spot_img

ذات صلة

جمع

دراسة تركية لحماية تركيا: في ضوء الحرب بين إيران وإسرائيل

شهدت منطقة الشرق الأوسط موجة تصعيد بين قوتين إقليميتين،...

سلمان عودة في حوار ناري: مقارنة بين الشرع والأسد وتفنيد اتهامات التحالف مع إسرائيل

في إطار المتابعة الموضوعية للتطورات السياسية في سوريا الجديدة،...

شركة مايكروسوفت في قلب آلة المراقبة والحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

يكشف تحقيق مشترك نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة +972 وLocal Call عن...

تحقيق استقصائي: مؤسسة غزة الإنسانية – آلة القتل المُقنعة بقناع المساعدات

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي المعمق عن الحقيقة المروعة وراء...

الصفقات العسكرية العربية: تحولات استراتيجية في ميزان القوى الإقليمي

تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولات جذرية في المشهد العسكري والأمني، حيث تسعى الدول العربية إلى تعزيز قدراتها الدفاعية وتحديث ترسانتها العسكرية في ظل تصاعد التحديات الإقليمية والدولية. وفي مقدمة هذه التطورات، تبرز مصر كنموذج للتطوير العسكري المتقدم، حيث شهدت عام 2025 توقيع صفقات عسكرية استراتيجية بقيمة تتجاوز 6.6 مليار دولار، مما يعكس حرص القيادة المصرية على مواكبة أحدث التطورات في تكنولوجيا الدفاع

الصفقات العسكرية المصرية: نحو تنويع مصادر التسليح

منظومة الدفاع الجوي الأمريكية NASAMS

تأتي صفقة منظومة الدفاع الجوي الأمريكية NASAMS بقيمة 4.67 مليار دولار كأبرز الصفقات العسكرية المصرية في 2025، والتي وافقت عليها وزارة الخارجية الأمريكية في يوليو الماضي. تشمل هذه الصفقة الشاملة أربعة رادارات من طراز AN/MPQ-64F1 Sentinel، و100 صاروخ من نوع AMRAAM-ER، و100 صاروخ AIM-120C-8 AMRAAM، بالإضافة إلى 600 صاروخ تكتيكي من طراز AIM-9X Sidewinder Block II.

صورة لمنظومة الدفاع الجوي الأمريكية NASAMS
صورة لمنظومة الدفاع الجوي الأمريكية NASAMS

تُعد منظومة NASAMS من أحدث أنظمة الدفاع الجوي في العالم، والتي تستخدمها 13 دولة حالياً، بما في ذلك الولايات المتحدة التي تعتمد عليها في حماية العاصمة واشنطن منذ عام 2005. تتميز المنظومة بقدرتها على كشف وتتبع الطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات وصواريخ كروز والطائرات المسيرة والاشتباك معها وتدميرها، مع إمكانية التعامل مع 72 هدفاً في وقت واحد.

تطوير القدرات البحرية والرادارية

في إطار تعزيز القدرات البحرية، وافقت الإدارة الأمريكية على صفقة تطوير أسطول لنشات الصواريخ السريعة بقيمة تقارب 625 مليون دولار، والتي تشمل تحديث أربع زوارق صاروخية من طراز “أمباسادور إم كي 3” بأنظمة قتالية متطورة “CombatS-21”. كما تضمنت الموافقات الأمريكية شراء رادار AN/TPS-78 بعيد المدى بمدى يصل إلى 444 كيلومتر بتكلفة تقارب 304 مليون دولار.

التعاون مع القوى الآسيوية الصاعدة

منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B

في خطوة تعكس التوجه المصري نحو تنويع مصادر التسليح، أكدت المصادر العسكرية وصول منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B بمدى يصل إلى 300 كيلومتر، والتي يُعتقد أنها أصبحت عملية مطلع 2025. تُعد هذه المنظومة من أحدث أنظمة الدفاع الجوي الصينية، والتي تعزز من القدرات الدفاعية المصرية في مواجهة التهديدات الجوية المختلفة.

منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B
منظومة الدفاع الجوي الصينية HQ-9B

مفاوضات طائرات FA-50 الكورية الجنوبية

تشير التقارير العسكرية المتخصصة إلى مفاوضات متقدمة بين مصر وكوريا الجنوبية لشراء طائرات هجومية وتدريبية متطورة من طراز FA-50 Fighting Eagle، في صفقة قد تصل قيمتها إلى مليار دولار مع إمكانية نقل تقنية التصنيع المحلي. تُعد طائرة FA-50 منصة متعددة المهام تتمتع بقدرات هجومية وتدريبية متقدمة، وقد أثارت اهتمام القيادة المصرية بعد العرض الجوي المتميز الذي قدمه فريق “النسور السوداء” الكوري الجنوبي خلال “عرض الأهرامات الجوي 2022”.

