spot_img

ذات صلة

جمع

القصف الإسرائيلي في السويداء: أداة لإعادة تشكيل سوريا أم حماية المصالح؟

في 14 و15 يوليو 2025، هزت الغارات الإسرائيلية على...

ما هي دوافع إسرائيل من قصف الأرتال السورية المتوجهة لفرض الأمن بالسويداء

في يوليو 2025، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تصعيدًا...

استشهاد القيادي محمد فرج الغول: سيرة طاهرة ألهمت شعب فلسطين

استشهد فجر اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025، المستشار محمد...

تعرف على التكتيكات العسكرية للمقاومة الفلسطينية وتغيرها بسبب الظروف المواتية

تُعد المقاومة الفلسطينية، وبالأخص كتائب الشهيد عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) – نموذجًا بارزًا للصراع غير المتكافئ، حيث تواجه قوة عسكرية متقدمة تكنولوجيًا بموارد محدودة. تعتمد المقاومة على تكتيكات عسكرية مبتكرة ومرنة لمواجهة الجيش الإسرائيلي، مع التركيز على حرب العصابات، الكمائن، والضربات المفاجئة التي تهدف إلى إلحاق أكبر قدر من الخسائر بالعدو مع تقليل الخسائر الخاصة.

التكتيكات العسكرية للمقاومة الفلسطينية

تعتمد المقاومة الفلسطينية على مجموعة من التكتيكات العسكرية التي تُمكنها من التعامل مع التفوق التكنولوجي والعددي للجيش الإسرائيلي. هذه التكتيكات تُظهر قدرة عالية على التكيف مع الظروف الميدانية الصعبة واستغلال الموارد المتاحة بكفاءة. فيما يلي أبرز التكتيكات:

حرب العصابات

تُعتبر حرب العصابات العمود الفقري لعمليات المقاومة. تهدف هذه الاستراتيجية إلى تجنب المواجهات المباشرة مع القوات الإسرائيلية، مع التركيز على الهجمات السريعة والانسحاب الفوري. يعتمد المقاتلون على التضاريس الحضرية في قطاع غزة، مثل الأزقة الضيقة والمباني المُهدمة جزئيًا أو حتى كليًا، لإعاقة تقدم القوات الإسرائيلية وإجبارها على القتال في بيئة غير مواتية للآليات الثقيلة والطائرات. تُظهر تُنفذ بمجموعات صغيرة مدربة جيدًا، مما يُعزز المرونة والسرعة.

الكمائن

تُعد الكمائن من أكثر التكتيكات فعالية في ترسانة المقاومة. يتم نصب الكمائن في المناطق الحضرية أو بالقرب من مناطق توغل الاحتلال بمختلف مناطق قطاع غزة، حيث يتم استهداف القوات الإسرائيلية أثناء تحركها. تُستخدم في هذه العمليات أسلحة خفيفة مثل البنادق الهجومية، بالإضافة إلى قذائف مضادة للدروع مثل “آر بي جي” و “ياسين-105″، وعبوات ناسفة يتم تفجيرها عن بُعد. الهدف الأساسي هو إحداث خسائر كبيرة في صفوف العدو مع ضمان انسحاب آمن للمقاتلين.

دبابة قبل استهدافها من قَبل مقاوم في كتائب القسام
دبابة قبل استهدافها من قَبل مقاوم في كتائب القسام

شبكة الأنفاق

تُشكل الأنفاق سلاحًا استراتيجيًا متميزًا للمقاومة. تُستخدم هذه الشبكة الواسعة تحت الأرض للتنقل السري بين المواقع، تخزين الأسلحة والإمدادات، وتنفيذ هجمات مفاجئة خلف خطوط العدو. تُظهر مقاطع الفيديو على قناة كتائب القسام عمليات تسلل من الأنفاق لمهاجمة المواقع العسكرية الإسرائيلية، مما يُبرز صعوبة رصد هذه الشبكة أو تدميرها بالكامل باستخدام القصف الجوي أو العمليات البرية، وقد تعرضت الأنفاق بفعل سياسات الأرض المحروقة التي يتبعها الاحتلال لأضرار جسيمة، ولكن سرعان ما تعيد المقاومة ترميم جزء من هذه الأنفاق أو أهمها.

جندي اسرائيل بعد النزول في نفق تابع للمقاومة الفلسطينية، وفي الغالب يتم تفخيخه وتفجيره أو صبه بواسطة خرسانة اسمنتية
جندي اسرائيل بعد النزول في نفق تابع للمقاومة الفلسطينية، وفي الغالب يتم تفخيخه وتفجيره أو صبه بواسطة خرسانة اسمنتية

الصواريخ

تمثل الصواريخ أحد أبرز الأسلحة الهجومية للمقاومة. تُطلق هذه الصواريخ، التي تتراوح بين قصيرة ومتوسطة المدى، على المدن والمستوطنات الإسرائيلية بهدف الضغط. على سبيل المثال، في عملية “طوفان الأقصى” التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، أطلقت كتائب القسام آلاف الصواريخ في الساعات الأولى، مما أربك الدفاعات الإسرائيلية ومهد الطريق لعمليات برية لاحقة.

التدريبات والتنسيق

منذ سنواتٍ سابقة، أجرت كتائب القسام تدريبات مكثفة شملت سيناريوهات هجومية مشابهة لما حدث في 7 أكتوبر. تضمنت هذه التدريبات استخدام طائرات شراعية، زوارق سريعة، وشاحنات لاختراق الحدود، بالإضافة إلى تكتيكات اقتحام المباني واحتجاز الرهائن. تُظهر هذه التدريبات مستوى عالٍ من التخطيط والتنسيق، مما يُعزز فعالية العمليات الفعلية.

 تحليل المشاهد والأنظمة المستخدمة في الهجوم

من خلال المشاهد التي تُنشر على قناة تلجرام كتائب القسام، يمكننا تحليل الأنظمة والتكتيكات المستخدمة في الهجمات:

عمليات الكمين

في إحدى العمليات المصورة، تم استهداف دبابة إسرائيلية من طراز “ميركافا” بقذيفة “ياسين-105” المضادة للدروع، تلاها تفجير حقل ألغام أدى إلى تدمير الدبابة وقتل طاقمها. يُظهر هذا المشهد تنسيقًا دقيقًا بين استخدام الأسلحة المضادة للدروع والتفجيرات المُعدة مسبقًا، مما يُعزز فعالية الهجوم ويُقلل من مخاطر الاشتباك المباشر.

التوغل البري

خلال هجوم 7 أكتوبر، استخدم المقاتلون شاحنات صغيرة ودراجات نارية لاختراق الحدود بسرعة فائقة، مما سمح لهم بالوصول إلى المستوطنات والقواعد العسكرية قبل أن تتمكن القوات الإسرائيلية من تنظيم دفاعاتها. هذا التحرك السريع أربك أنظمة المراقبة الإسرائيلية وأتاح للمقاومة استغلال عنصر المفاجأة.

الإغارة على المواقع العسكرية

في نفس الهجوم، تم الاستيلاء على قواعد عسكرية مثل “ناحال عوز”، حيث قُتل عدد من الجنود وأُسر آخرون. تُظهر هذه العملية قدرة المقاومة على تنفيذ هجمات معقدة تتطلب معرفة دقيقة بمواقع العدو وتخطيطًا مسبقًا للتحركات والانسحاب.

الطائرات المسيرة

في بعض العمليات، استخدمت المقاومة طائرات مسيرة صغيرة للاستطلاع أو لتنفيذ هجمات مباشرة. هذه الطائرات تُضيف بُعدًا جديدًا لقدرات المقاومة في الحرب الجوية والإلكترونية، مما يُعزز قدرتها على جمع المعلومات وتنفيذ ضربات دقيقة.

سياسة إسرائيل “الأرض المحروقة” وطرق النجاة منها

تُعرف سياسة “الأرض المحروقة” بأنها استراتيجية عسكرية تهدف إلى تدمير كل ما قد يستفيد منه العدو، بما في ذلك البنية التحتية، المنازل، والموارد. في سياق غزة، تُطبق إسرائيل هذه السياسة من خلال القصف الجوي المكثف والتدمير الشامل للمناطق التي تُعتبر معاقل للمقاومة.

