spot_img

ذات صلة

جمع

فرقة 98 سيئة السمعة تنتقل إلى الحدود السورية

تُعدّ فرقة 98 في الجيش الإسرائيلي واحدة من الوحدات...

ثورة الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط: نحو مستقبل مستدام وقطاع صناعي متقدم

تشهد منطقة الشرق الأوسط حالياً تحولاً جذرياً في مشهد...

ريال مدريد ومبابي: موقف غريب أثار جدلاً واسعاً بين الجماهير

في حادثة غير معتادة أثارت ضجة كبيرة في الأوساط...

تحديات حرب العصابات في السويداء: الجيش السوري وفض الخارجين عن القانون

تشهد محافظة السويداء، الواقعة في جنوب سوريا، تصعيدًا أمنيًا...

موجز أحداث اليوم 15 يوليو في السويداء

تصاعد الأزمة ودخول القوات الحكومية شهدت محافظة السويداء ذات الأغلبية...

هدايا السماء.. طوق النجاة المستمر لأهل غزة، والبحث عن مصادر الرزق

في خضم الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، واجه سكان قطاع غزة تحديات إنسانية غير مسبوقة. الحصار الإسرائيلي المشدد، الذي قطع إمدادات الغذاء، الماء، الكهرباء، والخدمات المصرفية، لم يكن مجرد عقبة، بل كان محنة أظهرت صمود الشعب الفلسطيني وإبداعه. في هذا المقال الرأي، نستعرض كيف أن الحكمة الإلهية تجلت في كل مرحلة من مراحل الحرب، حيث استجاب أهل غزة للتحديات بابتكارات ووظائف جديدة، من إصلاح العملات التالفة إلى تخييط الأحذية يدوياً، مما يعكس مقولة “الحاجة أم الاختراع”. إن هذه القصص ليست مجرد حلول للبقاء، بل دليل على إيمان راسخ بأن الله لن يترك أهل غزة وحدهم.

انخفاض الأسعار ووفرة المخزون المؤقتة

في بداية الحرب، استفاد سكان غزة من مخزون المواد الغذائية في الأسواق، مما أدى إلى انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ. كان سعر كيلو القرع 1 شيكل (حوالي 0.27 دولار أمريكي بسعر الصرف في أكتوبر 2023)، وكذلك الفلفل الأخضر. حتى المعلبات كانت بسعرها الطبيعي (2-5 شيكل) هذه الأسعار المنخفضة سمحت للعائلات بتأمين احتياجاتها الأساسية مؤقتاً، لكن مع استمرار الحصار الطويل، والنزوح المستمر، نفدت المخزونات، وأصبحت الأسواق تعاني من شح المواد الغذائية.

نبتة الخبيزة: هدية الشتاء

مع نفاد المخزونات وإغلاق المتاجر، جاء الشتاء ليحمل معه نبتة الخبيزة كطوق نجاة طبيعي. هذه النبتة البرية، التي تنمو بين الأنقاض وعلى جوانب الطرقات، أصبحت مصدر غذاء رئيسي للعائلات. مغذية وسهلة التحضير، شبهها السكان بالسبانخ، وأصبحت رمزاً للصمود. كما قال أحد السكان في تصريح لصحيفة “نيويورك تايمز”: “الخبيزة كانت أكثر دعماً لنا من أي مساعدة دولية”، مما يعكس قدرة الطبيعة على تقديم الحلول في أحلك الظروف.

المساعدات الجوية: رغم الإذلال

مع تفاقم الأزمة، بدأت المساعدات الجوية في مارس 2024، حيث قامت دول مثل الولايات المتحدة والأردن بإسقاط طرود غذائية على شمال وجنوب القطاع. رغم محدودية تأثيرها مقارنة بالاحتياجات الهائلة، فقد وفرت هذه “البروشتات”، كما يسميها أهل غزة، بارقة أمل. استهدفت هذه المساعدات بشكل رئيسي المستشفيات الميدانية، لكنها واجهت انتقادات بسبب عدم كفايتها وخطر استهداف المدنيين أثناء محاولتهم الوصول إليها، مع العلم أنها تسببت بمقتل العديد من المواطنين حيث نزلت بعض البرشوتات بدون المظلة، أو فُرط الصندوق بالسماء وتساقط المعلبات الصلبة من علو، فيؤدي إلى إصابات خطرة.

مشهد لنزول البرشوتات أو المساعات التي كانت تُلقى من الجو، على الرغم من أن المساعدات البرية أكثر جدوى وأقل تكلفة1
مشهد لنزول البرشوتات أو المساعات التي كانت تُلقى من الجو، على الرغم من أن المساعدات البرية أكثر جدوى وأقل تكلفة1

أزمة الطحين وسياسة الترحيل

بحلول نهاية الأشهر الثلاثة الأولى، واجه شمال غزة نقصاً حاداً في الطحين نتيجة استهداف المطاحن والمخابز، وعدم إدخال الطحين إلى القطاع، كانت هذه الأزمة جزءاً من سياسة إسرائيلية التي تهدف إلى دفع السكان للنزوح جنوباً. ومع ذلك، بدأت شاحنات المساعدات تحمل مواد مثل المنظفات إلى الجنوب، وبعد فترة هدوء نسبي، وصلت المساعدات إلى الشمال عبر معابر مثل رفح. هذه الخطوات، رغم محدوديتها، عكست إصرار المجتمع الدولي على تخفيف المعاناة.

أثناء دخول المساعدات إلى غزة، ومحاولة الأهالي انتشال ولو القليل من الطحين بسبب الوضع المزري، وعدم قدرتهم على الانتظار أو الشعور بعدم الرضا أو الظلم تجاه التوزيع
أثناء دخول المساعدات إلى غزة، ومحاولة الأهالي انتشال ولو القليل من الطحين بسبب الوضع المزري، وعدم قدرتهم على الانتظار أو الشعور بعدم الرضا أو الظلم تجاه التوزيع

صيد الأسماك: البروتين الباهظ

مع ندرة مصادر البروتين، أصبح صيد الأسماك مصدراً حيوياً، رغم ارتفاع تكلفته. الصيادون، الذين خاطروا بحياتهم تحت القصف، وفروا الأسماك بكميات شحيحة كبديل غذائي أساسي. رغم أن الأسعار المرتفعة جعلته بعيد المنال عن الكثيرين، إلا أن هذا المورد أظهر قدرة الفلسطينيين على التكيف مع الظروف القاسية.

وظائف جديدة وليدة الحرب

الحرب، رغم دمارها، أفرزت وظائف جديدة تعكس إبداع أهل غزة في مواجهة الأزمات. من أبرز هذه الوظائف:

إصلاح العملات التالفة

مع تدمير البنية المصرفية ومنع إسرائيل دخول النقود الجديدة إلى غزة، أصبحت العملات الورقية تتآكل بسرعة. ظهرت مهنة “غسيل الأموال الحلال”، حيث يقوم أفراد مثل محمد عبد النبي بغسل النقود بالماء والصابون، ثم تجفيفها تحت الشمس لإعادتها إلى التداول. هذه المهنة، التي توفر دخلاً يومياً بين 20-30 شيكلاً (أقل من 10 دولارات)، أصبحت ضرورية في ظل ندرة أجهزة الصرف الآلي ورفض الباعة للنقود المتسخة.

“التكييش” عبر تطبيق بنك فلسطين

مع تعطل القطاع المصرفي، أصبح بنك فلسطين الجهة الوحيدة التي تقدم خدمات إلكترونية محدودة عبر تطبيقه. لكن الحظر الإسرائيلي على التعاملات الإلكترونية دفع الناس إلى “التكييش”، وهو تبادل النقود بين الأفراد خارج النظام البنكي، غالباً بفوائد مرتفعة (الربا). هذه الممارسة، التي واجهت انتقادات اجتماعية بسبب تشديد الناس على بعضهم، أصبحت وسيلة لتأمين السيولة في ظل انهيار النظام المالي.

تخييط الأحذية يدوياً

مع شح الملابس والأحذية، اضطر السكان إلى إعادة استخدام ما لديهم. ظهرت مهنة تخييط الأحذية يدوياً كحل لإصلاح الأحذية التالفة، خاصة بين النازحين الذين يعانون من نقص الموارد. هذه المهنة، التي تعتمد على مهارات بسيطة، ساعدت العديد من الأفراد على تلبية احتياجاتهم الأساسية.

التخييط بالآلة اليدوية باستخدام الدراجة

في ظل انقطاع الكهرباء، ابتكر بعض الحرفيين طريقة لتشغيل آلات الخياطة يدوياً باستخدام دواسة تشبه الدراجة الهوائية. هذا الابتكار سمح بإصلاح الملابس والأحذية بكفاءة، مما وفر دخلاً للحرفيين وساعد المجتمع على مواجهة نقص الملابس الجديدة.

صورة تظهر ماكينة خياطة بدلًا أن تعمل على الكهرباء بسبب عدم توفر كهرباء في كل قطاع غزة، استخدمت بشكل ميكانيكي بحيث يدفع الشخص بيده مثل الدراجة الهوائية فيبدأ بدرز أو حياكة الملابس
صورة تظهر ماكينة خياطة بدلًا أن تعمل على الكهرباء بسبب عدم توفر كهرباء في كل قطاع غزة، استخدمت بشكل ميكانيكي بحيث يدفع الشخص بيده مثل الدراجة الهوائية فيبدأ بدرز أو حياكة الملابس

مهن أخرى

  • بيع السجائر اليدوية: تحول أفراد من مهن أخرى إلى بيع السجائر المصنوعة يدوياً، لتلبية الطلب في ظل ارتفاع أسعار السجائر إلى 50 دولاراً للعلبة!.

  • إدارة توزيع المساعدات: ظهرت وظائف مرتبطة بتنظيم توزيع المساعدات عبر مؤسسات مثل “مؤسسة غزة الإنسانية”، رغم الانتقادات الشديدة بسبب الفوضى وسوء الإدارة، وتآمرها على الفلسطينين في غزة.

  • مخابز أعيد تشغيلها: أعيد فتح مخابز مثل مخابز “العائلات، عجور، اليازجي” بدعم من برنامج الأغذية العالمي، مما خلق فرص عمل للعمال في إنتاج وتوزيع الخبز.

العدس: رمز الصمود الأخير

في يوليو 2025، بات العدس المصدر الغذائي الأساسي للكثير من العائلات في غزة، بعد نفاد معظم الموارد الأخرى. هذه الحبوب البسيطة، رغم ندرتها، تعكس قدرة الفلسطينيين على الصمود بأقل الإمكانيات. يظل الأمل قائماً بأن الله سيرسل فرجاً جديداً، كما فعل في كل مرحلة من الحرب.

التحديات المستمرة وسياسة إسرائيل

تواصل إسرائيل فرض حصار مشدد، مع استهداف مواقع توزيع المساعدات، مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين، كما في “مجزرة لقمة العيش” التي أودت بحياة 833 شخصاً حتى يوليو 2025. سياسة الترحيل من الشمال إلى الجنوب، إلى جانب تدمير القطاع المصرفي، زادت من تعقيد الوضع الإنساني.

الحكمة الإلهية في الصمود

إن صمود أهل غزة ليس مجرد قصة بقاء، بل شهادة على الحكمة الإلهية التي تجلت في كل مرحلة من الحرب. من الخبيزة إلى إصلاح العملات التالفة، ومن صيد الأسماك إلى ابتكار آلات خياطة تعمل بالدراجة، أثبت الفلسطينيون أن الحاجة تولد الإبداع. هذه الوظائف الجديدة، رغم بساطتها، هي دليل على إرادة شعب لا يستسلم. إيمانهم بأن الله سيرسل الفرج يظل الدافع الأقوى، وكما قال أحد النازحين: “كلما ضاقت بنا الحياة، فتح الله لنا باباً جديداً.” إن غزة، بصمودها، تعلمنا أن الأمل هو السلاح الأقوى في وجه الظلم، وبالرغم من كل هذا، لا تزال الظروف الصعبة تحوم على الفلسطيين في غزة، فالآن هم في مجاعة خانقة، ويصلون إلى مناطق حدودية ومناطق توزيع مساعدات تقوم إسرائيل باستغلال الظروف وإطلاق النار عليهم وإحداث أكبر قدر من القتل والإصابات بينهم

جانب من الحصول على المساعدات عبر الشاحنات التي تحاول الدخول لتوزع بالتساوي وهذا يسبب أحيانًا إصابات كبيرة
جانب من الحصول على المساعدات عبر الشاحنات التي تحاول الدخول لتوزع بالتساوي وهذا يسبب أحيانًا إصابات كبيرة
فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img