صورة لإحدى طائرات FA-50 الكورية الجنوبية
صورة لإحدى طائرات FA-50 الكورية الجنوبية

الصفقات العسكرية العربية في السياق الإقليمي

السعودية: نحو أكبر صفقة تسليح في التاريخ

تصدرت المملكة العربية السعودية المشهد العسكري العربي من خلال الإعلان عن صفقة تسليحية ضخمة مع الولايات المتحدة تبلغ قيمتها 142 مليار دولار، في ما وُصف بأنه أكبر صفقة سلاح في تاريخ التعاون العسكري بين البلدين. تشمل هذه الصفقة خمسة مسارات رئيسية تغطي القوات الجوية والبحرية والبرية، بالإضافة إلى الدفاع الجوي والفضاء الإلكتروني، مع دعم سلاح الجو السعودي بمنصات طيران حديثة وطائرات استطلاع ومسيّرات متطورة7.

من أبرز ملامح هذه الصفقة طلب ألف صاروخ جو-جو من طراز AMRAAM، مما يعزز فعالية الطائرات السعودية من طراز F-15 ويمنحها قدرات قتالية متقدمة. ومع ذلك، تبقى مسألة حصول السعودية على طائرات F-35 غير محسومة، حيث تلتزم الولايات المتحدة بسياسة ضمان التفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

الإمارات: مركز إقليمي للصناعات الدفاعية

حققت دولة الإمارات العربية المتحدة نجاحاً ملحوظاً في معرضي الدفاع الدولي “آيدكس” و”نافدكس 2025″، حيث استحوذت الشركات الإماراتية على 68% من إجمالي الصفقات المُبرمة بقيمة إجمالية تجاوزت 25 مليار درهم (نحو 6.8 مليار دولار). يعكس هذا التطور مدى التقدم التقني والقدرات الإنتاجية المتزايدة في القطاع الدفاعي الإماراتي.

وفي إطار جهود توطين الصناعات العسكرية، زادت الحكومة الإماراتية من فرص تمكين الشركات المحلية من التوسع في الصناعات الدفاعية، مما يساهم في تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الواردات.

قطر: قفزة نوعية في الواردات العسكرية

شهدت قطر تطوراً لافتاً في استيراد الأسلحة، حيث قفزت من المرتبة الـ17 عالمياً في الفترة 2013-2017 إلى المرتبة الثالثة عالمياً في الفترة 2018-2022، بنسبة ارتفاع بلغت 311%. وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، استحوذت قطر على 6.8% من واردات السلاح العالمية في الفترة 2020-2024.

دول المغرب العربي: تطلعات متنامية

المغرب: تعزيز القدرات الدفاعية

يسعى المغرب إلى تعزيز قدراته العسكرية من خلال صفقات متنوعة مع عدة دول، حيث خصصت الحكومة المغربية 115 مليار درهم (نحو 12.7 مليار دولار) في موازنة 2022 لاقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية14. كما تسلم المغرب رسمياً الدفعة الأولى من طائرات “بيرقدار أكينجي” التركية المسيّرة، والتي تتميز النسخة المغربية بتطورها مقارنة ببعض النسخ الأخرى.

الجزائر: استثمارات ضخمة مدفوعة بعائدات الطاقة

سجلت الجزائر ارتفاعاً كبيراً في الإنفاق العسكري بنسبة 76% ليصل إلى 18.3 مليار دولار في 2023، مما يمثل أعلى مستوى إنفاق سجلته الجزائر على الإطلاق، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الارتفاع الحاد في عائدات صادرات الغاز إلى دول أوروبا.

التحديات والاتجاهات المستقبلية

تحديات توطين الصناعات العسكرية العربية

تواجه الصناعات العسكرية في المنطقة العربية تحديات عديدة، من أبرزها ضيق القاعدة العلمية وتدني الوعي الثقافي والعلمي، ومحدودية التقانات العسكرية17. كما تحتاج صناعات الأسلحة إلى طاقات بشرية هائلة متنوعة في التخصصات، تشمل خبراء الرياضيات التطبيقية والإلكترونات وهندسة الطيران، وهو الأمر الذي تفتقده بلدان المنطقة نتيجة واقع التعليم والتدريب المنخفض.

