منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، أصبح ملف المفقودين واحدًا من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحًا. وفقًا لمقابلة أجرتها منصة الواقع العربي مع السيد غازي المجدلاوي، منسق المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا، يُقدر عدد المفقودين بحوالي 11,000 شخص، بينما تم توثيق 5,000 حالة فقط رسميًا. هذا التقرير يستعرض أسباب هذه الفجوة، آليات البحث والتوثيق، التحديات القانونية والإنسانية، والحلول المستقبلية، مع الاعتماد على المعلومات المقدمة من المجدلاوي ومدعومًا ببيانات من مصادر موثوقة.

الفجوة بين التقديرات والتوثيق الرسمي
تشير التقديرات إلى أن عدد المفقودين في غزة يصل إلى 11,000 شخص، بينما تم توثيق 5,000 حالة فقط. هذه الفجوة تعود إلى عدة أسباب رئيسية:
السبب | التفاصيل |
---|---|
انقطاع الاتصالات والإنترنت | أدت الانقطاعات المتكررة لشبكات الاتصال إلى عجز العائلات عن الإبلاغ عن المفقودين، خاصة في المناطق المتضررة. |
انهيار النظام الصحي والإداري | تدمير المستشفيات وشبكات الكهرباء والإنترنت أدى إلى شلل في تسجيل الوفيات والفقدان، مما عطل تحديث قواعد البيانات المدنية. |
الدمار الواسع | العديد من المفقودين مدفونون تحت الأنقاض أو في مقابر جماعية غير موثقة، مما يجعل التعرف عليهم صعبًا. |
القيود الأمنية | استمرار القصف والعمليات العسكرية يمنع فرق الإنقاذ من الوصول إلى المناطق المتضررة. |
تقارير من منظمات مثل يونيفيد ويورو-ميد لمراقبة حقوق الإنسان تشير إلى أن العدد قد يصل إلى 13,000 مفقود، مما يعكس حجم الأزمة.
معايير تصنيف المفقودين
لتصنيف شخص كـ”مفقود” رسميًا، يعتمد المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا على المعايير التالية:
🟥 انقطاع الاتصال لمدة 72 ساعة: يُعتبر الشخص مفقودًا إذا لم يتم التواصل معه لمدة ثلاثة أيام.
🟥 بلاغ موثق: يجب أن يقدم قريب من الدرجة الأولى أو شاهد موثوق بلاغًا رسميًا.
🟥 بيانات تعريفية كافية: تشمل الاسم الرباعي، العمر، مكان الفقد، والظروف المحيطة.
🟥 التأكد من عدم وجود الشخص في المستشفيات أو المشرحة: يتم التحقق من قوائم المستشفيات والمشرحة للتأكد من عدم وجود الشخص.
هذه المعايير تهدف إلى ضمان دقة التوثيق، لكنها تواجه تحديات بسبب الظروف الميدانية الصعبة.
آليات البحث والتوثيق
في ظل استمرار الحرب، لم يتمكن المركز من إجراء عمليات بحث ميدانية، مما دفعه إلى اعتماد الآليات التالية:
- منصة إلكترونية: أطلق المركز منصة عبر الإنترنت تتيح للمواطنين تسجيل المفقودين، مما يسهل جمع البيانات عن بُعد.
- فلترة البيانات: يتم مراجعة البيانات المدخلة والتواصل مع الأقارب للتأكد من صحتها قبل اعتمادها.
- التحديات الميدانية: تشمل:
- استهداف فرق الإنقاذ: تعرضت فرق الإنقاذ للقصف المتكرر، مما أدى إلى تدمير معداتها.
- عدم الوصول إلى المناطق: القيود الأمنية تمنع الوصول إلى معظم مناطق غزة.
- غياب التعاون الدولي: لم يتلق المركز دعمًا كافيًا من المنظمات الدولية، رغم مخاطبة اللجنة الدولية للمفقودين.
صورة أثناء محاولة أرشفة وتسجيل مفقودين جدد
التحديات القانونية والإنسانية
الوضع القانوني
يُعتبر المفقود على قيد الحياة ولكن مجهول المصير، مما يمنع استصدار وثائق رسمية مثل شهادات الوفاة. هذا يؤدي إلى تعقيدات قانونية كبيرة.
التأثير على الحقوق المدنية
🟥 الميراث: عدم وجود وثائق رسمية يعيق توزيع الميراث، مما يسبب نزاعات عائلية.
🟥 الزواج: تواجه الأرامل صعوبات في إثبات حالتهن القانونية.
🟥 رعاية الأطفال: يصبح تنظيم أوضاع الأطفال المفقودين أو الأيتام صعبًا.
التأثير الإنساني
تعاني العائلات من ضغوط نفسية واجتماعية بسبب عدم اليقين بشأن مصير أحبائها، مما يزيد من المعاناة الإنسانية.
التوقعات والحلول المستقبلية
لمعالجة الفجوة بين التقديرات والتوثيق، يقترح المركز الخطوات التالية:
- توحيد قواعد البيانات: التعاون مع وزارة الصحة والمؤسسات المحلية لإنشاء قاعدة بيانات موحدة.
- استخدام تقنيات متقدمة: مثل تحليل الحمض النووي (DNA) لتحديد هوية الجثامين، لكن الاحتلال يمنع دخول المواد اللازمة.
- الضغط الدولي: الدعوة إلى رفع القيود المفروضة على دخول الفرق الإنسانية والمعدات.
رسالة إلى المجتمع الدولي
وجه المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي:
- تحقيق دولي مستقل: لتوثيق الأدلة وحصر أعداد المفقودين والضحايا مجهولي الهوية.
- رفع القيود: الضغط على إسرائيل للسماح بدخول الفرق الطبية والإغاثية.
- الوصول إلى مواقع الدفن: تمكين العائلات من الوصول إلى مواقع الدفن الجماعي.
- دعم المنظمات الدولية: تيسير دخول المنظمات المختصة بإدارة قواعد بيانات المفقودين.
- أولوية إنسانية: اعتبار ملف المفقودين قضية إنسانية عاجلة بعيدًا عن التسييس.
ملف المفقودين في غزة يمثل أزمة إنسانية معقدة تتطلب تدخلاً عاجلاً. الفجوة بين التقديرات (11,000) والتوثيق الرسمي (5,000) تعكس تحديات مثل انقطاع الاتصالات، تدمير البنية التحتية، والقيود الأمنية. يعمل المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرًا على توثيق الحالات عبر منصة إلكترونية، لكنه يواجه عقبات كبيرة. الحلول المستقبلية تشمل توحيد قواعد البيانات، استخدام تقنيات مثل فحوصات الحمض النووي، والضغط الدولي لتسهيل الوصول الإنساني. يظل هذا الملف أولوية إنسانية تتطلب تعاونًا دوليًا لدعم العائلات وتحقيق العدالة.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز