spot_img

ذات صلة

جمع

رسالة مجاهدي اليمن إلى أبطال كتائب القسام وكل المجاهدين في أرض فلسطين

في سياق الصراع المستمر في الشرق الأوسط، تبرز الرسائل...

GPT-5 يقترب من الإطلاق: ثورة جديدة في قدرات الذكاء الاصطناعي

تتصاعد التكهنات حول إطلاق نموذج OpenAI المقبل GPT-5. أدت...

فرصة عمل استثنائية في غزة: مسؤول/ة تدريب – INSO (قطاع غزة)

يسعى الفريق في INSO فلسطين لتعيين مسؤول/ة تدريب متمرس/ة للانضمام إلى...

نظام DragonFire “دراغون فاير” البريطاني: ثورة في تكنولوجيا الأسلحة الليزرية

يُعد نظام DragonFire الليزري البريطاني نقلة نوعية في عالم الأسلحة الموجهة...

أنقاض غزة: كيف تتحول المأساة الفلسطينية إلى تجارة استعمارية

في قلب قطاع غزة، حيث كانت الحياة تنبض رغم...

أنقاض غزة: كيف تتحول المأساة الفلسطينية إلى تجارة استعمارية

[zeno_font_resizer]

في قلب قطاع غزة، حيث كانت الحياة تنبض رغم الحصار، تُكتب اليوم رواية جديدة لكنها مؤلمة. ليست مجرد قصة حرب، بل مشروع ممنهج يهدف إلى محو الهوية الفلسطينية، تدمير أحيائها، وإعادة تشكيل أرضها لتصبح مسرحًا للاستيطان. هذا التقرير التحليلي يغوص في أعماق الجريمة التي تُرتكب في غزة، مستندًا إلى شهادات وتقارير تكشف عن أبعاد التدمير ودوافعه الاستعمارية، مع التركيز على الرواية الفلسطينية التي تُصارع من أجل البقاء.

التدمير كأداة سياسية: محو الشجاعية وما وراءها

غزة، التي كانت موطنًا لمئات الآلاف، تتحول اليوم إلى أنقاض. الشجاعية، التي كانت تضج بالحياة، أصبحت رمزًا للدمار الشامل. تصريح قائد الكتيبة 603، المقدم “ر”، بأن “جميع المنازل يجب أن تكون على الأرض” لإنشاء “مساحة أمنية” يكشف عن استراتيجية واضحة: التدمير ليس هدفًا عسكريًا فحسب، بل أداة سياسية لإعادة تشكيل الجغرافيا الفلسطينية.

  • حجم الدمار: وفقًا لتحليل صور الأقمار الصناعية، دُمر 69.9% من المباني السكنية في غزة (حوالي 174,000 مبنى) بحلول يوليو 2025. هذا ليس مجرد هدم، بل محو ممنهج لتاريخ وثقافة وحياة الفلسطينيين. الشجاعية، التي كانت موطنًا لـ100,000 نسمة، أصبحت اليوم أرضًا قاحلة غير صالحة للسكن.
  • الرواية الفلسطينية: من منظور الفلسطينيين، هذا التدمير ليس مجرد خسارة مادية. كل منزل مدمر هو قصة عائلة، ذكريات أجيال، وجذور تمتد إلى عقود. إن تسوية الأحياء بالأرض تُفقد الفلسطينيين ليس فقط مأواهم، بل إحساسهم بالانتماء والاستمرارية.

الاستيطان: مشروع إحلالي بغطاء ديني

وراء الدمار، تبرز أجندة استيطانية واضحة. تصريحات دانييلا فايس، رئيسة حركة “نحالا”، تكشف عن رؤية استعمارية تستند إلى تفسيرات دينية متطرفة، مثل “الوصية الرابعة في الرمبان” التي تُحرم ترك الأرض “خرابًا لغير اليهود”. هذا الخطاب لا يقتصر على الأفراد، بل يحظى بدعم مؤسسي من خلال مشاركة الجيش الإسرائيلي ومقاولين مدنيين في تهيئة الأرض للاستيطان.

  • دور المستوطنين: مشاركة حوالي 100 مستوطن من السامرة وبنيامين في تشغيل المعدات الهندسية لغزة ليست مجرد عمل ميداني، بل تعبير عن أيديولوجية تهدف إلى استبدال السكان الفلسطينيين بمستوطنين يهود. هؤلاء الشباب، الذين يرون في عملهم “رسالة”، يُساهمون في محو الوجود الفلسطيني تحت حماية الجيش.
  • قوة أوريا: ظهور وحدة “قوة أوريا”، المرتبطة بنشطاء يمينيين متطرفين، يكشف عن تواطؤ بين الأيديولوجيا الاستيطانية والعمل العسكري. هذه الوحدة، التي تتباهى بهدم 409 مبانٍ خلال مراسم عزاء أحد أعضائها، تجسد الارتباط بين التدمير والطموح الاستيطاني.