مقاومة الدول المصنّعة الكبرى

تسعى الدول المتقدمة علمياً وتقنياً وصناعياً وشركاتها الكبرى إلى البقاء محتكرة للسوق العربية لاستيراد الأسلحة والمعدات، مما يشكل عقبة أمام مشاريع التصنيع العربي. وتستخدم هذه الدول التبعية العسكرية كأداة سياسية لتحقيق مصالحها، كما حدث عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على السعودية في 2019 بسبب قضية خاشقجي، مما أدى إلى تعطيل عقود عسكرية بين البلدين.

الاتجاهات العالمية في تجارة السلاح

وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم لأبحاث السلام لعام 2025، تسيطر الولايات المتحدة على 43% من صادرات الأسلحة العالمية، حيث صدّرت أسلحة إلى 107 دول في الفترة 2020-2024. في المقابل، تراجعت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 64%، مما عزز من الهيمنة الأمريكية في السوق العالمية.

كما شهدت الدول الأوروبية زيادة في واردات الأسلحة بنسبة 155% في الفترة 2020-2024 مقارنة بـ2015-2019، وذلك نتيجة مباشرة للعدوان الروسي على أوكرانيا والمخاوف من تطور السياسة الخارجية الأمريكية.

توطين الصناعات العسكرية: نحو استقلالية دفاعية

التجربة السعودية في التوطين

حققت المملكة العربية السعودية تقدماً ملحوظاً في توطين الصناعات العسكرية، حيث ارتفعت نسبة التوطين من 4% في عام 2018 إلى 19.35% في نهاية 2023، ضمن مساعي “رؤية 2030” التي تهدف إلى توطين أكثر من 50% من الإنفاق العسكري. وتم إطلاق منصة موحدة للصناعات العسكرية لتسريع تبني تقنيات التحول الرقمي وتلبية الاحتياجات المحلية.

الجهود الإماراتية في بناء القدرات المحلية

تسعى دولة الإمارات إلى تعزيز قدراتها في الصناعات الدفاعية من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة وبناء الشراكات الاستراتيجية. وقد نجحت في تحقيق نسبة 68% من الصفقات المحلية في معرض آيدكس 2025، مما يعكس تطور القطاع الدفاعي المحلي9.

التطلعات المستقبلية والتوصيات

ضرورة التعاون العربي المشترك

يتطلب النجاح في توطين الصناعات العسكرية العربية تعاوناً مشتركاً بين الدول العربية، خاصة في مجال البحث والتطوير ومشاركة التكنولوجيا. فالتحديات التي تواجه دولة واحدة يمكن تجاوزها من خلال التعاون الإقليمي والاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة17.

الاستثمار في التعليم والبحث العلمي

تحتاج الدول العربية إلى الاستثمار بشكل كبير في التعليم التقني والبحث العلمي، خاصة في المجالات المرتبطة بالصناعات الدفاعية مثل الهندسة والفيزياء والكيمياء والإلكترونيات. كما يتطلب الأمر إنشاء مراكز بحثية متخصصة وبرامج تدريبية متقدمة لإعداد الكوادر المؤهلة.

تنويع مصادر التسليح

تُظهر التجربة المصرية أهمية تنويع مصادر التسليح وعدم الاعتماد على مورد واحد، حيث تعاقدت مع الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية وفرنسا في آن واحد. هذا التنويع يقلل من المخاطر السياسية والاقتصادية المرتبطة بالاعتماد على مورد واحد، ويوفر مرونة أكبر في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.

تشهد الصفقات العسكرية العربية في عام 2025 تطورات نوعية مهمة، تعكس حرص الدول العربية على تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التحديات الإقليمية المتزايدة. وتبرز التجربة المصرية كنموذج للتطوير العسكري المتوازن الذي يجمع بين الحصول على أحدث التقنيات العسكرية وتنويع مصادر التسليح، مما يعزز من الاستقلالية الاستراتيجية ويقلل من التبعية لمورد واحد.

كما تُظهر الصفقات الإماراتية والسعودية التوجه نحو توطين الصناعات العسكرية وبناء قدرات محلية متقدمة، وهو ما يتطلب استثمارات طويلة المدى في التعليم والبحث العلمي والتطوير التكنولوجي. وفي هذا السياق، يصبح التعاون العربي المشترك ضرورة حتمية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصناعات الدفاعية وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية.

إن نجاح هذه الجهود يتطلب رؤية استراتيجية شاملة تأخذ في الاعتبار التحديات الحالية والمستقبلية، وتعمل على بناء قدرات دفاعية مستدامة تساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي، مع الحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية وعدم الانخراط في سباق تسلح مدمر يستنزف الموارد على حساب التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img