spot_img

ذات صلة

جمع

سلمان عودة في حوار ناري: مقارنة بين الشرع والأسد وتفنيد اتهامات التحالف مع إسرائيل

في إطار المتابعة الموضوعية للتطورات السياسية في سوريا الجديدة،...

شركة مايكروسوفت في قلب آلة المراقبة والحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

يكشف تحقيق مشترك نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة +972 وLocal Call عن...

تحقيق استقصائي: مؤسسة غزة الإنسانية – آلة القتل المُقنعة بقناع المساعدات

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي المعمق عن الحقيقة المروعة وراء...

ريتشارد هيوز.. مهندس ميركاتو ليفربول التاريخي

عندما ترى ريتشارد هيوز يصافح المدرب الهولندي آرني سلوت...

متى ستنتهي حرب غزة؟ تحليل استراتيجي معمق للسيناريوهات المحتملة وآخر موعد للحسم

بعد أكثر من 21 شهراً من الحرب المدمرة على قطاع غزة، والتي خلفت أكثر من 100 ألف شهيد غزي، نقف اليوم أمام نقطة تحول استراتيجية في مسار الصراع. هذا التحليل يكشف أن الحرب دخلت مرحلة “الحسم النهائي” التي لن تمتد لأكثر من 3أشهر إضافية، وأن الحديث الإسرائيلي عن تحديد موعد أكتوبر 2025 كآخر موعد لانتهاء الحرب ليس مجرد تكتيك سياسي، بل ضرورة استراتيجية تفرضها المعادلات الجديدة على الأرض. السيناريو الأقوى يشير إلى نهاية تدريجية للعمليات العسكرية خلال الأشهر الستة القادمة، مع احتمال ضئيل لتنفيذ سيناريو التهجير الكامل رغم الجهود الإسرائيلية المكثفة في هذا الاتجاه.

الضغوط الحاسمة التي تدفع نحو نهاية الحرب

العامل الأميركي: من الدعم المطلق إلى الضغط المتزايد

تشهد العلاقة الأميركية-الإسرائيلية تحولاً جذرياً مع إدارة ترامب الثانية، حيث تتزايد الضغوط الأميركية على تل أبيب لإنهاء الحرب أو وضع جدول زمني واضح لذلك. الرئيس ترامب، الذي يسعى لتصوير نفسه كصانع السلام في الشرق الأوسط، يدرك أن استمرار الحرب يضر بمصالحه الاقتصادية والسياسية الأوسع. المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف يمارس ضغوطاً مباشرة على نتنياهو لإتمام صفقة شاملة تشمل وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً كمرحلة أولى رغم رفض الولايات المتحدة حكم حماس “المتحكم الفعلي في قطاع غزة” وفق كلامهم.

الولايات المتحدة تواجه ضغوطاً دولية متزايدة بسبب دعمها اللامحدود لإسرائيل، مما يضعف نفوذها في المنطقة ويهدد علاقاتها مع الحلفاء العرب. كما أن التكلفة الاقتصادية للحرب على الاقتصاد الأميركي، من خلال الدعم العسكري المستمر، تضغط على الإدارة الأميركية لإيجاد مخرج سريع.

الاستنزاف العسكري الإسرائيلي: حدود القوة

تواجه إسرائيل تحدياً عسكرياً غير مسبوق يتمثل في استنزاف طويل الأمد لا يمكن احتماله لفترة أطول. الجيش الإسرائيلي يواجه صعوبات لوجستية وبشرية جمة، حيث تم تجنيد 450,000 جندي احتياطي، مما يضع عبئاً هائلاً على الاقتصاد الإسرائيلي. فقدان عدد من الجنود بشكل شبه يومي، يؤدي إلى تزعزع الجنود وعدم رؤية من المستوى السياسي لتزويد المستوى العسكري بـ “إلى أين؟!”.

القيادة العسكرية الإسرائيلية تصرح بوضوح أنه “لا مبرر عسكرياً لاستمرار الحرب على غزة” سوى محاولة تحقيق أهداف سياسية لنتنياهو. هذا التناقض بين التقديرات العسكرية والقرارات السياسية يخلق توتراً داخلياً في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

التآكل السياسي الداخلي في إسرائيل

الائتلاف الحكومي لنتنياهو يواجه تحديات وجودية، حيث تهدد أحزاب اليمين المتطرف بالانسحاب من الحكومة في حال عدم تحقيق “نصر حاسم”. في المقابل، أحزاب المعارضة تضغط لإنهاء الحرب فوراً وإجراء انتخابات مبكرة. هذا الوضع يضع نتنياهو في مأزق سياسي لا يمكن الخروج منه إلا بإنهاء الحرب بطريقة تحفظ ماء وجهه سياسياً.

سيناريوهات نهاية الحرب: التحليل الاستراتيجي

السيناريو الأول: النهاية التدريجية المتفاوض عليها (الاحتمال: 65%)

هذا هو السيناريو الأقوى والأكثر واقعية، ويتضمن:

المرحلة الأولى: هدنة مؤقتة لمدة 60-90 يوماً تشمل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، مع انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من المناطق المدنية. هذه المرحلة ستشهد دخولاً مكثفاً للمساعدات الإنسانية وبدء عمليات الإغاثة.

المرحلة الثانية: تحويل الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار مع ترتيبات أمنية جديدة تشمل دوراً لقوات عربية ودولية في إدارة القطاع. إسرائيل ستحتفظ بسيطرة أمنية على المعابر والحدود البحرية والجوية.

العوامل المساعدة: الضغط الأميركي المتزايد، الدعم العربي (مصر والأردن) لخطة إعادة الإعمار  “طبعًا بما يتوافق مع رؤية إسرائيل لأنها صاحبة الكلمة قبل الدول العربية في هذا الأَمر، والإرهاق العسكري الإسرائيلي.

السيناريو الثاني: التصعيد الأخير قبل الانهيار (الاحتمال: 25%)

يتضمن هذا السيناريو محاولة إسرائيلية أخيرة لتحقيق “نصر حاسم” من خلال:

عملية عسكرية واسعة في شمال القطاع لتدمير ما تبقى من قدرات حماس العسكرية، مع إعلان منطقة عسكرية مغلقة في شمال غزة. هذا التصعيد سيستمر 3-4 أشهر قبل أن تضطر إسرائيل للتراجع تحت ضغط دولي هائل.

المخاطر: توسع الحرب لتشمل الضفة الغربية ولبنان، مما يجبر إسرائيل على القتال على جبهات متعددة بموارد محدودة.

السيناريو الثالث: التجميد بلا حل (الاحتمال: 10%)

استمرار الوضع الحالي بكثافة قتال منخفضة حتى أكتوبر 2025، مع عمليات محدودة تهدف للحفاظ على الضغط على حماس دون تحقيق انتصار حاسم. هذا السيناريو الأقل احتمالاً نظراً للضغوط المتزايدة من جميع الاتجاهات.

سيناريو التهجير: التحليل المعمق لإمكانية التنفيذ

الخطة الإسرائيلية للتهجير: الآليات والأهداف

إسرائيل وضعت خطة متكاملة للتهجير تشمل ثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى – التجويع الممنهج: استخدمت إسرائيل استراتيجية “هندسة التجويع” منذ مايو 2024 لجعل الحياة في غزة مستحيلة. تدمير البنية التحتية الزراعية والصحية والتعليمية بنسبة تزيد عن 70% يهدف لإرغام السكان على البحث عن بدائل خارج القطاع.

المرحلة الثانية – إنشاء “المدينة الإنسانية”: خطة وزير الدفاع الإسرائيلي لإقامة مدينة مغلقة في رفح لتجميع 600,000 فلسطيني كمرحلة أولى، تمهيداً لتشجيع “الهجرة الطوعية” إلى دول ثالثة. هذه المدينة ستكون تحت إشراف دولي بحراسة إسرائيلية، مما يعني عملياً اعتقال جماعي لسكان القطاع.

المرحلة الثالثة – التهجير الخارجي: إنشاء إدارة رسمية في وزارة الدفاع الإسرائيلية “لتسهيل الانتقال الطوعي” للفلسطينيين إلى دول أخرى. هذه الإدارة ستنسق مع دول ثالثة لاستيعاب المهجرين مقابل حوافز مالية.

العوائق الحاسمة أمام تنفيذ السيناريو

الرفض العربي القاطع: مصر والأردن أكدا رفضهما المطلق لأي مخططات تهجير، معتبرين ذلك تهديداً لأمنهما القومي. الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني شددا في اتصال هاتفي أخير على “ضرورة تثبيت الفلسطينيين على أرضهم” ورفض “مشاريع التهجير والتوطين”.

الرفض الدولي المتزايد: المجتمع الدولي، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، يعتبر التهجير الجماعي جريمة حرب وشكلاً من أشكال التطهير العرقي. حتى إدارة ترامب، رغم دعمها لإسرائيل، تدرك أن التهجير سيضر بمصالح أمريكا الإقليمية.

الصمود الفلسطيني: رغم الظروف الكارثية، يؤكد 89% من سكان غزة تمسكهم بالبقاء في أرضهم ورفضهم لأي تهجير. هذا الصمود الشعبي يجعل التهجير “الطوعي” مستحيلاً عملياً.

التكلفة الاقتصادية الباهظة: تهجير 2.2 مليون فلسطيني سيتطلب أموالاً طائلة لا تملكها إسرائيل، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها بسبب الحرب.

ولكن لا نستبعد أن توفر دول عربية أُخرى أماكن للفلسطينين بضغوط أميركية على هذه الدول أو تسهيلات لهذه الدول، ورُبما الضغط على بعض الدول الخليجية في إطار اتفاقيات معينة من الاستفادة من أموالهم، في سبيل ترحيل هذا العدد الكبير إلى دول مثل إندونيسيا أو جنوب إفريقيا

تقييم إمكانية التنفيذ: 25% فقط وفق وجهة نظري 

التحليل الواقعي يشير إلى أن احتمال نجاح سيناريو التهجير الكامل لا يتجاوز 25%، وحتى في حال المحاولة، فسيكون تهجيراً جزئياً لا يتجاوز 200,000-300,000 شخص. العوائق السياسية والاقتصادية والاجتماعية تجعل هذا السيناريو أقرب للخيال منه للواقع.

آخر موعد لانتهاء الحرب: التحليل الزمني الحاسم

الموعد النهائي: أكتوبر 2025

التحليل الاستراتيجي المعمق يؤكد أن أكتوبر 2025 هو فعلاً آخر موعد محتمل لاستمرار الحرب، وذلك للأسباب التالية:

🟥 السبب الأول – الدورة الانتخابية الأميركية: انتخابات التجديد النصفي الأميركية في نوفمبر 2026 تتطلب من ترامب إظهار إنجازات سياسية واضحة، مما يعني ضرورة حل أزمة غزة قبل دخول العام الانتخابي.

🟥 السبب الثاني – حدود التحمل الإسرائيلي: إسرائيل لا تستطيع تحمل حرب استنزاف لأكثر من عامين دون تحقيق أهداف واضحة. التكلفة اليومية للحرب 81-272 مليون دولار يومياً، مما يستنزف الاحتياطيات المالية الإسرائيلية.

🟥 السبب الثالث – المعادلة الإقليمية: التوترات مع إيران وحزب الله تتطلب من إسرائيل إنهاء جبهة غزة للتركيز على التهديدات الأخرى، على الرغم من شبه حسم الأمور معهم.

معادلة الحسم النهائي

تدخل حرب غزة مرحلتها الأخيرة تحت ضغط معادلة استراتيجية جديدة تجمع بين الإرهاق العسكري الإسرائيلي، والضغط الأمريكي المتزايد، والصمود الفلسطيني المستمر، والرفض الإقليمي والدولي للتهجير. السيناريو الأقوى يشير إلى نهاية تدريجية للحرب خلال الأشهر الستة إلى الثمانية القادمة، مع استبعاد شبه تام لسيناريو التهجير الكامل.

الموعد النهائي المطلق لانتهاء الحرب هو أكتوبر 2025، وبعد هذا التاريخ ستصبح إسرائيل مضطرة لقبول تسوية متاحة تحت ضغط دولي هائل. تحولت الحرب من “حرب خاطفة” إلى حرب استنزاف طويلة غيرت موازين القوى في المنطقة إلى الأبد وتسببت في إرهاق القوة النظامية.

يبقى هذا التحليل، يحتمل الخطأ والصواب، ورُبما تتجدد بعض الأزمات أو الظروف التي تغير المشهد كليًا، وما ذلك على الله بعزيز ونأمل أن يكون في صالح القضية الفلسطينية وصالح الشعب الغزي الذي عانى الأمرين في هذه الإبادة الجماعية التي يتعرض لها.

إسماعيل مقبل

صحفي فلسطيني من غزة – كاتب بالشأن السياسي والعسكري بمنصة الواقع العربي، كما أملك خبرات بالتصميم الفني والإبداعي

spot_imgspot_img