الاقتصاد الاستعماري: تجارة التدمير

التدمير في غزة ليس فقط جريمة إنسانية، بل أصبح تجارة مربحة تُدر ملايين الدولارات. المقاولون المدنيون، بدعم من وزارة الدفاع الإسرائيلية، يحققون أرباحًا طائلة من هدم المنازل وإنشاء البنية التحتية للمواقع الاستيطانية. أجور تصل إلى 1500 شيكل يوميًا (ما يعادل حوالي 400 دولار أمريكي، بناءً على سعر صرف تقريبي 3.75 شيكل لكل دولار في يوليو 2025) للعامل و400 شيكل للساعة (حوالي 107 دولارات أمريكية) لتشغيل المعدات تُظهر كيف تحولت معاناة الفلسطينيين إلى مصدر دخل للبعض.

  • تمويل المشروع: إنفاق وزارة الدفاع على إيصال الكهرباء والماء إلى المواقع الاستيطانية يكشف عن أولوية واضحة: بناء مستوطنات على أنقاض غزة. استيراد 136 جرافة من الولايات المتحدة، بموافقة إدارة ترامب، يُظهر أيضًا دعمًا دوليًا لهذا المشروع.
  • تحويل العملات: لفهم الأثر الاقتصادي، إليك بعض الأمثلة:
    🟥 هدم مبنى من ثلاثة طوابق يكلف 2500 شيكل (حوالي 667 دولارًا أمريكيًا).
    🟥 هدم مبنى أعلى يكلف 5000 شيكل (حوالي 1333 دولارًا أمريكيًا).
    🟥 أرباح العامل الشهرية (30,000 شيكل) تعادل حوالي 8000 دولار أمريكي، مما يجعل هذا العمل مغريًا اقتصاديًا رغم مخاطره.
  • الرواية الفلسطينية: بالنسبة للفلسطينيين، هذه التجارة ليست مجرد استغلال اقتصادي، بل سرقة لأرضهم ومستقبلهم. كل جرافة تهدم منزلًا فلسطينيًا هي طعنة في صميم الكرامة والصمود.

الإنسان وراء الأنقاض: معاناة الفلسطينيين

وراء كل مبنى مدمر، هناك قصة إنسانية. أكثر من 1.3 مليون فلسطيني نازح يعيشون اليوم دون مأوى، محرومين من أبسط مقومات الحياة. الأطفال الذين فقدوا منازلهم، العائلات التي تشتت، والمجتمعات التي تفككت، جميعهم يواجهون مستقبلًا مجهولًا في ظل حصار مستمر وعدوان لا يتوقف.

🟥 التهجير القسري: نزوح هذا العدد الهائل من السكان يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. الفلسطينيون لا يواجهون فقط خسارة منازلهم، بل يُحرمون من حقهم في العودة إلى أرضهم.

🟥 الصمود الفلسطيني: رغم الدمار، تظل الرواية الفلسطينية حية. الصمود في مواجهة الجرافات والمتفجرات هو تعبير عن إرادة شعب يرفض الاستسلام. كل حجر مدمر يحمل قصة مقاومة، وكل عائلة نازحة تحمل أمل العودة.

انتهاكات القانون الدولي: صمت العالم

إن تدمير غزة وتهجير سكانها يُعد انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف البنية التحتية المدنية والتهجير القسري. استخدام مقاولين مدنيين في أعمال عسكرية يثير تساؤلات حول المسؤولية القانونية، بينما دعم الدول الغربية، مثل شحنات الجرافات من الولايات المتحدة، يجعلها شريكة في هذه الجرائم.

  • المسؤولية الدولية: صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الانتهاكات يُعزز من استمرارها. المطلوب هو تحرك عاجل لمحاسبة المسؤولين وفرض عقوبات على الشركات والأفراد المتورطين.
  • الرواية الفلسطينية: الفلسطينيون لا يطالبون فقط بالعدالة، بل بالاعتراف بمعاناتهم. إن تجاهل روايتهم هو جزء من المشروع الاستعماري الذي يسعى لمحوهم من الوجود.

الخاتمة: نحو رواية فلسطينية منتصرة

غزة اليوم ليست مجرد أنقاض، بل مسرح لصراع وجودي. الجرافات التي تهدم المنازل، والمستوطنون الذين يحلمون بإعادة تشكيل الأرض، والجيش الذي يوفر الحماية، كلهم جزء من مشروع استعماري يهدف إلى محو الرواية الفلسطينية. لكن هذه الرواية، المشبعة بالصمود والأمل، ترفض الاندثار. كل حجر مدمر هو شهادة على ظلم، وكل نازح هو صوت يطالب بحقه في العودة.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img