يُعد نظام DragonFire الليزري البريطاني نقلة نوعية في عالم الأسلحة الموجهة بالطاقة. يستخدم هذا النظام المتطور تقنية الليزر الصلب بقوة 50 كيلوواط لتوجيه شعاع ضوء مكثف نحو الهدف بدقة فائقة تُمكنه من إصابة عملة معدنية من مسافة تزيد عن كيلومتر واحد.
يعتمد النظام على تقنية ألياف الليزر المدمجة التي تستخدم عشرات الألياف الزجاجية لتوليد شعاع ضوئي واحد قوي. هذا التصميم المبتكر يجمع بين الكفاءة العالية والاستقرار، مما يجعله قادراً على تدمير الأهداف المتحركة بدقة لا مثيل لها.
التطوير والتاريخ
بدأ تطوير نظام DragonFire عام 2017 كمشروع مشترك بين وزارة الدفاع البريطانية والشركات الخاصة. يقود المشروع كونسورتيوم DragonFire المكون من مجموعة شركات رائدة MBDA، وLeonardo، وQinetiQ، بالإضافة إلى مختبر العلوم والتكنولوجيا الدفاعي البريطاني.
استغرق المشروع سنوات من البحث والتطوير بتكلفة إجمالية بلغت 100 مليون جنيه استرليني. واجه المطورون تحديات تقنية معقدة أدت إلى تأخير الاختبارات من موعدها المخطط في 2019 إلى 2022، وتفاقمت التأخيرات بسبب جائحة كوفيد-19.
المراحل الزمنية للتطوير
🟥 2017: الكشف العلني الأول عن النظام في معرض DSEI في لندن
🟥 يوليو 2022: اختبارات التتبع منخفضة القوة في جزر هبرايد الاسكتلندية
🟥 أكتوبر 2022: أول إطلاق ليزر عالي القوة في مجمع بورتون داون
🟥 يناير 2024: أول اختبار ناجح ضد أهداف جوية في اسكتلندا
المواصفات التقنية المتقدمة
القوة والدقة
يتمتع نظام DragonFire بقدرات تقنية استثنائية تجعله متفوقاً على الأنظمة التقليدية:
🟥 القوة: 50 كيلوواط من طاقة الليزر المركزة
🟥 الدقة: قادر على إصابة هدف بحجم العملة المعدنية من مسافة كيلومتر
🟥 السرعة: يعمل بسرعة الضوء لإصابة الأهداف فورياً
🟥 المدى: مصنف سري، لكنه سلاح بصري يستطيع مهاجمة أي هدف مرئي
The UK Chancellor of the Exchequer announced today that four Royal Navy warships will be fitted with DragonFire laser directed energy weapons by 2027 as part of a £2.2 ($2.8) billion boost to defense spending. The energy needed to fire the DragonFire costs about $10 a shot. pic.twitter.com/mTYk7JYBu1
— U.S. Naval Institute (@NavalInstitute) March 26, 2025
التقنيات المكونة للنظام
🟥 نظام التتبع والتوجيه: تتولى شركة MBDA تطوير أنظمة القيادة والتحكم المتطورة، بالإضافة إلى خوارزميات معالجة الصور وتتبع الأهداف المتقدمة. هذه الأنظمة قادرة على تتبع أهداف متعددة في الوقت الفعلي.
🟥 موجه الشعاع: طورت شركة Leonardo نظام توجيه الشعاع، وهو الجزء الأكثر وضوحاً في النظام. يواجه هذا المكون التحدي الأكبر في تطوير أسلحة الطاقة الموجهة، حيث يجب الحفاظ على تركيز الشعاع على منطقة صغيرة جداً لمسافات تصل إلى عدة كيلومترات.
🟥 مصدر الليزر: تقدم شركة QinetiQ تقنية الليزر الليفي المدمج الذي يولد القوة اللازمة للنظام. يعتمد على تقنية الحالة الصلبة عالية الكفاءة.
الاختبارات والنتائج المذهلة
اختبارات 2022 الرائدة
في أكتوبر 2022، حقق النظام إنجازاً تاريخياً بتنفيذ أول إطلاق ليزر عالي القوة لقدرة بريطانية محلية في مجمع بورتون داون. أظهرت هذه الاختبارات قدرة النظام على التحكم الآمن وتركيز شعاع ليزر عالي القوة على نقطة دقيقة للغاية على مدى طويل.
الاختبار الميداني 2024
في يناير 2024، حقق DragonFire إنجازاً فريداً بكونه أول سلاح ليزر بريطاني يطلق بقوة عالية ضد أهداف جوية. تم الاختبار في منطقة هبرايد النائية في اسكتلندا، حيث نجح النظام في تدمير طائرات بدون طيار وأهداف معدنية مصممة لمحاكاة هياكل الطائرات والسفن.
أظهرت مقاطع فيديو رسمية رُفعت عنها السرية الشعاع الليزري وهو يخترق السماء الليلية، مكوناً كرة ضوئية عند إصابة الهدف. كما تم الكشف عن صور لقذيفة هاون تم حرقها بالكامل بواسطة النظام.
النتائج في الظروف الجوية القاسية
تمكن النظام من العمل بفعالية حتى في الأمطار الغزيرة وعلى مسافات تصل إلى 3.4 كيلومتر، مما يثبت قدرته على العمل في ظروف قتالية واقعية متنوعة.
الفعالية الاقتصادية الثورية
تكلفة التشغيل المنخفضة
يُعتبر العامل الاقتصادي أحد أهم مزايا نظام DragonFire. تبلغ تكلفة تشغيل النظام أقل من 10 جنيهات استرلينية (حوالي 12.5 دولار) للطلقة الواحدة. هذا يعني أن إطلاق الليزر لمدة 10 ثوانٍ يكلف نفس تكلفة تشغيل مدفأة منزلية لمدة ساعة واحدة.
مقارنة التكاليف مع الأسلحة التقليدية
المقارنة مع الصواريخ التقليدية تُظهر الوفورات الهائلة:
🟥 صاروخ Standard Missile-2 الأمريكي: أكثر من 2 مليون دولار للطلقة الواحدة
🟥 صواريخ الدفاع الجوي التقليدية: مئات الآلاف من الدولارات
🟥 نظام DragonFire: 12.5 دولار فقط للطلقة
هذا الفرق الشاسع في التكلفة يجعل النظام مثالياً لمواجهة أسراب الطائرات بدون طيار التي قد تكلف أقل من 100,000 دولار، بينما تكلف مواجهتها بالصواريخ التقليدية ملايين الدولارات.
التطبيقات العسكرية والاستراتيجية
الدفاع البحري
يُعتبر النشر البحري هو الأولوية الأولى لنظام DragonFire. خطط البحرية الملكية البريطانية تشير إلى تركيب النظام على أربع سفن حربية بحلول عام 2027، بعد أن كانت الخطة الأصلية تقتصر على سفينة واحدة بحلول 2032.
السفن المرشحة للحصول على النظام تشمل:
-
مدمرات Type 45: بفضل قدرتها الكبيرة على توليد الطاقة
-
فرقاطات Type 26 الجديدة: التي تمتلك أنظمة طاقة متطورة
الدفاع البري
في يوليو 2024، تم اختبار النظام لأول مرة على مركبة عسكرية برية، حيث تم تركيبه على مركبة Wolfhound المدرعة التابعة للجيش البريطاني. نجح النظام في تحييد أهداف على مسافات تزيد عن كيلومتر واحد.
يُخطط لإجراء المزيد من الاختبارات مع أفراد الجيش في أواخر عام 2024 لتقييم قدرات النظام في سيناريوهات العالم الحقيقي.
المزايا التكتيكية والاستراتيجية
سرعة الاستجابة
يعمل النظام بسرعة الضوء، مما يعني عدم وجود زمن سفر للمقذوف كما هو الحال مع الصواريخ التقليدية. هذا يجعله مثالياً لمواجهة التهديدات سريعة الحركة مثل الصواريخ فرط الصوتية والطائرات المقاتلة.
ذخيرة لا محدودة عملياً
بخلاف الأنظمة التقليدية، لا يحتاج DragonFire إلى ذخيرة مادية. طالما تتوفر الطاقة الكهربائية، يمكن للنظام العمل لفترات طويلة دون الحاجة لإعادة التزود.
دقة فائقة وأضرار جانبية محدودة
الدقة الاستثنائية للنظام تُقلل من مخاطر الأضرار الجانبية، مما يجعله مناسباً للاستخدام في البيئات المدنية أو المناطق الحساسة. يمكن للنظام استهداف أجزاء محددة من الهدف، مثل الرأس الحربي للصاروخ.
التحديات التقنية والحلول المبتكرة
إدارة الطاقة
أحد التحديات الرئيسية هو استهلاك الطاقة العالي. النظام يحتاج حوالي 450 كيلوواط لإنتاج 50 كيلوواط من طاقة الليزر. هذا يتطلب أنظمة توليد طاقة قوية على المنصات التي تحمل السلاح.
الظروف الجوية
رغم نجاح النظام في العمل أثناء المطر الغزير، تبقى الظروف الجوية تحدياً للأسلحة الليزرية عموماً. الضباب والعواصف الرملية يمكن أن تؤثر على فعالية الشعاع.
