في قلب مأساة غزة المستمرة، تبرز قصة مؤثرة تجسد عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون. إنها قصة أمير، الطفل الذي مشى 12 كيلومتراً حافي القدمين بحثاً عن الطعام، وقبّل يد جندي أمريكي شكراً له على كمية ضئيلة من العدس والأرز، ثم قُتل بعد ذلك مباشرة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي.
هذه القصة التي كشفها المقدم المتقاعد أنتوني أغيلار، الجندي الأمريكي السابق في القوات الخاصة والذي عمل مع “مؤسسة غزة الإنسانية”، تسلط الضوء على الواقع المرعب الذي يعيشه المدنيون الفلسطينيون في غزة وتكشف عن طبيعة العمليات الإنسانية المشكوك فيها التي تجري هناك.
خلفية الأزمة الإنسانية في غزة
منذ مارس 2025، فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة، مما أدى إلى منع دخول الغذاء والدواء والوقود لأكثر من شهرين متتاليين. هذا الحصار جاء بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار مع حماس في 2 مارس 2025، وقد تسبب في تفاقم الأزمة الإنسانية بشكل كارثي.
وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، فإن 100% من سكان غزة يواجهون انعدام الأمن الغذائي، مع حاجة 70 ألف طفل لعلاج عاجل من “سوء التغذية الحاد”.
في هذا السياق، ظهرت مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) كمحاولة أمريكية-إسرائيلية لتوزيع المساعدات الإنسانية، لكنها واجهت انتقادات واسعة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي رفضت التعاون معها واعتبرتها تسييساً و”تسليحاً للمساعدات”. أكثر من 170 جمعية خيرية ومنظمة غير حكومية، بما في ذلك منظمة “أنقذوا الأطفال” و”أوكسفام”، طالبت بإغلاق المؤسسة فوراً.
مؤسسة غزة الإنسانية: آلية مثيرة للجدل
تأسست مؤسسة غزة الإنسانية في فبراير 2025 كمنظمة أمريكية غير ربحية بدعم من الحكومتين الإس رائيلية والأمريكية. بدأت المؤسسة عملياتها في مايو 2025 كرد على ادعاءات إسرائيلية غير مثبتة بأن المساعدات كانت يتم تحويلها من قبل حماس. تقود المؤسسة جون أكري، مدير إداري سابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وجوني مور، قائد إنجيلي أمريكي ورجل أعمال.
استقال جيك وود، المدير التنفيذي الأول للمؤسسة، في مايو 2025 بعد شهرين فقط من توليه المنصب، قائلاً إنه “ليس من الممكن تنفيذ هذه الخطة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية للإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية”. وأضاف في بيان استقالته: “لن أكون جزءاً من أي شيء يؤدي إلى النزوح القسري أو تهجير السكان الفلسطينيين”.
أنتوني أغيلار: الشاهد على المأساة
المقدم المتقاعد أنتوني أغيلار، البالغ من العمر حوالي 50 عاماً، هو جندي أمريكي خدم 25 عاماً في الجيش الأمريكي، منها 12 انتشاراً قتالياً في العراق وأفغانستان وسوريا وطاجيكستان والفلبين وتايلاند وماليزيا وكمبوديا وكازاخستان. حصل على وسام القلب الأرجواني والنجمة البرونزية في القتال عام 2005. في عام 2008، انضم إلى القوات الخاصة وأصبح من أفراد القبعات الخضراء (Green Beret).
بعد تقاعده في أوائل 2025، تم تجنيد أغويلار من قبل شركة UG Solutions في 13 مايو 2025 للعمل كمتعاقد أمني مستقل مع مؤسسة غزة الإنسانية. كانت الشركة تبحث تحديداً عن ضباط عسكريين متقاعدين حديثاً من ذوي الخلفية في العمليات الخاصة من ولاية كارولينا الشمالية.
أغويلار، الذي نشأ في شيكاغو لأب أيرلندي-أمريكي وأم مكسيكية، تخرج من الأكاديمية العسكرية الأمريكية في ويست بوينت وتم تكليفه كضابط مشاة. يتحدث الإسبانية بطلاقة وبعض اليابانية والروسية والبرتغالية. وهو متزوج وأب لطفلين.
جريمة تاريخية يجب أن لا تَمر بهذه البساطة ويجب أن يعرفها كل العالم
الطفل أمير سار لمسافة ١٢ كيلومتر حافي القدمين من أجل الحصول على الطعام
وعند وصوله للمكان قام جندي امريكي بتصويره واذلاله وهو يقبل يده
دقائق بعد التقاط الصورة قام الجنود بقنص وقتل أمير على الفور !! pic.twitter.com/iUGVKZejy3
— MO (@Abu_Salah9) July 29, 2025
قصة الطفل أمير: شاهد عيان على المأساة
في مقابلة مؤثرة مع المجموعة الإسرائيلية المعارضة لنتنياهو “UnXeptable”، روى أغيلار تفاصيل مؤلمة عن لقائه بالطفل أمير في 28 مايو 2025 في موقع التوزيع الآمن رقم 2.
يقول أغيلار: “في 28 مايو، في موقع التوزيع الآمن رقم 2، جاء إليّ هذا الصبي الصغير أمير، ومد يده وقبّل يدي. هذا الصبي لا يرتدي حذاءً. ملابسه تتساقط عنه لأنه نحيل جداً… لم يكن معه صندوق – كان معه نصف كيس من الأرز والعدس، وكان يشكرنا”.
مشى أمير 12 كيلومتراً للوصول إلى نقطة التوزيع، وعندما وصل هناك شكرهم على “الفتات الذي حصل عليه”. وضع أمير مؤونته الضئيلة على الأرض بيديه الهزيلتين الهيكليتين، وقبّل يد أغيلار وقال “شكراً لك”.
“ثم جمع أغراضه، وعاد إلى المجموعة، وبعد ذلك تم إطلاق النار عليه – بالرذاذ الفلفلي، والغاز المسيل للدموع، والقنابل الصاعقة، والرصاص”. يضيف أغويلار: “كانوا يطلقون النار على الحشد. الفلسطينيون، المدنيون، البشر – يسقطون على الأرض. وكان أمير واحداً منهم”.
شهادة أغيلار: كشف الحقائق المرعبة
في مقابلات متعددة مع بي بي سي و”ديمقراسي ناو” وآخرين، كشف أغويلار عن تفاصيل صادمة حول العمليات في غزة. قال: “في مسيرتي المهنية بأكملها، لم أشهد قط مستوى الوحشية واستخدام القوة العشوائية وغير الضرورية ضد السكان المدنيين – سكان عُزّل وجوعى”.
وأضاف: “لم أشهد ذلك في جميع الأماكن التي نُشرت فيها للحرب، حتى كنت في غزة – على يد قوات الدفاع الإسرائيلية والمتعاقدين الأمريكيين”. وأكد أغويلار: “بلا شك، شهدت جرائم حرب من قبل قوات الدفاع الإسرائيلية، بلا شك، باستخدام قذائف المدفعية، وقذائف الهاون، وإطلاق قذائف الدبابات على مدنيين عُزّل”.
في شريط فيديو قدمه أغويلار لبي بي سي، يُسمع متعاقدون أمريكيون يطلقون النار ويحتفلون بإصابة الفلسطينيين. في الفيديو، يُسمع صوت أمريكي واضح يقول “ووو هوو!” محتفلاً، ويرد عليه متعاقد آخر قائلاً “أعتقد أنك أصبت واحداً”، ثم يرد المتعاقد الأول “جحيم، نعم يا فتى!”.
الإحصائيات المروعة: مواقع الموت
وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (OHCHR)، فقد قُتل 1,054 فلسطينياً أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات اعتباراً من 21 يوليو 2025: 766 بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية و288 بالقرب من قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الأخرى. في 5 يوليو، أفادت وزارة الصحة في غزة أن 743 فلسطينياً على الأقل قُتلوا وأصيب أكثر من 4,891، وفي 1 يوليو، لاحظت الوزارة أن حوالي 70% من الضحايا القتلى قُتلوا في مواقع مؤسسة غزة الإنسانية.
يقول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: “نحن نجري مكالمات فيديو مع موظفينا الإنسانيين الذين يتضورون جوعاً أمام أعيننا”. وأضاف: “سنواصل التحدث في كل فرصة. لكن الكلمات لا تطعم الأطفال الجوعى”.
رد مؤسسة غزة الإنسانية: اتهامات مضادة
ردت مؤسسة غزة الإنسانية بشدة على شهادة أغيلار، واتهمته بنشر “ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة”. قالت المؤسسة في بيان: “يجب التأكيد على أن السيد أغيلار كان موظفاً كمتعاقد فرعي وتم فصله منذ أكثر من شهر بسبب السلوك غير اللائق”.
وأضافت المؤسسة: “بعد الفصل، تلقينا تهديدات بأنه ما لم يتم إعادة تعيينه، فسيتم اتخاذ إجراءات ضدنا، مما يثير تساؤلات حول الدافع وراء مقابلاته”. كما ادعت المؤسسة أن لديها “أدلة على أنه من المحتمل أن يكون قد زوّر وثائق وقدم مقاطع فيديو مضللة لتعزيز روايته الكاذبة”.
المتحدث باسم المؤسسة تشابين فاي قال في مؤتمر صحفي: “ليس فقط أن الأحداث التي رواها لم تحدث أبداً، ولكنه لم يكن حتى في المكان المناسب أو في الوقت المناسب ليرى الأشياء التي يدعي أنه رآها”. وادعى فاي أن أغيلار تم فصله من قبل UG Solutions في 13 يونيو بسبب “سوء السلوك، السلوك الشاذ، والصراعات المتكررة في مكان العمل”.
شهادات أخرى تؤكد الرواية
رغم الإنكار الرسمي، فإن شهادة أغيلار ليست معزولة. فقد وثقت منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة حوادث مماثلة. في 3 يونيو 2025، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك: “الهجمات المميتة على المدنيين المنكوبين الذين يحاولون الوصول إلى كميات ضئيلة من المساعدات الغذائية في غزة، أمر لا يُغتفر”.
وأضاف: “للمرة الثالثة على التوالي، قُتل أشخاص حول موقع توزيع المساعدات الذي تديره ‘مؤسسة غزة الإنسانية’. هذا الصباح، تلقينا معلومات تفيد بأن العشرات من الأشخاص قُتلوا وأصيبوا”.
الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، وصف المشاهد قائلاً: “نتلقى يومياً عشرات الجثث والجرحى من مواقع المساعدات. معظمهم من النساء والأطفال الذين كانوا يبحثون عن الطعام”.
السياق الدولي والضغوط المتزايدة
في 21 يوليو 2025، أصدر بيان مشترك من وزراء خارجية 25 دولة، بما في ذلك بريطانيا وفرنسا، يصف نموذج توزيع المساعدات الإسرائيلي بأنه “خطير، يغذي عدم الاستقرار ويحرم الغزيين من الكرامة الإنسانية”.
كما أرسلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بقيادة السيناتور كريس فان هولن رسالة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو تطالب إدارة ترامب بوقف تمويل مؤسسة غزة الإنسانية واستئناف دعم برنامج توزيع الأغذية التابع للأمم المتحدة.
قال السيناتور فان هولن في برنامج “مواجهة الأمة” على شبكة سي بي إس: “لا ينبغي أن ينفق دافعو الضرائب الأمريكيون بنساً واحداً لتمويل هذه المنظمة الخاصة، المدعومة من قبل المرتزقة وقوات الدفاع الإسرائيلية، والتي أصبحت فخاً للموت. أكثر من ألف شخص ماتوا من إطلاق النار عليهم وقتلهم بينما كان الناس الجوعى يتزاحمون لمحاولة الحصول على الطعام في هذه المواقع الأربعة فقط”.
الأبعاد القانونية والأخلاقية
مركز الحقوق الدستورية الأمريكي يعتبر أنه من الممكن أن تكون مؤسسة غزة الإنسانية مسؤولة قانونياً عن التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. منظمة العفو الدولية تشير الأدلة التي جمعتها إلى أن الغرض من المؤسسة هو “تهدئة المخاوف الدولية بينما تشكل أداة أخرى للإبادة الجماعية الإسرائيلية”.
منظمة أطباء بلا حدود وصفت الظروف حول هذه التوزيعات بأنها “مجزرة تتنكر في ثوب المساعدة”. كما حذرت 15 منظمة حقوق إنسان من أن مؤسسة غزة الإنسانية يمكن أن تكون مسؤولة عن التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين.
التأثير على الصحة النفسية والجسدية
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، توفي أكثر من 60 شخصاً هذا الشهر من أسباب مرتبطة بسوء التغذية، بما في ذلك 24 طفلاً تحت سن الخامسة. إجمالاً، توفي 88 طفلاً من أسباب مرتبطة بسوء التغذية منذ بداية الحرب، و58 بالغاً توفوا هذا الشهر أيضاً من أسباب مرتبطة بسوء التغذية، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.
الدكتور محمد قندوز، طبيب نفسي في غزة، يقول: “الأطفال هنا يعيشون كوابيس مستمرة. يرون الموت والجوع يومياً. حتى عندما يحصلون على الطعام، يعيشون في خوف من أن يُقتلوا أثناء محاولة الحصول عليه”.
الاستجابة الدولية والمحلية
على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، أثارت قصة أمير غضباً واسعاً، حيث انتشرت هاشتاغات مثل #أمير_غزة و#Amir_Gaza على تويتر وإنستغرام. آلاف المستخدمين شاركوا قصة الطفل، مطالبين بالعدالة والمساءلة.
الكاتب والناشط شون كينغ كتب في موقع “النجم الشمالي”: “أي نوع من الأمم تقتل طفلاً يقول شكراً؟ أمير قبّل يد جندي مقابل نصف كيس من العدس. وأطلقوا النار عليه على أي حال”. وأضاف: “لا يمكن تطهير هذا. لا يمكن ‘كلا الجانبين’ فيه. هذا ليس دفاعاً. هذا ليس عرضياً. هذا انحطاط”.
المحامية والناشطة نورا عريقات علقت قائلة: “قصة أمير تلخص الوحشية المنهجية التي يواجهها الأطفال الفلسطينيون. إنها ليست قصة معزولة – إنها جزء من نمط أكبر من العنف الممنهج”[بحاجة لمصدر].
التحديات الإعلامية والتغطية
واجهت قصة أمير تحديات في التغطية الإعلامية السائدة، حيث ركزت معظم وسائل الإعلام الغربية على الجوانب الإجرائية للنزاع حول شهادة أغويلار بدلاً من التركيز على الجانب الإنساني لقصة الطفل. هذا ما دفع العديد من النشطاء والصحفيين المستقلين إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر القصة.
الصحفي جيريمي بوين من بي بي سي، الذي أجرى المقابلة مع أغويلار، قال: “في أكثر من 30 عاماً من تغطية الصراعات، نادراً ما سمعت شهادة بهذه القوة وهذا الوضوح حول ما يحدث فعلاً على الأرض”.
رمزية أمير في الضمير العالمي
قصة أمير، الطفل الذي مشى كيلومترات طويلة بحثاً عن الطعام، وقبّل يد من اعتبره منقذه، ثم قُتل بعد لحظات، تمثل رمزاً مؤلماً للمأساة الإنسانية في غزة. هذه القصة، كما رواها المقدم المتقاعد أنتوني أغيلار، تكشف عن الواقع المرعب الذي يعيشه الأطفال الفلسطينيون، والتناقض الصارخ بين الخطاب الإنساني المعلن والممارسات الوحشية على الأرض.
رغم محاولات مؤسسة غزة الإنسانية التشكيك في شهادة أغويلار، فإن الأدلة المتراكمة من مصادر متعددة – بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وشهود عيان آخرين – تدعم روايته. أكثر من 1000 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات، معظمهم بالقرب من مواقع مؤسسة غزة الإنسانية، في إحصائية مروعة تتحدث عن نفسها.
إن استقالة جيك وود، المدير التنفيذي الأول للمؤسسة، بعد شهرين فقط من توليه المنصب، وتصريحه بأنه “ليس من الممكن تنفيذ هذه الخطة مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية”، يضيف مصداقية إضافية لادعاءات أغويلار ويكشف عن الطبيعة الإشكالية لهذه العملية منذ البداية.
أما أنتوني أغيلار نفسه، الجندي المخضرم الذي خدم 25 عاماً وحصل على أرفع الأوسمة العسكرية، فقد دفع ثمناً شخصياً باهظاً لكشف الحقيقة. تم فصله من عمله، وتعرض لحملة تشويه منظمة، لكنه أصر على أن “لا شيء سيشتري روحي. لا شيء سيدفع مقابل قيمي ووطنيتي كأمريكي”. وأضاف: “أنا أمريكي أولاً. لست متعاقداً. لست مرتزقاً. لست مخبراً. أنا أمريكي وطني يريد الشعب الأمريكي أن يعرف الحقيقة”.
في النهاية، تبقى قصة أمير شاهداً على المأساة الإنسانية في غزة، وتحدياً للضمير العالمي الذي يجب أن يتحرك لوقف هذه المعاناة. كما قال شون كينغ: “إذا كنت لا تزال إنساناً. إذا كنت لا تزال تشعر بأي شيء. إذا كانت صورة صبي يمشي حافي القدمين يقول ‘شكراً’ قبل أن يُطلق عليه النار تؤلمك – فعليك أن تتكلم”.
إن قصة أمير ليست مجرد قصة فردية، بل هي رمز لآلاف الأطفال الفلسطينيين الذين يواجهون نفس المصير. وفقاً لليونيسف، فإن ما لا يقل عن 100 طفل يُقتلون أو يُصابون يومياً في غزة منذ استئناف الضربات في 18 مارس. منذ بداية الحرب قبل عام ونصف، تم الإبلاغ عن مقتل 15 ألف طفل.
في عالم يدعي الحضارة والإنسانية، تبقى قصة أمير – الطفل الذي قبّل يد جندي شكراً له على كمية ضئيلة من الطعام ثم قُتل بعد لحظات – بمثابة صرخة في وجه هذا الصمت الدولي المتواطئ. إنها قصة تستحق أن تُروى وأن تُذكر، ليس فقط كشهادة على الظلم، بل كدافع للعمل من أجل العدالة والكرامة الإنسانية لجميع الأطفال في غزة وحول العالم.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز