تشهد محادثات وقف إطلاق النار في قطاع غزة المستمرة منذ أسبوعين في الدوحة تطورات حاسمة، حيث أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرب إطلاق سراح عشرة رهائن إضافيين من قطاع غزة، وسط تضارب في المعلومات حول مدى التقدم الفعلي في المفاوضات والاتهامات المتبادلة بين الأطراف بالمماطلة.
تصريحات ترامب والإدارة الأمريكية تشير لتفاؤل حذر
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء السبت، خلال عشاء مع أعضاء من الكونغرس في البيت الأبيض، أن “عشرة رهائن إضافيين سيُفرج عنهم قريبا من قطاع غزة، ونأمل أن ننهي هذه المسألة بسرعة”. كما أشاد بجهود مبعوثه الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واصفاً عمله بأنه “رائع” في هذا الملف.
وكان ترامب قد أشار في وقت سابق من الأسبوع إلى أن واشنطن لديها “أخباراً جيدة” بشأن غزة، فيما قال مبعوثه ويتكوف إن المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع “تسير على نحو جيد”.
مقترح الستين يوماً والتفاصيل الكاملة للاتفاق المحتمل
تتناول المفاوضات الجارية في الدوحة مقترحاً أمريكياً لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، يتضمن إطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء و18 جثة لرهائن متوفين من “قائمة الـ58” التي قدمتها إسرائيل. ووفقاً للنص الكامل للمقترح الذي حصلت عليه عدة وسائل إعلام، فإن عملية الإفراج ستتم على مراحل:
🟥 اليوم الأول: إطلاق سراح 8 رهائن أحياء
🟥 اليوم السابع: تسليم جثث 5 رهائن
🟥 اليوم الثلاثون: تسليم جثث 5 رهائن إضافية
🟥 اليوم الخمسون: إطلاق سراح رهينتين
🟥 اليوم الستون: تسليم 8 جثث
يشمل المقترح أيضاً إطلاق سراح 125 سجيناً فلسطينياً محكوماً بالسجن المؤبد و1,111 معتقلاً من غزة اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر 2023، مع ضمان الرئيس ترامب شخصياً لالتزام إسرائيل بالهدنة خلال الفترة المتفق عليها.
انسحابات إسرائيلية تدريجية ومرونة جديدة في المواقف
تشير التقارير إلى إبداء إسرائيل مرونة ملحوظة في موقفها من خرائط الانسحاب، خاصة فيما يتعلق بالتخلي عن السيطرة على محور موراغ الاستراتيجي الذي يفصل بين مدينتي خان يونس ورفح. المقترح ينص على انسحاب إسرائيلي تدريجي: في اليوم الأول من شمال القطاع، وفي اليوم السابع من الجنوب.
وأفادت مصادر قطرية بوجود “ارتياح بين الوسطاء المصريين والقطريين بعد أن أصبحت إسرائيل أكثر مرونة بشأن انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة”، مما يُعتبر تطوراً إيجابياً في المفاوضات.

حماس تتهم إسرائيل بالمماطلة وتحذر من تعطيل الاتفاق
على الجانب الآخر، تواصل حركة حماس اتهام إسرائيل بالمماطلة وتعطيل المفاوضات. قال متحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة إن حماس “عرضت مراراً خلال الأشهر الأخيرة عقد صفقة شاملة نسلم فيها كل أسرى العدو دفعة واحدة”، محذراً من أنه “إذا تعنّت العدو بجولة المفاوضات، فلن نضمن العودة مجدداً لصيغة الصفقات الجزئية”.
كما اتهمت الحركة إسرائيل بتقديم خرائط انسحاب “تهدف إلى إعادة انتشار وإعادة تموضع للجيش الإسرائيلي وليس انسحاباً حقيقياً”، وتتضمن الاحتفاظ بالسيطرة على أكثر من 40% من مساحة القطاع.
العقبات الرئيسية وآخر المستجدات الميدانية
تتمحور العقبات الأساسية حول أربع نقاط خلافية رئيسية: مواقع انتشار الجيش الإسرائيلي، آلية توزيع المساعدات الإنسانية، نسب تبادل الأسرى، وضمانات عدم عودة الحرب أثناء المفاوضات.
وأشار مصدر فلسطيني إلى أن الوسطاء القطريين والمصريين “طلبوا من الطرفين تأجيل التفاوض حول الانسحاب إلى حين وصول المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف للدوحة”، مما يعكس أهمية الدور الأمريكي في دفع المفاوضات قدماً.
نتنياهو يأمر الوفد بالبقاء حتى التوصل لاتفاق
في تطور مهم، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مقربيه بأن وفده المفاوض “سيبقى بالعاصمة القطرية الدوحة حتى التوصل إلى اتفاق بشأن الأسرى”، وفقاً لصحيفة “يديعوت أحرونوت”. كما تدرس إسرائيل إرسال وفد رفيع المستوى يضم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد، ومستشار الأمن القومي، فور وصول ويتكوف إلى الدوحة.
تحديات إنسانية متفاقمة وسط استمرار القصف
وسط المجاعة القاتلة في غزة، شهدت الأسواق أيضًا في مدينة غزة احتجاجات غاضبة ضد الارتفاع الجنوني للأسعار، حيث أغلق المواطنون غالبية الأسواق الرئيسية وأجبروا أصحاب المحال على المغادرة، في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى أكثر من 90%.

التوقعات والسيناريوهات المحتملة
تصف المصادر المطلعة على المفاوضات الوضع بأنه “واعد لكن صعب”، حيث تعتبر إسرائيل هذا الأسبوع “نقطة تحول” في تحديد مصير المحادثات. وأشار مصدر سياسي إسرائيلي رفيع إلى أن “إسرائيل مستعدة لاستنفاد الخيارات المتبقية في المفاوضات”، لكنه عبر عن شكوك بشأن “جدية حماس”.
من جانبها، أكدت قطر أن فريقي التفاوض “ما زالا في الدوحة” وأن المفاوضات لا تزال في “المرحلة الأولى” بهدف الوصول إلى اتفاق مبادئ، نافية وصف الوضع بـ”الجمود” طالما أن اللقاءات مستمرة21.
خلاصة التطورات الحالية
رغم التفاؤل الحذر الذي تبديه الإدارة الأمريكية وتصريحات ترامب حول قرب إطلاق سراح رهائن جدد، تواجه مفاوضات الدوحة تحديات جوهرية تتمثل في الخلاف حول خرائط الانسحاب الإسرائيلي ومدى جدية الأطراف في التوصل لاتفاق شامل.
الأسبوع المقبل قد يشهد منعطفاً حاسماً مع وصول ويتكوف المتوقع إلى الدوحة، والذي قد يحمل معه ضغوطاً أمريكية إضافية لدفع الأطراف نحو الاتفاق. في الوقت نفسه، تستمر المأساة الإنسانية في غزة، مما يضفي إلحاحاً إضافياً على ضرورة التوصل إلى حل عاجل ينهي معاناة المدنيين ويحقق الاستقرار في المنطقة.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز