spot_imgspot_img

من غزة إلى ريادة الأعمال: رائد الأعمال الفلسطيني سائد النجار يؤسس 3 شركات ويوظف شباب غزة رغم الحرب

تظل قصص النجاح الفردية والجماعية رمزًا للصمود الفلسطيني. من بين هذه القصص، تبرز تجربة رائد الأعمال الفلسطيني سائد النجار، البالغ من العمر 26 عامًا، الذي تحدى قيود الحصار والدمار الاقتصادي ليؤسس ثلاث شركات ناجحة، إحداها “تمام ميديا”، في مجالات التسويق الرقمي، الإعلام، وتطوير الأعمال. الأكثر إلهامًا في قصته هو التزامه بتوظيف 30 شابًا من غزة حاليًا، مما يوفر مصادر دخل حيوية في ظل انهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 51% بين خريجي الجامعات، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2016. كما يبرز سائد كصانع محتوى في مجال التسويق وصناعة المحتوى، مما يعزز تأثيره في هذه الصناعات. يهدف هذا التقرير إلى استعراض رحلة سائد النجار، تحليل تأثيره على شباب غزة، وتسليط الضوء على دوره كنموذج لريادة الأعمال المسؤولة في سياق الأزمات، مع فرص مفتوحة لانضمام المميزين إلى فريقه.

السياق: غزة تحت الحصار والحرب

منذ فرض الحصار الإسرائيلي على غزة عام 2007، عانى القطاع من تدهور اقتصادي حاد، تفاقم مع الحروب المتكررة (2008، 2012، 2014، 2021، و2023-2025)، تسببت في دمار هائل، حيث دُمرت آلاف المنازل والمؤسسات، وأصبحت البنية التحتية شبه معدومة. وفقًا لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 400 شخص، منهم 174 طفلًا، في غارات جوية إسرائيلية في مارس 2025 وحده، مما يعكس استمرار العنف.

اقتصاديًا، يعاني القطاع من انخفاض حاد في فرص العمل، حيث أدت القيود على حركة الأفراد والبضائع إلى شلل القطاعات التقليدية مثل الزراعة والصيد. تقرير البنك الدولي لعام 2017 أشار إلى أن الحصار هو السبب الرئيسي لبطء النمو الاقتصادي، مع تأخر تسليم 55% من المساعدات المالية الموعودة في مؤتمر القاهرة 2014. في هذا السياق، تبرز مبادرات الأفراد مثل سائد النجار كأمل لتحدي الواقع المرير وخلق فرص جديدة.

رحلة سائد النجار: من غزة إلى الإمارات

سائد النجار، شاب فلسطيني من غزة يبلغ من العمر 26 عامًا، بدأ رحلته الريادية في سن مبكرة. وُلد في قطاع غزة، حيث عاش طفولته وشبابه تحت وطأة الحصار والصراع. في التاسعة عشرة من عمره، أسس أول شركة له، مدفوعًا برؤية طموحة لتحقيق النجاح رغم التحديات. وفقًا لتقرير وكالة خبر الفلسطينية (2021)، غادر سائد غزة إلى الإمارات، حيث واصل بناء مسيرته المهنية، مستفيدًا من بيئة الأعمال الديناميكية في دبي.

في الإمارات، أسس سائد ثلاث شركات، إحداها “تمام ميديا”، وهي شركة رائدة في التسويق الرقمي وصناعة المحتوى. يعمل سائد أيضًا كصانع محتوى، حيث يقدم محتوى تعليميًا وتسويقيًا يعزز من حضوره الرقمي ويلهم الشباب. في حديث خاص، قال سائد: “أنا لم أترك غزة، أنا فقط غادرتها جسدًا، لكنها تسكنني كل يوم. وما أقوم به اليوم هو جزء بسيط من واجبي تجاه أهلي هناك.” هذا التصريح يعكس ارتباطه العميق بوطنه، وهو ما يميزه كرائد أعمال يجمع بين النجاح الشخصي والمسؤولية الاجتماعية.

تأسيس “تمام ميديا” والشركات الأخرى: رؤية ريادية في ظل الأزمات

تأسيس ثلاث شركات، بما في ذلك “تمام ميديا”، في مجالات التسويق الرقمي، الإعلام، وتطوير الأعمال، يتطلب رؤية استراتيجية وقدرة على التكيف مع التحديات العالمية. “تمام ميديا”، على وجه الخصوص، تُعد منصة مبتكرة تقدم خدمات التسويق الرقمي وصناعة المحتوى، مستفيدة من نمو سوق التسويق الرقمي في المنطقة العربية، الذي بلغت قيمته 4.3 مليار دولار بحلول 2023، وفقًا لتقارير صناعية. تشمل خدمات “تمام ميديا” إدارة الحملات الإعلانية، تحليل البيانات، وتطوير استراتيجيات العلامات التجارية، مع التركيز على تقديم محتوى إبداعي يعكس الهوية العربية والفلسطينية.