الحلول التقنية البريطانية
طور الفريق البريطاني حلولاً مبتكرة لهذه التحديات:
🟥 نظام المرايا السريعة: يستخدم مرايا عالية السرعة مع خوارزميات متقدمة لضمان بقاء الشعاع مركزاً على الهدف حتى لو كان كل من الهدف والمنصة يتحركان.
🟥 طلاءات خاصة: طورت شركة Leonardo مواد وطلاءات خاصة منخفضة الامتصاص لحماية المرايا من التدمير بفعل طاقة الليزر العالية.
المقارنة الدولية والتفوق البريطاني
الولايات المتحدة الأمريكية
تطور الولايات المتحدة نظام HELIOS بقوة 60 كيلوواط بالتعاون مع شركة لوكهيد مارتن، بالإضافة إلى خطط لتطوير أنظمة بقوة 150 كيلوواط. لكن البرنامج الأمريكي يواجه انتقادات بسبب بطء الانتشار رغم الاستثمارات الضخمة التي تتجاوز مليار دولار سنوياً.
إسرائيل
تطور إسرائيل نظام Iron Beam كجزء من منظومة القبة الحديدية، والذي حقق نجاحات ملحوظة في مواجهة التهديدات الفعلية.
التفوق البريطاني
يتميز النهج البريطاني بـالكفاءة الاقتصادية والتطوير السريع. بينما أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات، تمكنت بريطانيا من تطوير نظام فعال بتكلفة أقل من 200 مليون دولار.
الاستراتيجية المستقبلية والانتشار
الخطة الزمنية للانتشار
🟥 2024: اختبارات إضافية مع أفراد الجيش البريطاني
🟥 2027: نشر النظام على أربع سفن حربية بحرية
🟥 2030: انتشار أوسع على منصات برية وبحرية مختلفة
التطوير المستقبلي
تهدف الخطط المستقبلية إلى:
🟥 زيادة القوة: تطوير أنظمة بقوة أعلى للتعامل مع تهديدات أكبر
🟥 تقليل الحجم: جعل الأنظمة أكثر قابلية للنقل والتركيب
🟥 تحسين الكفاءة: تقليل استهلاك الطاقة وزيادة المتانة
الصناعات المدعومة
يُتوقع أن يخلق البرنامج أكثر من 300 وظيفة جديدة في القطاع الدفاعي البريطاني، ويُعزز من موقع بريطانيا كرائدة عالمية في تكنولوجيا الأسلحة الموجهة بالطاقة.
التأثير على المعادلة العسكرية العالمية
تغيير قواعد اللعبة
يُمثل نظام DragonFire نقلة نوعية في مفهوم الحرب الحديثة. قدرته على مواجهة أسراب الطائرات بدون طيار بتكلفة منخفضة جداً يغير حسابات القوة العسكرية.
الدروس من الصراعات الحديثة
الحرب في أوكرانيا وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر أظهرت أهمية وجود أنظمة دفاع جوي اقتصادية قادرة على مواجهة تهديدات منخفضة التكلفة بكثافة عالية.
استخدمت المدمرة البريطانية HMS Diamond صواريخ دفاع جوي تقليدية تكلف مئات الآلاف من الدولارات لمواجهة طائرات بدون طيار قد تكلف بضعة آلاف من الدولارات فقط. هذا المعادلة غير المتوازنة تجعل أنظمة مثل DragonFire ضرورة استراتيجية.
الخلاصة والآفاق المستقبلية
نظام DragonFire البريطاني يُمثل قفزة حقيقية نحو مستقبل الحرب الحديثة. بتكلفة تشغيلية تبلغ 12.5 دولار للطلقة الواحدة، ودقة تُمكنه من إصابة عملة معدنية من كيلومتر، وسرعة عمل بسرعة الضوء، يُعيد هذا النظام تعريف مفاهيم الدفاع الجوي والبحري.
النجاح البريطاني في تطوير هذا النظام بكفاءة اقتصادية عالية، مقارنة بالمشاريع الأمريكية الأكثر تكلفة، يُظهر أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص والتركيز على الحلول العملية بدلاً من التعقيد المفرط.
مع خطط النشر على أربع سفن حربية بحلول 2027، وتوسيع الاستخدام ليشمل المنصات البرية، يبدو أن بريطانيا على وشك الحصول على ميزة تكتيكية كبيرة في مواجهة التهديدات الناشئة، خاصة أسراب الطائرات بدون طيار والصواريخ سريعة الحركة.
إن نظام DragonFire ليس مجرد سلاح جديد، بل هو نموذج لمستقبل الحرب حيث تلتقي التكنولوجيا المتقدمة مع الكفاءة الاقتصادية لإنتاج حلول دفاعية ثورية تُغير قواعد اللعبة العسكرية على المستوى العالمي.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز
