكن هذا الانتعاش لم يدم طويلاً، حيث عادت الاحتجاجات ضده بعد استئناف القتال في غزة وانسحاب الأحزاب الأرثوذكسية من ائتلافه. هذا يُظهر أن النجاحات العسكرية المؤقتة لا تكفي لحل الأزمات السياسية العميقة التي يواجهها.

الخلاصة: مستقبل محفوف بالمخاطر

بعد تحليل عميق للمشهد السياسي المعقد المحيط ببنيامين نتنياهو، يمكن القول إن مستقبله السياسي يقف على مفترق طرق خطير. فرغم مهارته السياسية الاستثنائية في النجاة من الأزمات، إلا أن التحديات الحالية تبدو أكثر تعقيداً وخطورة من أي وقت مضى.

الأزمة الائتلافية الحالية، مع فقدان الأغلبية البرلمانية، تضع نتنياهو في موقف ضعيف غير مسبوق. وبينما قد تمنحه العطلة البرلمانية مهلة زمنية للمناورة، إلا أن الحلول طويلة المدى تبدو صعبة المنال. فالصراع حول قانون التجنيد العسكري للأرثوذكس المتشددين ليس مجرد خلاف تقني، بل يمس جوهر الهوية الإسرائيلية والعقد الاجتماعي في البلاد.

على المستوى الدولي، تواجه حكومة نتنياهو تحديات متزايدة. فبينما تحظى بدعم إدارة ترامب، إلا أن هذا الدعم مشروط ومحدود. العلاقات مع أوروبا في أسوأ حالاتها، ومذكرة الاعتقال الدولية تضع قيوداً على حركته الدبلوماسية. كما أن مشروع التطبيع مع الدول العربية، خاصة السعودية، يواجه عقبات كبيرة بسبب استمرار حرب غزة والرفض العربي لسياساته تجاه الفلسطينيين.

أما قضايا الفساد المستمرة فتبقى سيفاً مسلطاً على رقبته السياسية. فبينما قد تستغرق المحاكمة شهوراً أو حتى سنوات أخرى، إلا أن الضرر السياسي والأخلاقي يتراكم مع كل جلسة استماع.

في النهاية، السؤال ليس “هل سيسقط نتنياهو؟” بل “متى ومن أين ستأتي الضربة القاضية؟” قد تكون من داخل ائتلافه المتفكك، أو من الشارع الإسرائيلي الغاضب، أو من المحاكم، أو حتى من “حلفائه” في واشنطن. ما هو مؤكد أن نتنياهو يخوض أصعب معركة في مسيرته السياسية الطويلة، ومهاراته في النجاة السياسية تواجه اختباراً حقيقياً قد يحدد مصيره النهائي.

إن التاريخ السياسي الإسرائيلي مليء بالمفاجآت، ولطالما فاجأ نتنياهو منتقديه بقدرته على البقاء. لكن هذه المرة، قد تكون القوى المجتمعة ضده أقوى من قدرته على المناورة والنجاة. الأشهر القادمة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان “ملك البقاء السياسي” سيتمكن من النجاة مرة أخرى، أم أن عهد نتنياهو الطويل في السلطة يقترب من نهايته.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img