يشهد عالم تصفح الإنترنت اليوم منافسة شرسة جديدة مع دخول متصفح Comet من شركة Perplexity AI إلى السوق في يوليو 2025، والذي يهدف إلى إعادة تعريف تجربة التصفح من خلال دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي في جوهر المتصفح. هذا التطور يأتي في وقت تهيمن فيه Google Chrome على أكثر من ثلثي السوق العالمية للمتصفحات، مما يطرح تساؤلات حول إمكانية تغيير المشهد التنافسي في هذا القطاع الحيوي.
ما هو متصفح Comet؟
متصفح Comet هو متصفح ويب مبني على منصة Chromium ومطور من قبل شركة Perplexity AI، والتي تقدر قيمتها اليوم بـ 18 مليار دولار. يتميز هذا المتصفح بكونه “متصفحاً ذكياً أولاً” حيث يدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في كل جانب من جوانب التصفح، وليس كإضافة خارجية كما هو الحال في المتصفحات التقليدية.
الميزات الأساسية لـ Comet
يقدم Comet مجموعة من المزايا الثورية التي تميزه عن المتصفحات التقليدية:
المساعد الذكي المدمج: يحتوي المتصفح على مساعد ذكي يسمى “Comet Assistant” يعمل في الشريط الجانبي ويمكنه فهم محتوى الصفحات وتنفيذ المهام المعقدة. هذا المساعد قادر على:
🟥 تلخيص المقالات والمحتوى بشكل فوري
🟥 حجز المواعيد والمطاعم نيابة عن المستخدم
🟥 إدارة البريد الإلكتروني وكتابة الردود
🟥 مقارنة المنتجات عبر مواقع مختلفة
🟥 ترجمة المحتوى لأكثر من 40 لغة
البحث الذكي: بدلاً من الاعتماد على Google Search، يستخدم Comet محرك البحث الخاص بـ Perplexity AI كمحرك افتراضي، مما يوفر إجابات مباشرة ومدعومة بالمصادر بدلاً من قوائم الروابط التقليدية.
الشركة وراء الابتكار
شركة Perplexity AI، التي تأسست في عام 2022، شهدت نمواً استثنائياً في تقييمها خلال فترة وجيزة، مما يعكس ثقة المستثمرين في رؤيتها التقنية.
تدعم الشركة كوكبة من المستثمرين المرموقين بما في ذلك Jeff Bezos وNVIDIA وSoftBank، وتعالج أكثر من 780 مليون استعلام بحثي شهرياً، بنمو يتجاوز 20% شهرياً. هذا النمو المتسارع يضع Perplexity في موقع قوي لتحدي عمالقة التكنولوجيا.
مقارنة عميقة: Comet مقابل Chrome
الاختلافات التقنية الجوهرية
رغم أن كلا المتصفحين مبني على منصة Chromium، إلا أن الفلسفة التقنية تختلف جذرياً:
Chrome: متصفح تقليدي مع إضافات ذكية حديثة مثل Gemini، يركز على السرعة والتوافق.
Comet: متصفح مصمم من الأساس حول الذكاء الاصطناعي، حيث كل تفاعل يمكن أن يكون ذكياً.
مقارنة الأداء والميزات
في اختبارات الأداء المبكرة، سجل Comet 29.3 نقطة في اختبار Speedometer مقارنة بـ 34.3 نقطة لـ Chrome، لكن هذا متوقع كونه ما زال في المرحلة التجريبية. ومع ذلك، المستخدمون يلاحظون سرعة في تحميل الصفحات وسلاسة في التصفح.
نموذج الخصوصية
يتبنى Comet نهجاً مختلفاً في الخصوصية:
-
التخزين المحلي: جميع بيانات التصفح تُحفظ محلياً على الجهاز
-
التشفير المتقدم: حماية البيانات الحساسة بتقنيات تشفير حديثة
-
عدم التدريب: لا يستخدم بيانات المستخدمين لتدريب النماذج الذكية
في المقابل، Chrome يجمع بيانات المستخدمين لتحسين خدمات Google الإعلانية، مما يثير مخاوف خصوصية أكبر.
التحديات والعقبات
التسعير والوصول
أكبر عقبة تواجه Comet حالياً هي نموذج التسعير، حيث يتطلب اشتراكاً في خطة Perplexity Max بقيمة 200 دولار شهرياً. هذا السعر المرتفع يجعله بعيداً عن المستخدم العادي، خاصة عند مقارنته بـ Chrome المجاني.
