استشهد فجر اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025، المستشار محمد فرج الغول، أحد القيادات البارزة في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، جراء غارة جوية إسرائيلية. كان الغول شخصية قانونية وسياسية مرموقة، شغل منصب وزير الأسرى والمحررين ووزير العدل في حكومة حماس برئاسة إسماعيل هنية عام 2007، وعضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة التغيير والإصلاح. يُعد الغول أحد رواد العمل القانوني والإنساني في قطاع غزة، حيث أسس مؤسسة دار الحق والقانون لحقوق الإنسان، وساهم في تعزيز العدالة وحقوق الأسرى.
حياته ونشأته
وُلد محمد فرج الغول عام 1957 في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في عائلة فلسطينية تمسكت بقضيتها الوطنية. تلقى تعليمه الجامعي في كلية الحقوق بجامعة القاهرة، حيث حصل على درجة البكالوريوس في القانون، ثم أكمل دراسته العليا بنيل درجة الماجستير في القانون الدولي وحقوق الإنسان من جامعة العالم الأمريكية. كما أجرى دراسات عليا في معهد الدراسات الإسلامية “الباقوري” بالقاهرة، مما أثرى خلفيته الفكرية والقانونية.
عُرف الغول بقربه من الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، وكان أحد رجال الحركة الأوائل الذين ساهموا في بناء نهجها السياسي والمقاوم. وصفه أحد النشطاء على منصة إكس بـ”رفيق درب الشهيد المؤسس أحمد ياسين”، مشيراً إلى دوره المبكر في الحركة وتأثيره العميق في مسيرتها.
مسيرته المهنية والسياسية
العمل القانوني
كان الغول محامياً بارزاً في قطاع غزة، حيث أدار مكتباً للمحاماة، وأسس مؤسسة دار الحق والقانون لحقوق الإنسان، التي ركزت على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، خصوصاً الأسرى في السجون الإسرائيلية. ترأس اللجنة الحكومية المكلفة بمتابعة توصيات تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة، مما يعكس التزامه بالعدالة الدولية وحقوق الإنسان.
الأدوار السياسية
انتُخب الغول عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 عن كتلة التغيير والإصلاح التابعة لحماس، ممثلاً عن محافظة غزة. في عام 2007، شغل منصب وزير الأسرى والمحررين ووزير العدل في حكومة إسماعيل هنية، حيث عمل على تعزيز قضايا الأسرى ودعم حقوقهم القانونية. كما تولى رئاسة كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي بغزة عام 2013، مما عزز دوره كقائد سياسي مؤثر.
مواقفه
المقاومة والجهاد
كان الغول من الداعمين البارزين لنهج المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث عكست مواقفه التزام حماس بتحرير فلسطين “من النهر إلى البحر”. رأى أن الجهاد هو السبيل الوحيد لتحقيق العدالة واستعادة الحقوق الفلسطينية، وهو ما أكدته حركة حماس في ميثاقها لعام 1988. كما عُرف برفضه لسياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال، ودعوته لإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية لمواجهة الاحتلال.
العمل الإنساني
على الرغم من دوره السياسي والقانوني، كان الغول معروفاً بتفانيه في العمل الإنساني، كان يكفل العديد من العائلات في غزة، وساهم في دعم النازحين خلال الحرب. كما نجا من محاولات اغتيال أكثر من خمس مرات، ونزح أكثر من 40 مرة خلال النزاع الأخير، مما يعكس صموده وتفانيه في خدمة شعبه.

الالتزام الديني
وصف النشطاء الغول بـ”شيخ الثغور”، مشيرين إلى التزامه الديني العميق. كان يقرأ سورتي البقرة وآل عمران كل ليلة، على الرغم من كبر سنه وإرهاق الحرب، مما يعكس إيمانه العميق. هذا الجانب الروحي جعله مصدر إلهام للكثيرين، كما عبر أحد النشطاء: “لو كانت الأرض تفتخر، لافتخرت بك أيها الطاهر”.
نهجه في الحكم
أظهر الغول تواضعاً كبيراً في تعامله مع النقد، روى أحد الأشخاص لقاءه بالغول في سوريا بعد توليه منصب وزير العدل، حيث قدم ملاحظات نقدية، فأجاب الغول: “نحن نخطئ؛ ونتعلم؛ وفي كل الأحوال لا نُصر على الخطأ”. هذا الموقف يعكس انفتاحه على النقد البناء وحرصه على تحسين الأداء الحكومي.

استشهاده
استشهد محمد فرج الغول فجر يوم 15 يوليو 2025، في غارة إسرائيلية، ضمن سلسلة اعتداءات طالت قيادات سياسية ومدنية في القطاع.
حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي
شهدت منصة إكس تفاعلاً كبيراً مع خبر استشهاد الغول. وصفه أحد النشطاء بـ”قامة العمل القانوني” و”صاحب القلب الجميل واللسان الطاهر”، مما يعكس الاحترام الكبير الذي حظي به. كما أشارت منشورات إلى صموده في مواجهة الحرب، حيث نجا من محاولات اغتيال متعددة، واستمر في دعم شعبه حتى اللحظات الأخيرة. هذه الشهادات تعزز صورة الغول كشخصية محبوبة ومؤثرة في المجتمع الفلسطيني.
إسهاماته وإرثه
ترك محمد فرج الغول إرثاً قانونياً وسياسياً كبيراً في فلسطين. من خلال عمله في مؤسسة دار الحق والقانون، ساهم في توثيق انتهاكات الاحتلال والدفاع عن حقوق الأسرى. دوره في المجلس التشريعي وحكومة حماس عزز مكانة الحركة كقوة سياسية ومقاومة. كما أن صموده في مواجهة الاستهداف الإسرائيلي جعله رمزاً للثبات والتضحية.
محمد فرج الغول ليس مجرد اسم في سجل الشهداء، بل رمز للنضال الفلسطيني الذي جمع بين العمل القانوني، السياسي، والإنساني. حياته التي امتدت لـ68 عاماً كانت مليئة بالتضحيات والإسهامات في سبيل القضية الفلسطينية. استشهاده يعكس استمرار الاحتلال الإسرائيلي في استهداف القيادات الفلسطينية، لكنه في الوقت ذاته يؤكد على صمود الشعب الفلسطيني وقادته.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز