تُعدّ فرقة 98 في الجيش الإسرائيلي واحدة من الوحدات العسكرية النخبوية التي تحمل سمعة سيئة بسبب عملياتها العنيفة وانتهاكاتها الموثقة في النزاعات. لقد ارتبط اسم الفرقة بالدمار والخسائر البشرية في غزة ومناطق أخرى، مما جعلها رمزًا للقمع العسكري في نظر الكثيرين. في ضوء الأنباء الأخيرة التي أكدت تحضير الفرقة 98 لمغادرة قطاع غزة باتجاه الحدود السورية (16 يوليو 2025)، يقدم هذا التقرير لمنصة “الواقع العربي” تحليلًا مفصلًا لتاريخ الفرقة، هيكليتها، سجلها المثير للجدل، ودلالات تحركها الأخير نحو سوريا.
تاريخ وتأسيس فرقة 98
🟥 التأسيس: أُسست فرقة 98، المعروفة بلقب “تشكيل النار” (Utzbat HaEsh)، بعد حرب أكتوبر 1973 كوحدة احتياطية تابعة للقيادة المركزية في الجيش الإسرائيلي، بهدف تنفيذ عمليات خاصة وتدخلات سريعة.
🟥 التطور: على مر السنين، تطورت الفرقة لتصبح قوة هجينة تجمع بين المظليين ووحدات الكوماندوز، مع التركيز على العمليات التكتيكية المعقدة. ومع ذلك، اكتسبت سمعة سيئة بسبب تورطها في عمليات تسببت بخسائر مدنية كبيرة، خاصة في غزة.
🟥 الانتقادات: تعرضت الفرقة لانتقادات دولية ومحلية، بما في ذلك تقرير لجنة فينوغراد بعد حرب لبنان 2006، التي وصفت أداءها بأنه غير كافٍ أمام مقاومة حزب الله، مما أثر سلبًا على سمعتها القتالية.
الهيكلية والتكوين
القوات الرئيسية:
🟥 لواء المظليين (اللواء 35): وحدة نظامية متخصصة في الهبوط الجوي والعمليات البرية السريعة.
🟥 لواء الكوماندوز (اللواء 89): يضم وحدات النخبة مثل “إيغوز” (حرب العصابات)، “دوفديفان” (العمليات السرية)، و”مغلان” (الاستطلاع والتسلل).
🟥 ألوية احتياطية: مثل اللواء 55 (“رأس الرمح”) واللواء 551 (“سهام النار”)، بالإضافة إلى وحدات دعم مثل المدفعية والهندسة العسكرية.
🟥 التكنولوجيا: تستخدم الفرقة تقنيات متقدمة مثل أنظمة إدارة ساحة المعركة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، الطائرات المسيرة، وتقنيات كشف الأنفاق.
🟥 القيادة: تُدار الفرقة تحت القيادة المركزية أو الشمالية حسب المهمة، مع تنسيق مباشر مع هيئة الأركان العامة.
سجل سيء السمعة في النزاعات
في قطاع غزة:
شاركت الفرقة 98 في عمليات مكثفة منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، حيث قادت هجمات في خان يونس، دير البلح، وجباليا، مما تسبب في دمار واسع وخسائر بشرية كبيرة. تقارير فلسطينية ودولية وصفت عملياتها بأنها جزء من “حرب إبادة”، مع تقديرات بمقتل أكثر من 45,000 فلسطيني، بينهم 13,000 طفل و9,000 امرأة، و7,000 مفقود بحلول ديسمبر 2023.

تعرضت الفرقة لخسائر، مثل مقتل 7 جنود في كمين في خان يونس في يونيو 2025، وإصابة 24 آخرين، مما يُعد أعلى معدل خسائر في يوم واحد منذ أكتوبر 2023.
أثارت تصريحات قائد الفرقة دان غولدفوس في مارس 2024 جدلًا واسعًا عندما اعترف بـ”فشل” الجيش في 7 أكتوبر، مما أدى إلى توبيخه من قادته بسبب انتقاده للسياسيين.
في لبنان:
قادت الفرقة عمليات برية في جنوب لبنان في أكتوبر 2024، لكنها واجهت مقاومة قوية من حزب الله، مما أعاد إلى الأذهان انتقادات لجنة فينوغراد.