الصورة لحزام ناري "قصف متتالي" لمناطق يقوم الاحتلال بعدها بتسيير آليات برية للتوغل وتهجير السكان وفرض واقع جديد
الصورة لحزام ناري “قصف متتالي” لمناطق يقوم الاحتلال بعدها بتسيير آليات برية للتوغل وتهجير السكان وفرض واقع جديد

تحليل السياسة

تستخدم إسرائيل طائرات مقاتلة مثل “إف-16” وقذائف مدفعية ثقيلة لتدمير أحياء بأكملها، بهدف قطع خطوط الإمداد عن المقاومة وإجبار السكان على النزوح. تُرافق هذه العمليات عمليات تشويش إلكتروني وحصار اقتصادي لتشديد الخناق على القطاع.

طرق النجاة

  • الأنفاق والملاجئ: تُستخدم الأنفاق كملاذ آمن للمقاتلين والمدنيين على حد سواء. يتم تجهيز بعض الأنفاق بمخازن للغذاء والماء، مما يُتيح البقاء لفترات طويلة تحت الأرض.

  • التشتت والتحرك المستمر: يُنصح المدنيون بالابتعاد عن المناطق المستهدفة والتنقل باستمرار لتجنب القصف العشوائي. المقاومة نفسها تعتمد على التشتت للحفاظ على قدرتها القتالية.

  • الاستعدادات اللوجستية: تخزين المواد الأساسية في مواقع متفرقة يضمن استمرارية الحياة والمقاومة حتى في ظل التدمير الشامل.

  • التواصل البديل: مع انهيار شبكات الاتصال، يتم استخدام الرسائل اليدوية أو الإشارات لتنسيق التحركات وتجنب الاعتماد على التكنولوجيا المعرضة للتشويش.

طرق ضرب قوات العدو الإسرائيلي

لضرب القوات الإسرائيلية بفعالية، تعتمد المقاومة على تكتيكات تجمع بين الهجوم المباشر والضغط غير المباشر:

الكمائن المركبة

تُنفذ الكمائن باستخدام مزيج من الأسلحة المضادة للدروع، القناصة، والعبوات الناسفة. تستهدف هذه العمليات القوافل العسكرية أو الدوريات، مما يُسبب خسائر مادية وبشرية ويُشكل ضغطًا نفسيًا على الجنود.

استهداف الآليات العسكرية

تُستخدم قذائف “ياسين-105″ و”آر بي جي” لتدمير الدبابات والمدرعات، مما يُعطل تقدم القوات الإسرائيلية ويُجبرها على تغيير خططها. تُظهر المشاهد من قناة القسام دقة هذه الهجمات وقدرتها على اختراق الدروع الحديثة.

القناصة

يتم نشر القناصة في مواقع مرتفعة أو مخفية لاستهداف الجنود من مسافات بعيدة. هذا التكتيك يُسبب خسائر دون تعريض المقاتلين لمواجهات مباشرة، مما يُعزز فعاليته في حرب الاستنزاف الطويلة.

تُبرز التكتيكات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، وخاصة كتائب القسام، قدرة استثنائية على التكيف والابتكار في مواجهة قوة عسكرية متفوقة. من خلال حرب العصابات، الكمائن، الأنفاق، والصواريخ، تمكنت المقاومة من إلحاق خسائر ملموسة بالجيش الإسرائيلي رغم الفارق الكبير في الموارد. في المقابل، تُشكل سياسة “الأرض المحروقة” تحديًا كبيرًا يتطلب استراتيجيات نجاة مبتكرة للحفاظ على القدرة القتالية واستمرارية الحياة. يُقدم هذا التحليل العسكري دروسًا قيمة حول كيفية مواجهة الصراعات غير المتكافئة، مع التركيز على المرونة، التنسيق، واستغلال نقاط ضعف العدو.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img