التوفر المحدود
يتوفر Comet حالياً فقط لعدد محدود من المستخدمين عبر نظام الدعوات، مما يحد من انتشاره. كما أنه متوفر فقط لأنظمة Windows وmacOS، مع خطط لدعم Linux لاحقاً.
منافسة قوية
يواجه Comet منافسة شرسة ليس فقط من Chrome، بل من متصفحات ذكية أخرى:
-
OpenAI Browser: متصفح قيد التطوير من OpenAI مع دمج ChatGPT
-
Opera Neon: متصفح Opera مع مساعد Aria الذكي
-
Microsoft Edge: مع تكامل Copilot المحسن
صورة ساخرة لتغير جذري في المتصفحات الذكية
الآثار على السوق
تحدي هيمنة Google
يأتي إطلاق Comet في وقت تواجه فيه Google ضغوطاً قانونية متزايدة. وزارة العدل الأمريكية تطالب بتفكيك Chrome من Google بسبب ممارسات احتكارية. هذا التطور قد يفتح المجال أمام متصفحات جديدة مثل Comet للاستفادة من الفرص المتاحة.
ثورة التصفح الذكي
يمثل Comet جزءاً من اتجاه أوسع نحو “التصفح الوكيلي” (Agentic Browsing)، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتنفيذ المهام نيابة عن المستخدم بدلاً من مجرد عرض المعلومات. هذا التحول قد يغير طبيعة التفاعل مع الإنترنت جذرياً.
مفاوضات Perplexity مع شركات الهواتف الذكية
دخلت الشركة في مفاوضات رسمية مع عدة شركات رائدة في تصنيع الهواتف المحمولة من أجل تثبيت متصفحها الذكي الجديد “Comet” بشكل افتراضي على الأجهزة القادمة. تهدف هذه الخطوة الاستراتيجية إلى منافسة متصفح Google Chrome الذي يهيمن على سوق الأجهزة المحمولة، مع التركيز على تقديم تجربة تصفح قائمة على الذكاء الاصطناعي المتكامل. إذا نجحت هذه الصفقات، قد نشهد نقلة نوعية في طبيعة استخدام المتصفحات على الهواتف الذكية، إذ سيصبح الذكاء الاصطناعي المدمج جزءاً أساسياً من تجربة المستخدم منذ اللحظة الأولى لاستخدام الجهاز. هذا التحول المحتمل قد يُسهم في تغيير قواعد اللعبة لصالح متصفحات الجيل الجديد ويزيد من الضغط على عمالقة السوق التقليديين.

التوقعات المستقبلية
التطوير والتحسين
تعمل Perplexity على تطوير Comet باستمرار، مع خطط لإضافة:
🟥 دعم المزيد من أنظمة التشغيل
🟥 تحسين الأداء والسرعة
🟥 إضافة المزيد من ميزات الأتمتة
🟥 خفض التكلفة للوصول لجمهور أوسع
تأثير على صناعة الإعلان
نجاح متصفحات مثل Comet قد يهدد نموذج عمل Google الإعلاني، حيث أن 75% من إيرادات Alphabet تأتي من الإعلانات المرتبطة بالبحث. هذا قد يدفع Google لتطوير استراتيجيات جديدة للحفاظ على موقعها.
متصفح Comet يمثل نقلة نوعية في عالم تصفح الإنترنت، حيث يقدم رؤية جديدة للتفاعل مع الويب من خلال الذكاء الاصطناعي. رغم التحديات المتعلقة بالسعر والتوفر المحدود، إلا أن الابتكارات التقنية التي يقدمها تشير إلى مستقبل واعد قد يعيد تشكيل طبيعة التصفح.
النجاح النهائي لـ Comet سيعتمد على قدرة Perplexity على التوسع وتقديم نموذج تسعير أكثر جاذبية، بالإضافة إلى الحفاظ على التفوق التقني في مواجهة عمالقة مثل Google وMicrosoft وOpenAI. في النهاية، المستفيد الأكبر سيكون المستخدمون الذين سيحصلون على تجربة تصفح أكثر ذكاءً وكفاءة، بغض النظر عن المتصفح الذي سيفوز في هذه المعركة التقنية الشرسة.