سُحبت من لبنان في ديسمبر 2024 للعودة إلى غزة، مما يُظهر مرونة تحركاتها ولكن أيضًا الضغط المتزايد على مواردها.
التحرك الأخير: من غزة إلى الحدود السورية

وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية، تستعد فرقة 98 لمغادرة قطاع غزة والانتشار على الحدود مع سوريا. هذا التحرك يأتي بعد تصعيد غير مسبوق في سوريا، حيث أعلن انهيار وقف إطلاق النار بقيادة اللواء مرهف أبو قصرة، وشنت إسرائيل ضربات مباشرة على دمشق لأول مرة منذ سقوط نظام الأسد.
السياق:
-
- التصعيد في سوريا: قصفت إسرائيل رئاسة الأركان السورية ووزارة الدفاع في دمشق، بحجة حماية الدروز في جنوب سوريا، وسط اشتباكات أودت بحياة 248 شخصًا.
- أوامر نتنياهو وكاتس: أمر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس بضرب القوات السورية، مما يعكس تصعيدًا استراتيجيًا.
- هدف الفرقة 98: يُرجح أن يركز انتشار الفرقة على تعزيز السيطرة على الجولان المحتل، ومنع تمركز القوات السورية أو الفصائل المسلحة قرب الحدود.
- التوقيت: يأتي هذا التحرك بعد سحب جزئي للفرقة من غزة في يونيو 2025، حيث انتشرت على الحدود مع مصر والأردن بسبب التوترات الإقليمية. الآن، مع تصاعد الأحداث في سوريا، يبدو أن إسرائيل تعيد توجيه قوتها النخبوية لمواجهة تهديدات جديدة.
دلالات التحرك وسمعته السيئة
⬛ تحول استراتيجي:
نقل الفرقة 98 إلى الحدود السورية يعكس تحولًا في الأولويات الإسرائيلية من غزة إلى سوريا، ربما استجابة لتقييمات استخباراتية ترى تهديدًا متزايدًا من القوات السورية أو الفصائل المدعومة إقليميًا.
السمعة السيئة للفرقة، المرتبطة بعملياتها العنيفة في غزة، قد تثير مخاوف من تصعيد مماثل في سوريا، خاصة مع تقارير عن خسائر مدنية سابقة.
⬛ تأثير على غزة:
سحب الفرقة قد يخفف الضغط العسكري على غزة مؤقتًا، خاصة مع استمرار مفاوضات وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية وقطرية. ومع ذلك، يحتفظ الجيش الإسرائيلي بسيطرة على حوالي 70% من القطاع، مما يشير إلى أن التراجع قد يكون تكتيكيًا.
⬛ الدور الأمريكي:
مع وساطة أمريكية يقودها توماس باراك لتهدئة التوترات في سوريا، قد يكون تحرك الفرقة جزءًا من استراتيجية لإظهار القوة مع الحفاظ على قنوات دبلوماسية.
ردود الفعل:
التحرك قد يهدف إلى الضغط على القيادة السورية الجديدة، وليس بالضرورة دخول مناطق مثل السويداء. ومع ذلك، يثير نشر فرقة سيئة السمعة مثل الفرقة 98 مخاوف من تصعيد يؤدي إلى خسائر إضافية.
كيف سينتهي الصراع؟
-
السيناريوهات المحتملة:
- تهدئة مؤقتة: قد تنجح الوساطة الأمريكية في احتواء التصعيد، مع نشر الفرقة 98 كقوة ردع لضمان عدم تمركز قوات سورية قرب الجولان.
- تصعيد محدود: إذا فشلت الوساطة، قد تنفذ الفرقة عمليات دقيقة في جنوب سوريا، مع تجنب احتلال بري واسع لتقليل الخسائر.
- صراع ممتد: استمرار الاشتباكات بين الدروز والبدو والقوات الحكومية، مع تدخل الفرقة 98، قد يوسع الصراع، خاصة إذا استغلت إسرائيل الفوضى لتعزيز سيطرتها على الجولان.
العوامل المؤثرة:
⬛ موقف القيادة السورية الجديدة وقدرتها على التفاوض أو مواجهة الضغط الإسرائيلي.
⬛ ردود فعل الفصائل المدعومة من إيران أو روسيا، التي قد تعارض التدخل الإسرائيلي.
⬛ الضغوط الدولية، خاصة من الولايات المتحدة، لمنع تصعيد إقليمي.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز