spot_img

ذات صلة

جمع

ريال مدريد ومبابي: موقف غريب أثار جدلاً واسعاً بين الجماهير

في حادثة غير معتادة أثارت ضجة كبيرة في الأوساط...

تحديات حرب العصابات في السويداء: الجيش السوري وفض الخارجين عن القانون

تشهد محافظة السويداء، الواقعة في جنوب سوريا، تصعيدًا أمنيًا...

موجز أحداث اليوم 15 يوليو في السويداء

تصاعد الأزمة ودخول القوات الحكومية شهدت محافظة السويداء ذات الأغلبية...

القصف الإسرائيلي في السويداء: أداة لإعادة تشكيل سوريا أم حماية المصالح؟

في 14 و15 يوليو 2025، هزت الغارات الإسرائيلية على...

سردية تاريخية لانهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023

منذ الهجوم العسكري الإسرائيلي واسع النطاق الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023، شهد قطاع غزة انحدارًا غير مسبوق في قدرته الصحية: من شلل كامل للمستشفيات في الشمال، إلى محاولات إنعاش متقطّعة في الجنوب، ثم عودة سريعة إلى الحضيض تحت وطأة الحصار والهجمات المباشرة على المنشآت الطبية. تروي هذه الدراسة التحليلية، الموجهة لموقع إخباري معمَّق، القصة الكاملة لهذا الانهيار على امتداد حوالَي عامين، معتمدة على تقارير أممية، بيانات وزارة الصحة في غزة، إفادات منظمات طبية إنسانية، وتقارير صحفية دولية موثوقة.

مشهد ما قبل العاصفة:

🟥 هشاشة مزمنة في النظام الصحي (2007–6 أكتوبر 2023)

قبل التصعيد الأخير، كان النظام الصحي في غزة يعمل أصلاً بأقلّ من نصف طاقته بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2007، والنقص الدوري في الأدوية والمولدات والكوادر. ورغم أن معدلات التلقيح ومؤشرات وفيات الأمهات والأطفال بقيت مقبولة حتى عام 2019، فإن 84% من مرافق الصحة كانت بحاجة إلى ترميم عاجل في سبتمبر 2023، ما جعل أي صدمة عسكرية تُهدّد بانهيارٍ شامل منذ اللحظة الأولى.

🟥 مخزون وقود «على الحافة»

  • الكميات الاحتياطية من الديزل في المستشفيات لم تكن تتجاوز 48 ساعة من التشغيل المتواصل نهاية سبتمبر 2023، وهذا أدى إلى سرعة في انهيار المنظومة الاستشفائية في قطاع غزة
    ممرض يقوم بحمل طفلة مُصابة في مستشفى الشفاء الطبي في غزة
    ممرض يقوم بحمل طفلة مُصابة في مستشفى الشفاء الطبي في غزة

    سردية تاريخية للأحداث من 7 أكتوبر 2023 حتى يوليو 2025

منذ الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق الذي بدأ في السابع من أكتوبر 2023، تعرضت المستشفيات في غزة لضربات متلاحقة، بدءًا من النقص المزمن في الوقود، مرورًا بالحصار ومنع الإمدادات، وانتهاءً بالهجمات المباشرة على المرافق والكوادر الطبية. يقدّم هذا التقرير، الممتدّ لأكثر من 1500 كلمة، تسلسلاً زمنيًا وتحليلاً معمقًا للأحداث والقرارات التي قادت إلى أسوأ أزمة صحية عرفها القطاع في تاريخه الحديث، بالاستناد إلى مصادر أممية وطبية دولية ومحلية موثوقة.

إرهاصات الانهيار قبل 7 أكتوبر

🟥 نظام صحي هَشّ تحت الحصار

أُنهك قطاع غزة بحصار مستمر منذ 2007 أدى إلى عجز مزمن في الأدوية والمستهلكات الطبية وقطع الغيار، وترك 80% من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية. قبل التصعيد، كان 14 من أصل 36 مستشفى غير صالح للعمل بسبب نقص الوقود والمياه النظيفة. هذه الهشاشة البنيوية جعلت أي هجوم واسع كفيلًا بإسقاط المنظومة برمتها.

🟥 مخزون وقود «اليوم بيومه»

اعتاد مستشفى الشفاء وبقية المجمعات الكبرى الاعتماد على منح وقود طارئة تشغّل مولدات الكهرباء بحدٍ أقصى 48 ساعة متواصلة. حرمان القطاع من الوقود يعني حتمًا تعطّل غرف العمليات، وحدات العناية الفائقة، وحضّانات الأطفال الخُدَّج.

الأيام الأولى بعد 7 أكتوبر 2023: الضربة القاضية

🟥 انهيار شمال غزة في نوفمبر

في غضون ستة أسابيع فقط، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ 10 مستشفيات جنوبية تعمل جزئيًا، فيما تعطّلت كل المنشآت في الشمال باستثناء قدرات إسعاف بدائية داخل الشفاء والأهلي والعودة. تزامن ذلك مع حصار عسكري لمجمع الشفاء استمر من 11 إلى 15 نوفمبر، أُعدم خلاله المرضى ميدانيًا ومنع الدفن يوميًا.

🟥 إحصائيات الهجمات على القطاع الصحي

  • بلغ متوسط الهجمات على مرافق الرعاية 73 ضربة شهريًا خلال أول ستة أشهر، متجاوزًا جميع النزاعات الحديثة بما فيها أوكرانيا.

  • وثّقت منظمة الصحة العالمية 492 هجومًا على المنشآت وسيارات الإسعاف بين أكتوبر 2023 وسبتمبر 2024.

ديسمبر 2023 – مارس 2024: شلل شبه كامل ونزوح الكوادر

🟥 «لا مستشفى يعمل في الشمال»

أكّدت بعثة WHO في 21 ديسمبر أنّ شمال غزة خالٍ تمامًا من المستشفيات العاملة؛ إذ تحوّل مستشفى الأهلي إلى «مأوى احتضار» بلا غرف عمليات ولا وقود. كان أكثر من 650 مريضًا و36 طفلًا خديجًا في الشفاء يتلقّون الحد الأدنى من العناية اليدوية بعد إيقاف الحضّانات.

🟥 موجة النزوح الداخلي للمرضى

في ثلاث بعثات أممية عالية المخاطر، نُقل 182 مريضًا من الشفاء والأهلي إلى مستشفى الأوروبي في الجنوب خلال نوفمبر وديسمبر، بعد انتظار ست ساعات عند الحواجز العسكرية وتوقيف كوادر طبية. هذا النزوح أدى إلى اكتظاظ رهيب؛ إذ عمل الأوروبي وناصر بضعفَي قدرتهما التصميمية.

صورة ليلية من أحد مستشفيات قطاع غزة
صورة ليلية من أحد مستشفيات قطاع غزة

 

إبريل – ديسمبر 2024: محاولات إنعاش وفشل متكرر

🟥 بيانات HeRAMS: تعافٍ محدود

نظام تتبع الموارد الصحية (HeRAMS) أظهر في نهاية مايو 2024 عودة 18 مستشفى إلى «وظائف جزئية» بفضل إدخال شحنات وقود أممية متقطعة وإقامة عشرة مستشفيات ميدانية. لكن أكثر من 90% من المرافق تعرّض لأضرار هيكلية متفاوتة، و75% منها تفتقر لأسرة الطوارئ الكافية.

🟥 الحصار الغذائي والوبائي

منظمة اليونيسف حذّرت من حرمان 130 ألف طفل في الشمال من الغذاء واللقاحات طوال خمسين يومًا منذ أكتوبر 2024 بعد تحويل المنطقة إلى «منطقة عسكرية مغلقة». وازداد معدل الإسهالات الدموية وداء السحايا مع انهيار شبكة المياه والصرف.

يناير – مارس 2025: عودة الهجمات واتساع فجوة الخدمة

🟥 نفاد الوقود مجددًا

في 8 يناير 2025 أعلنت «أطباء بلا حدود» أن مستشفيات ناصر والأقصى والأوروبي «على شفا إغلاق نهائي» خلال 48 ساعة بسبب نفاد الديزل، ما يهدّد حياة الخُدَّج ومرضى التنفس الاصطناعي. اضطر الطاقم إلى إطفاء أقسام كاملة وتركيز الكهرباء على غرف العمليات وحضّانات الأطفال.

🟥 الحملة الثانية على الشفاء

عملية عسكرية إسرائيلية جديدة استمرت 14 يومًا في مارس 2025 خلّفت المجمع «أطلالًا» ومقتل 21 مريضًا خلال الحصار، بحسب MSF. مئات الجثث بقيت في الشوارع مع اعتقال الطواقم وتعطيل العيادات المجاورة.

أبريل – يوليو 2025: النظام الصحي على حافة الهاوية

🟥 أحدث أرقام WHO وOCHA

  • حتى 22 مايو 2025 بقي 19 مستشفى من أصل 36 يقدّم خدمات جزئية، سبعة منها فقط تُجري جراحات كبر.

  • تقرير OCHA في 7 يوليو حذّر من توقّف محطة الأوكسجين في الشفاء واستئناف غسيل الكلى بشكل طارئ بعد توفير 3000 لتر ديزل تكفي لأيام معدود.

  • اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت أن «معظم مستشفيات غزة أُفرغت أو دُمّرت»، فيما تكافح القلة الباقية وسط نقص الأدوية والأكياس الجثث.

    صورة من داخل أحد مستشفيات قطاع غزة يظهر الوضع المأساوي للمُصابين
    صورة من داخل أحد مستشفيات قطاع غزة يظهر الوضع المأساوي للمُصابين

     

    العوامل الحاسمة وراء الانهيار

    العامل آلية التأثير أمثلة موثقة
    الوقود قطع التيار عن المولدات، توقف الحضّانات وأجهزة التنفس ناصر يعلن خطر وفاة خُدَّج خلال 48 ساعة (يناير 2025)
    الهجمات المباشرة تدمير البنية التحتية، قتل الكوادر، تهجير المرضى 435 هجومًا على الصحة خلال 6 أشهر
    الحصار ومنع الإمدادات شلل في سلاسل الأدوية والمحاليل والأكسجين رفض «مواد مزدوجة الاستخدام» كالمولدات وأجهزة الأشعة
    الإخلاءات القسرية إرباك الطواقم، تقليص خدمات المناطق «الآمنة» أوامر إخلاء متكررة حول خان يونس تعيق إسعاف الجرحى
    النقص البشري هجرة أو اعتقال الأطباء، إرهاق المناوبين اعتقال مدير الشفاء وطواقم الإسعاف عند الحواجز

     

    الأثر الإنساني

    🟥 وفيات مباشرة وغير مباشرة

    دراسة في ذا لانسيت قدّرت أن كل وفاة قتالية واحدة تُقابِل أربع وفيات غير مباشرة بسبب الأمراض وانهيار الرعاية، ما يرفع الحصيلة المتوقعة إلى 186 ألفًا حتى يوليو 2024.

    🟥 الأطفال والولادات

    • 15 طفلًا يوميًا أصيبوا بإعاقات دائمة بفعل الأسلحة المتفجرة خلال 2024 مع غياب الرعاية التأهيلية.

    • تعطل 80% من أسرّة الولادة بحلول يونيو 2024، وأُجِّلت آلاف العمليات القيصرية.

    🟥 الأمراض المعدية

    انفجرت حالات التهاب السحايا الفيروسي إلى 337 حالة في صيف 2025 مع نقص المياه النظيفة والمضادات الحيوية.

    طفل من أطفال الأنابيب في مستشفيات قطاع غزة المُتهالكة
    طفل من أطفال الأنابيب في مستشفيات قطاع غزة المُتهالكة

     

    استجابات محدودة لكنها حيوية

    🟥 البعثات الخطرة

    نفّذَت WHO 111 مهمة ميدانية بين أبريل وديسمبر 2024، أُعاق 60% منها أو أُلغي. رغم ذلك، أُدخلت 8.8 ملايين لتر ديزل و32 ألف عملية جراحية بدعم فرق طوارئ دولية.

    🟥 المستشفيات الميدانية

    • افتتح الصليب الأحمر مستشفى ميداني في رفح مايو 2024 قدّم 2.2 مليون استشارة حتى أبريل 2025.

    • تدعم عشر منظمات—including MSF وأوكسفام—توريد مياه وتعقيم في مراكز الإيواء.

       

      منذ السابع من أكتوبر 2023، خسر القطاع الصحي في غزة قدرته على أداء الحد الأدنى من وظائفه الإنسانية. تَشابَكَ الحصار طويل الأمد مع الهجمات المباشرة على المستشفيات وحرمانها من الوقود، فتراجع عدد المرافق العاملة من 24 إلى أقل من 10 خلال أسابيع، قبل أن يتعافى جزئيًا ثم ينتكس مع موجات القصف اللاحقة. إنّ استمرار الأزمة دون تدخل دولي حاسم يعني أن آلاف الجرحى والمرضى—ولا سيما الأطفال والخُدَّج ومرضى الكلى—سيواجهون موتًا يمكن منعه بسهولة لو توفر الوقود والماء ومنح العاملين الطبيين مساحة آمنة للعمل. يؤكد المسار الزمني للأحداث أنّ أي خطط إعادة إعمار أو تنمية ستظل بلا جدوى مالم يُرفع الحصار ويُضمن احترام القانون الدولي الإنساني حمايةً للحق الأساسي في الصحة والحياة.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img