spot_img

ذات صلة

جمع

الثمن المدفوع: حكاية ياسر أبو شباب من الجريمة إلى الخيانة إلى الموت

في الرابع من ديسمبر 2025، تحركت رصاصات قاتلة في...

نزع سلاح حماس.. الملف الشائك الأكبر

في 17 نوفمبر 2025، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم...

البيجر اللبناني يعود: دراسة تقنية عن احتمالية إعادة تفخيخ الهواتف الذكية في غزة

في تطور مثير للقلق، تزامن التدفق المفاجئ لهواتف ذكية...

كيف تنتصر الكماليات على الضروريات في غزة؟، حكاية آيفون 17 برو ماكس في قطاع محاصر

في مفارقة لافتة تجسّد التناقضات الصارخة التي يعيشها قطاع...

أبو عبيدة: الرجل الذي لن يموت.. سيناريوهات خلافة “الملثم” ومستقبل القسام في غزة المنكوبة

يقف المشهد الفلسطيني اليوم أمام محطة تاريخية فارقة، بعد...

كيف تنتصر الكماليات على الضروريات في غزة؟، حكاية آيفون 17 برو ماكس في قطاع محاصر

في مفارقة لافتة تجسّد التناقضات الصارخة التي يعيشها قطاع غزة، أثار التدفق المفاجئ لآلاف الهواتف الذكية الحديثة، وعلى رأسها آيفون 17 برو ماكس، موجة واسعة من الجدل والتساؤلات على منصات التواصل الاجتماعي منذ أكتوبر 2025.

فبينما يُمنع دخول أكثر من 350 صنفاً من المواد الغذائية الأساسية والمساعدات الطبية والخيام ومواد البناء، تصل شاحنات محملة بأحدث الأجهزة الإلكترونية إلى أسواق القطاع المحاصر، مما يطرح أسئلة معقدة حول الدوافع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لهذه الظاهرة الاستثنائية.​

يسعى هذا التحقيق الاستقصائي إلى تفكيك طبقات هذه الظاهرة المركّبة، من خلال استقراء الأسباب التي تدفع الغزيين لشراء هواتف فاخرة في ظل أوضاع إنسانية كارثية، وتحليل طبيعة الطبقات الاجتماعية في غزة ما بعد الحرب، وفهم التحديات الاقتصادية التي تجعل من هذا المشهد واحداً من أكثر المشاهد إثارة للدهشة في تاريخ الحروب الحديثة.

التدفق المفاجئ للهواتف الذكية: أرقام وحقائق

منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2025، شهدت أسواق قطاع غزة تدفقاً غير مسبوق لكميات ضخمة من الهواتف الذكية الحديثة، في تناقض صارخ مع القيود المشددة التي كانت مفروضة على استيراد الأجهزة الإلكترونية قبل الحرب.

وأظهرت المشاهد المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي وصول شاحنات محملة بمختلف أنواع الهواتف وماركاتها وألوانها، بما في ذلك أحدث إصدارات آيفون، وأجهزة سامسونج، وغيرها من العلامات التجارية العالمية.​​

وبحسب بيانات أسعار الهواتف في فلسطين، يبلغ سعر آيفون 17 برو ماكس حوالي 7,060 شيكلاً (نحو 1,900 دولار) للنسخة الأساسية، بينما تصل بعض النسخ المطلية بالذهب إلى أسعار خيالية. وهذا السعر يعادل أكثر من أربعة أضعاف متوسط الدخل الشهري للفرد في غزة قبل الحرب، ويفوق بكثير القدرة الشرائية لغالبية السكان في ظل الانهيار الاقتصادي الذي شهده القطاع.​

ومع ذلك، فإن الطلب على هذه الهواتف كان كبيراً، وذلك لعدة أسباب يكشف عنها هذا التحقيق في الفقرات التالية. فقد وصل سعر بعض هواتف سامسونج ألترا 24 خلال فترة الحرب إلى 22 ألف شيكل (أكثر من 6 آلاف دولار) بسبب انعدام المعروض، بينما انخفض السعر بعد وقف إطلاق النار ليصل إلى 7,200 شيكل (حوالي ألفي دولار) رغم استمرار ارتفاعه.​

التناقض الصارخ: هواتف ذكية مقابل مواد أساسية ممنوعة

يكمن جوهر المفارقة في أن إسرائيل، التي تمنع دخول الخيام ومواد البناء والمستلزمات الإغاثية العاجلة، تسمح بتدفق حر للهواتف الذكية الحديثة. وأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن الاحتلال يمنع دخول أكثر من 350 صنفاً من المواد الغذائية الأساسية، بما في ذلك البيض واللحوم الحمراء والبيضاء والأسماك والأجبان ومشتقات الألبان والخضروات.​​

وأشارت التقارير الأممية إلى أن الاحتلال يمنع دخول المساعدات الطبية الحيوية والأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات منذ مارس 2025، مما فاقم من أزمة القطاع الصحي. ورغم اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال 600 شاحنة يومياً من المساعدات، فإن ما يدخل فعلياً لا يتجاوز 145 شاحنة بمتوسط 24% فقط من المتفق عليه.​​

وفي المقابل، تصل الهواتف الذكية بكميات غير محدودة تقريباً، في ظل غياب شبه كامل للمواد الأساسية التي يحتاجها السكان للبقاء على قيد الحياة. هذا التناقض أثار موجة غضب واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر كثيرون أن السماح بدخول الهواتف “ليس بلا مقابل”، وأن هناك أبعاداً أمنية واستخباراتية وراء هذا التدفق المفاجئ.​​

مخاوف التجسس والمراقبة: ذكريات البيجر اللبناني

طرحت ظاهرة التدفق المفاجئ للهواتف الذكية مخاوف جدية من احتمال استخدامها كوسائل للتجسس والمراقبة، أو حتى التفجير عن بُعد. واستحضر ناشطون ومغردون واقعة انفجار أجهزة البيجر في لبنان عام 2024، والتي أدت إلى إصابة مئات المقاتلين والمدنيين، وسط اتهامات لإسرائيل بالوقوف وراء تلك التفجيرات.​​

وعبّر مستخدمون على مواقع التواصل الاجتماعي عن قلقهم من أن تكون هذه الهواتف “مشروع بيجرات جديد” يهدف إلى مراقبة السكان والتنصت عليهم، وربما تنفيذ عمليات تفجير عن بُعد. وأشاروا إلى أن الهواتف قد تحمل تطبيقات مثبتة مسبقاً يصعب حذفها، أو أن شرائح eSIM التي يستخدمها الغزيون قد تكون وسيلة للمراقبة والتتبع.​​

وفي هذا السياق، نشرت تقارير عن تطبيق إسرائيلي مخفي في هواتف سامسونج يُدعى App Cloud، لا يمكن حذفه أو تعطيله، وهو ما أثار المزيد من المخاوف بشأن التجسس الإلكتروني. كما حذرت دراسات أمنية من أن برمجيات التجسس الإسرائيلية مثل بيغاسوس وغرافيت تستهدف تطبيقات المراسلة مثل واتساب وآيفون، وأن شركات مثل NSO Group وParagon تسعى لتوسيع عملياتها في الأسواق الأميركية والعالمية.​

الأسباب الحقيقية وراء شراء الهواتف: ضرورة وجود لا رفاهية

رغم المخاوف الأمنية، فإن الأسباب الحقيقية التي تدفع الغزيين لشراء الهواتف الذكية أعمق بكثير من مجرد “الرفاهية” أو “الاستهلاكية”، وهي مرتبطة بصميم الحياة اليومية في ظل الحرب والحصار. ويمكن تلخيص هذه الأسباب في النقاط التالية:

الحاجة الماسة للاتصال والتواصل

أولاً، تدمير أكثر من 50% من البنية التحتية للاتصالات في غزة، وفقاً لمركز 7amleh للتقدم في وسائل الإعلام الاجتماعي، جعل الهواتف الذكية الوسيلة الوحيدة المتاحة للتواصل مع العالم الخارجي، وللحصول على المعلومات، وللبقاء على قيد الحياة. فقد أصبح الهاتف الذكي أداة حيوية للنازحين للبحث عن أقاربهم، وللحصول على معلومات عن مواقع التوزيع الإغاثي، وللتواصل مع المنظمات الإنسانية.​

شرائح eSIM كطوق نجاة

ثانياً، في ظل انهيار الشبكات المحلية، برزت شرائح eSIM كحل بديل، حيث تبرعت مبادرة Connecting Humanity بأكثر من 450,000 شريحة eSIM لتزويد الغزيين باتصال إنترنت وشبكة هاتف عبر شبكات خارجية. لكن هذه الشرائح تتطلب هواتف ذكية حديثة تدعم تقنية eSIM، وهو ما دفع الكثيرين لشراء أجهزة جديدة رغم أسعارها المرتفعة.​

توثيق الجرائم والشهادات

ثالثاً، أصبحت الهواتف الذكية أداة توثيق أساسية لتسجيل جرائم الحرب والانتهاكات الإنسانية، ولنقل صور المعاناة إلى العالم. فالكاميرات عالية الجودة في هواتف مثل آيفون 17 برو ماكس تتيح للصحفيين والناشطين والمواطنين العاديين توثيق الأحداث بدقة، وهو ما يُعتبر سلاحاً إعلامياً في مواجهة الرواية الإسرائيلية.​

انعدام البدائل والحاجة للعمل

رابعاً، في ظل انهيار الاقتصاد وارتفاع البطالة إلى أكثر من 80%، يعتمد كثير من الغزيين على الهواتف الذكية للعمل عن بُعد، أو للتجارة الإلكترونية، أو لتقديم خدمات رقمية تدر دخلاً ولو محدوداً. فالهاتف الذكي أصبح أداة عمل وليس مجرد وسيلة ترفيه.​

 

الندرة والارتفاع الجنوني للأسعار

خامساً، منذ السابع من أكتوبر 2023، لم تدخل أي هواتف جديدة تقريباً إلى غزة، مما أدى إلى ندرة حادة وارتفاع جنوني في الأسعار، حيث وصل سعر بعض الأجهزة إلى أكثر من 6 آلاف دولار. وعندما بدأت الهواتف تدخل بعد وقف إطلاق النار، كان الطلب المكبوت هائلاً، خاصة من الذين فقدوا أجهزتهم خلال الحرب، أو من الذين يحتاجون لهواتف تدعم تقنيات حديثة.​

الطبقات الاجتماعية في غزة: من يشتري آيفون 17 برو ماكس؟

يطرح التحقيق سؤالاً محورياً: من هم الذين يشترون هواتف بآلاف الدولارات في قطاع يعاني من انهيار اقتصادي كارثي؟ الإجابة تكشف عن تركيبة طبقية معقدة تشكلت في غزة خلال سنوات الحصار والحرب.

الطبقة الأولى: “تجار الحروب”

هؤلاء هم الفئة التي استفادت من الحرب والحصار، وتمكنت من تكديس ثروات هائلة من خلال احتكار السلع النادرة وبيعها بأسعار خيالية. وقد أشار غزيون إلى أن هؤلاء “التجار” يبيعون السلع بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بـ15 ضعفاً أو أكثر. وهم القادرون على شراء هواتف آيفون مطلية بالذهب أو الفضة دون أي صعوبة مالية.​​

الطبقة الثانية: بقايا الطبقة المتوسطة

قبل الحرب، كانت هناك طبقة متوسطة محدودة في غزة تضم موظفين حكوميين وأصحاب مشاريع صغيرة ومهنيين. لكن هذه الطبقة انسحقت تقريباً بفعل الحرب، وانضم معظم أفرادها إلى صفوف الفقراء. ومع ذلك، هناك من تمكن من الحفاظ على بعض مدخراته أو أصوله، وهو يرى في الهاتف الذكي استثماراً ضرورياً للبقاء والعمل وليس ترفاً.​

الطبقة الثالثة: الفقراء الذين أصبحوا أفقر

هؤلاء يمثلون الغالبية الساحقة من سكان غزة، الذين انخفض دخلهم إلى 161 دولاراً سنوياً (أقل من نصف دولار يومياً). هذه الفئة لا تستطيع شراء رغيف خبز، فما بالك بهاتف ذكي بآلاف الدولارات. لكن بعض أفراد هذه الطبقة قد يلجأون إلى بيع ممتلكاتهم أو الاقتراض لشراء هاتف قديم أو مستعمل، إذا كان ذلك يعني فرصة للعمل أو التواصل مع العالم الخارجي.​

حالة خاصة: اللاجئون والنازحون

هناك فئة خاصة تضم أكثر من مليوني نازح، معظمهم فقد كل شيء خلال الحرب، ويعيشون في خيام أو ملاجئ مؤقتة. هؤلاء يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية التي لا تكاد تفي بالحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية والصحية. ومع ذلك، فإن بعضهم يحاول شراء هواتف رخيصة أو مستعملة، لأن الهاتف أصبح الرابط الوحيد مع الحياة، ومع الأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية يوماً ما.​

الوضع الاقتصادي الكارثي: أسوأ انهيار في التاريخ

لفهم حجم التناقض بين شراء الهواتف الفاخرة وواقع الفقر المدقع، لا بد من استعراض حجم الكارثة الاقتصادية التي تعيشها غزة. فقد كشف تقرير الأونكتاد (مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية) الصادر في نوفمبر 2025 عن أرقام مرعبة:​

🟥 انكمش اقتصاد غزة بنسبة 87% خلال عامي 2023-2024، وهو أسوأ انهيار اقتصادي مسجل في أي مكان في العقود الأخيرة.​

🟥 انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 161 دولاراً سنوياً فقط (أقل من نصف دولار يومياً)، وهو من أدنى المعدلات في العالم.​

🟥 وصل معدل البطالة إلى أكثر من 80% في غزة، و50% على المستوى الوطني.​

🟥 الفقر متعدد الأبعاد يبتلع جميع سكان غزة دون استثناء.​

🟥 تتطلب إعادة إعمار القطاع أكثر من 70 مليار دولار، وقد تستغرق عقوداً من الزمن.​

المجاعة والتجويع الممنهج: الغني والفقير في الجوع سواء

في تقرير مؤثر نشرته “الشرق الأوسط”، تبين أن المجاعة الثالثة التي تضرب غزة منذ يوليو 2025 لم تفرق بين فقير وغني، إذ أصبح حتى من يملك المال لا يجد السلع الغذائية الأساسية. ولم ينجُ من المجاعة سوى “تجار الحروب” الذين يحتكرون السلع النادرة ويبيعونها بأسعار خيالية.​

وأفادت وزارة الصحة في غزة بوفاة 260 شخصاً بسبب الجوع وسوء التغذية، بينهم 112 طفلاً. وحذرت من “وفيات جماعية” محتملة في الأيام المقبلة بسبب تفاقم الأزمة الغذائية. وأشارت الأونروا إلى أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بمقدار 40 ضعفاً.​​

وتروي شهادات مؤلمة كيف أن الأطفال يأكلون بقايا الطعام من القمامة، وكيف أن المواطنين يسقطون في الشوارع من شدة الجوع. وأكد الناطق باسم حركة فتح في غزة أن إسرائيل حكمت على جميع سكان القطاع “بالإعدام جوعاً”.​​

طبيعة الحياة اليومية في غزة: البقاء على قيد الحياة

تكشف الشهادات الميدانية التي جمعتها الأمم المتحدة عن حجم المعاناة اليومية للنازحين في غزة. يقول أحمد الكفارنة، وهو نازح من ذوي الاحتياجات الخاصة:

أصبحت الحياة صعبة للغاية بسبب إغلاق المعابر وانقطاع الدقيق وإغلاق المخابز… أحياناً أجعل أطفالي ينامون مبكراً بسبب عدم وجود طعام.​

ويضيف سمير أبو عمشة، المصاب بسرطان الجلد:

لا توجد أي مساعدات. نعيش حالياً على الأرز فقط. الأرز لا يشبع. بدأت أعاني من الإسهال بسبب كثرة تناوله. ولكن الحمد لله أننا على قيد الحياة.​

أما ابتهال غانم، فتقول:

لم نتلق مساعدات منذ فترة طويلة”، وقد أقامت فرناً صغيراً لإنتاج الخبز تجني منه 10-15 شيكلاً يومياً فقط لإعالة أسرة مكونة من 12 فرداً.​

وتروي أم العبد شتات:

إذا توفرت وجبات من التكيات، نأكل؛ وإذا لم تتوفر، نضطر للعيش بدونها ونحاول تدبير أمورنا… نهرب إلى مبنى قريب لأجلس في الظل مع أطفالي حتى يبرد الجو، ثم نعود إلى الخيمة. هكذا نعيش، نبحث عن الماء، ونبحث عن الغذاء لإطعام الأطفال. ونحاول البقاء على قيد الحياة.​

هذه الشهادات تؤكد أن الحياة اليومية في غزة أصبحت معركة بقاء حقيقية، حيث كل يوم هو تحدٍ جديد للحصول على الطعام والماء والدواء، وحيث الموت يتربص بالجميع.

خلاصة التحقيق: الوجود قبل الرفاهية

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي أن ظاهرة شراء الهواتف الذكية في غزة، وعلى رأسها آيفون 17 برو ماكس، لا يمكن اختزالها في “رفاهية” أو “استهلاكية” عمياء. بل هي ظاهرة معقدة تعكس تناقضات الحرب والحصار، وتشوهات الاقتصاد المحاصر، وصراع الإنسان للبقاء على قيد الحياة.

فالهاتف الذكي في غزة ليس ترفاً، بل هو أداة وجود في عالم انهارت فيه كل البنى التحتية. هو الرابط الوحيد مع العالم الخارجي، والوسيلة الوحيدة للتواصل مع الأقارب، والأداة الوحيدة لتوثيق الجرائم، والفرصة الوحيدة للعمل وكسب الرزق.

ورغم المخاوف المشروعة من التجسس والمراقبة، فإن الغزيين يواجهون خيارات قاسية: إما الانعزال الكامل عن العالم، أو المخاطرة باستخدام تقنيات قد تكون مخترقة. والغالبية تختار الخيار الثاني، لأن العزلة تعني الموت البطيء، بينما التواصل يعني الأمل في البقاء.

أما التدفق المفاجئ للهواتف مقابل منع المواد الأساسية، فهو يعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى التجويع والتحكم، مع خلق وهم التطبيع من خلال السماح بدخول سلع “كمالية” لإخفاء حقيقة الحصار الخانق.​​

وفي النهاية، فإن الطبقات الاجتماعية في غزة قد تغيرت بشكل جذري، حيث انسحقت الطبقة المتوسطة، وظهرت طبقة جديدة من “تجار الحروب”، بينما غرقت الغالبية الساحقة في فقر مدقع لم يشهد التاريخ الحديث له مثيلاً. ومع ذلك، فإن الإرادة على البقاء والصمود تظل هي السمة الأبرز لأهل غزة، الذين يرفضون الاستسلام رغم كل المآسي.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img