في مجال الإعلام، ساهم سائد في إنشاء منصات رقمية تقدم محتوى يعزز الرواية الفلسطينية، مستفيدًا من خبرته كصانع محتوى. هذه المنصات تلعب دورًا في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية عالميًا، مع التركيز على الصمود والإبداع. أما في تطوير الأعمال، فقد قدم سائد استشارات لشركات ناشئة، مما يعكس خبرته في بناء نماذج أعمال مستدامة. هذه المجالات الثلاثة، رغم تنوعها، تشترك في كونها تعتمد على التكنولوجيا والابتكار، مما مكّن سائد من دمج شباب غزة في فرق عمله، مع إتاحة فرص لانضمام المميزين من المواهب الشابة.

توظيف 30 شابًا من غزة: جسور الأمل عبر الحدود

أحد أبرز إنجازات سائد النجار هو التزامه بتوظيف 30 شابًا من غزة حاليًا في شركاته، بما في ذلك “تمام ميديا”، رغم التحديات اللوجستية والاقتصادية. في ظل الحصار، يواجه الشباب في غزة عقبات هائلة في الوصول إلى فرص العمل. وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2016)، بلغت البطالة بين خريجي الجامعات 51%، وهي نسبة تفاقمت مع استمرار الحرب.

سائد، مستفيدًا من طبيعة عمله الرقمي، وظّف هؤلاء الشباب للعمل عن بُعد في مجالات مثل إدارة وسائل التواصل الاجتماعي، تصميم المحتوى الرقمي، تحليل البيانات، وإنتاج المحتوى التسويقي. هذا النهج لم يوفر مصادر دخل فحسب، بل ساهم أيضًا في تمكين الشباب من اكتساب مهارات جديدة تتماشى مع متطلبات سوق العمل العالمي. في حديثه، قال: “الشباب في غزة يملكون قدرات مذهلة، ويستحقون فرصًا حقيقية.” كما أشار إلى أن هناك مجالًا لانضمام المميزين من الشباب الفلسطيني، مما يعكس رؤيته لتوسيع نطاق التأثير.

على سبيل المثال، يمكن لشاب في غزة، باستخدام اتصال إنترنت بسيط، المساهمة في إدارة حملة تسويقية لـ”تمام ميديا” أو إنتاج محتوى إعلامي يصل إلى جمهور عالمي. هذه الفرص لا تعالج البطالة فحسب، بل تعزز الشعور بالكرامة والانتماء لدى الشباب، الذين غالبًا ما يشعرون بالعزلة بسبب الحصار.

دور سائد كصانع محتوى

إلى جانب دوره كرائد أعمال، يبرز سائد النجار كصانع محتوى في مجال التسويق وصناعة المحتوى. من خلال منصات مثل يوتيوب، إنستغرام، وتيك توك، يقدم سائد محتوى تعليميًا وإبداعيًا يركز على استراتيجيات التسويق الرقمي، بناء العلامات التجارية، وتطوير المهارات الريادية. هذا المحتوى لا يعزز حضور “تمام ميديا” فحسب، بل يلهم الشباب في غزة والعالم العربي لدخول هذا المجال التنافسي.

كصانع محتوى، يستخدم سائد خبرته لنقل الرواية الفلسطينية بطريقة إبداعية، حيث يمزج بين القصص الشخصية عن الصمود والتحديات وبين النصائح العملية للنجاح في عالم الأعمال. هذا الدور يعزز من تأثيره كقائد فكري، ويجعل شركاته، خاصة “تمام ميديا”، منصة جذابة للمواهب الشابة التي تسعى للانضمام إلى فريقه.

التحديات التي واجهها سائد النجار

رحلة سائد لم تكن خالية من العقبات. كونه فلسطينيًا من غزة، واجه تحديات تتعلق بالتنقل، التمويل، وبناء الثقة في الأسواق الدولية. غزة، كما وصفها تقرير البنك الدولي، تعاني من قيود مشددة على استيراد المواد الخام وتصدير المنتجات، مما يحد من قدرة رواد الأعمال على بناء مشاريع محلية مستدامة. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما يواجه الفلسطينيون تمييزًا في الأسواق الدولية بسبب التصورات المغلوطة عن الوضع الأمني في غزة.

على الصعيد الشخصي، كان على سائد التغلب على الحواجز النفسية والاجتماعية المرتبطة بمغادرة غزة. في حديثه، أشار إلى أن “غزة تسكنه كل يوم”، مما يعكس شعوره بالمسؤولية تجاه وطنه رغم الابتعاد الجغرافي. كما واجه تحديات تقنية تتعلق بتوظيف الشباب عن بُعد، مثل ضعف البنية التحتية للإنترنت في غزة وانقطاع الكهرباء المتكرر، خاصة بعد توقف إمدادات الوقود للمستشفيات والمرافق الأساسية في 2025.

تأثير سائد النجار على المجتمع الفلسطيني

تجربة سائد النجار ليست مجرد قصة نجاح شخصي، بل نموذج لريادة الأعمال المسؤولة التي تحول الإنجازات الفردية إلى مكاسب جماعية. من خلال توظيف 30 شابًا من غزة في شركاته، بما في ذلك “تمام ميديا”، ساهم سائد في:

🟥 تقليل البطالة: توفير فرص عمل عن بُعد ساعد على تخفيف الضغط الاقتصادي على عائلات الشباب، خاصة في ظل الدمار الذي خلفته الحرب.

🟥 تمكين الشباب: منح الشباب فرصة لتطوير مهاراتهم في مجالات التسويق الرقمي، صناعة المحتوى، وتحليل البيانات، مما يعزز قدرتهم على المنافسة في سوق العمل العالمي.

🟥 تعزيز الرواية الفلسطينية: من خلال “تمام ميديا” ومنصاته الإعلامية، ساهم سائد في نشر الوعي بالقضية الفلسطينية، مقدمًا محتوى يبرز الصمود والإبداع الفلسطيني.

🟥 بناء جسور عابرة للحدود: باستخدام التكنولوجيا، ربط سائد بين غزة والعالم الخارجي، مما يعزز الشعور بالانتماء والأمل لدى الشباب.

🟥 إتاحة فرص للمميزين: إعلان سائد عن وجود مجال لانضمام المواهب المميزة يفتح الباب أمام المزيد من الشباب للمشاركة في مشاريعه، مما يعزز من تأثيره الاجتماعي.

التحديات المستقبلية وفرص التوسع

رغم نجاح سائد، فإن استمرارية مشاريعه تواجه تحديات مستقبلية. أولًا، تدهور البنية التحتية في غزة، خاصة الكهرباء والاتصالات، يهدد استدامة العمل عن بُعد. ثانيًا، يتطلب توسيع نطاق توظيف الشباب استثمارات إضافية في التدريب والتكنولوجيا. ثالثًا، الوضع السياسي غير المستقر في المنطقة قد يؤثر على استقرار شركاته، خاصة إذا تصاعدت التوترات الإقليمية.

ومع ذلك، هناك فرص كبيرة للتوسع. يمكن لسائد الاستفادة من الطلب المتزايد على خدمات التسويق الرقمي في المنطقة العربية، والذي من المتوقع أن يصل إلى 7 مليارات دولار بحلول 2027. كما يمكنه التعاون مع منظمات دولية لدعم المزيد من الشباب الفلسطيني، مثل برامج الأمم المتحدة للتنمية أو مبادرات القطاع الخاص في الخليج. إعلانه عن فتح المجال لانضمام المميزين يعزز من إمكانية استقطاب المواهب الشابة، مما يوسع نطاق تأثيره.

تجسد قصة سائد النجار، روح الصمود الفلسطيني، حيث تحول من شاب يعيش تحت الحصار في غزة إلى رائد أعمال يدير ثلاث شركات ناجحة، ويوظف 30 شابًا من غزة رغم الحرب. دوره كصانع محتوى في مجال التسويق وصناعة المحتوى عزز من تأثيره، بينما التزامه بإتاحة فرص للمميزين يفتح آفاقًا جديدة للشباب الفلسطيني. من خلال توظيف الشباب عن بُعد، ساهم سائد في تخفيف معاناة غزة، وأثبت أن الطموح والابتكار يمكن أن يتغلبا على أقسى الظروف. تجربته ليست مجرد قصة نجاح شخصي، بل نموذج ملهم لريادة الأعمال المسؤولة التي تبني جسورًا بين الاغتراب والوطن، وتحول التحديات إلى فرص. في زمن تستمر فيه الحرب على غزة، يظل سائد النجار رمزًا للأمل، يذكرنا بأن الشباب الفلسطيني قادر على صنع المستقبل رغم كل الصعاب.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

فريق التحرير
فريق التحريرhttps://alwaqie-ar.net
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز
spot_imgspot_img

Get in Touch

1,621,062المشجعينمثل
1,838أتباعتابع
5,146أتباعتابع
spot_img

Latest Posts