في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عاد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من زيارته إلى واشنطن في يوليو 2025 دون تحقيق تقدم في ملف وقف إطلاق النار في غزة. جاءت الزيارة وسط تصعيد عسكري إسرائيلي مكثف، وحصار مشدد، وتفاقم الأزمة الإنسانية التي تهدد حياة ملايين الفلسطينيين. يهدف هذا التقرير إلى تحليل تفاصيل الزيارة، وأسباب فشلها في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة، وتداعياتها على الأوضاع السياسية والإنسانية، مع التركيز على الجهود الإقليمية والدولية لإدارة الأزمة.
سياق الزيارة: تصاعد العدوان وتفاقم الأزمة الإنسانية
منذ بداية التصعيد العسكري في غزة، يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية المكثفة، مستهدفاً البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية. وفقاً لتقارير الأمم المتحدة،
عدد الشهداء أكثر من 109 آلاف شهيد، أي ما يعادل حوالي 5% من سكان غزة قبل الحرب، وفقدان الآلاف تحت الأنقاض. الحصار الإسرائيلي المستمر، والذي تفاقم خلال هذا الصراع، أدى إلى شل الحياة في القطاع، مع نقص حاد في الغذاء، الأدوية، والوقود. هذه الأوضاع جعلت وقف إطلاق النار في غزة مطلباً عاجلاً لتخفيف معاناة المدنيين.
في هذا السياق، كانت زيارة نتنياهو إلى واشنطن محاولة لتعزيز الدعم الأمريكي لسياساته العسكرية، وتأمين غطاء سياسي لاستمرار العمليات في غزة. لكن فشل الزيارة في تحقيق اختراق دبلوماسي يكشف عن تعقيدات الأزمة وتباين مواقف الأطراف.
خلال زيارته، التقى نتنياهو بالرئيس الأمريكي ومسؤولين بارزين، بما في ذلك وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي. ركزت المحادثات على ثلاثة محاور رئيسية:
دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية
سعى نتنياهو إلى ضمان استمرار الدعم العسكري والسياسي الأمريكي، بما في ذلك تزويد إسرائيل بالأسلحة المتطورة. ووفقاً لمصادر دبلوماسية، طالب نتنياهو بزيادة المساعدات العسكرية لدعم عملياته في غزة.
مفاوضات وقف إطلاق النار
حاول نتنياهو فرض شروط إسرائيلية صارمة كجزء من أي اتفاق هدنة، مثل نزع سلاح المقاومة الفلسطينية والإبقاء على السيطرة الأمنية على القطاع. لكن هذه الشروط قوبلت برفض قاطع من المقاومة، مما أعاق تحقيق وقف إطلاق النار في غزة.
التطبيع الإقليمي
بحث نتنياهو إمكانية استغلال الوضع لتعزيز التطبيع مع دول عربية، مستفيداً من الدعم الأمريكي. لكن هذا المحور لم يحقق تقدماً ملحوظاً بسبب التوترات الإقليمية.
موقف المقاومة الفلسطينية: صمود في وجه الضغوط
أكدت حركة حماس، بصفتها الطرف الرئيسي في المقاومة، رفضها للشروط الإسرائيلية. وشددت على أن أي اتفاق لـ وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يشمل:
وقف العدوان الإسرائيلي بشكل كامل ودائم.
رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر لتدفق المساعدات.
ضمان حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال.
وقالت قيادات المقاومة:
“نزع السلاح ليس خياراً، ولن يُناقش تحت أي ظرف”.
هذا الموقف عزز تماسك المقاومة وأحبط محاولات إسرائيل لفرض شروطها.
الأزمة الإنسانية: كارثة تهدد حياة الملايين
تفاقمت الأوضاع الإنسانية في غزة بشكل كارثي. وفقاً لمنظمات الإغاثة الدولية:
أعداد الضحايا: تجاوز عدد الشهداء مائة ألف شهيد، مع إصابة عشرات الآلاف.
التهجير القسري: أوامر إخلاء إسرائيلية جديدة أدت إلى نزوح جماعي.
نقص المساعدات: الحصار قلّص تدفق المساعدات، مع تحذيرات من مجاعة وشيكة.
انهيار القطاع الصحي: المستشفيات تعاني من نقص الأدوية والوقود.
الدور الإقليمي والدولي: جهود الوساطة وغياب الضغط
تواصل مصر وقطر جهود الوساطة لتحقيق وقف إطلاق النار في غزة، لكن تعنت إسرائيل يعرقل التقدم. في العالم العربي، تصاعدت المظاهرات الشعبية الداعمة لفلسطين، بينما أدانت منظمة التعاون الإسلامي العدوان الإسرائيلي.
على المستوى الدولي، تتعرض الولايات المتحدة لانتقادات بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل. وطالبت دول أوروبية بفرض عقوبات على إسرائيل وتفعيل آليات المحاسبة في المحاكم الدولية.
تحليل: أسباب فشل المفاوضات
فشل زيارة نتنياهو في تحقيق وقف إطلاق النار في غزة يعود إلى:
🟥 التعنت الإسرائيلي: شروط مثل نزع سلاح المقاومة غير واقعية.
🟥 الدعم الأمريكي: غياب الضغط الأمريكي على إسرائيل.
🟥 صمود المقاومة: رفض المقاومة للشروط عزز موقفها التفاوضي.
🟥 ضعف الضغط الدولي: غياب إرادة دولية لمحاسبة إسرائيل.
التداعيات: استمرار الأزمة وتحديات المستقبل
تؤكد نتائج الزيارة استمرار الأزمة في غزة دون حل وشيك. العدوان الإسرائيلي يزيد من معاناة المدنيين، بينما يعزز صمود المقاومة موقفها. على المدى الطويل، قد تدفع الأزمة إلى تغييرات إقليمية، مع تزايد الضغوط الشعبية لدعم فلسطين ودعوات لفرض عقوبات على إسرائيل.
لم تحقق زيارة نتنياهو إلى واشنطن تقدماً في ملف وقف إطلاق النار في غزة، بل كشفت عن عمق الأزمة. استمرار العدوان والحصار يفاقم معاناة الفلسطينيين، لكن صمود المقاومة ودعم الأصوات الدولية يبقيان الأمل قائماً في تحقيق حل عادل، شريطة وجود إرادة دولية لإنهاء الاحتلال.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز