spot_img

ذات صلة

جمع

القصف الإسرائيلي في السويداء: أداة لإعادة تشكيل سوريا أم حماية المصالح؟

في 14 و15 يوليو 2025، هزت الغارات الإسرائيلية على...

ما هي دوافع إسرائيل من قصف الأرتال السورية المتوجهة لفرض الأمن بالسويداء

في يوليو 2025، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تصعيدًا...

استشهاد القيادي محمد فرج الغول: سيرة طاهرة ألهمت شعب فلسطين

استشهد فجر اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025، المستشار محمد...

ما هي دوافع إسرائيل من قصف الأرتال السورية المتوجهة لفرض الأمن بالسويداء

في يوليو 2025، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا جديدًا، حيث استهدفت الطائرات الإسرائيلية دبابات تابعة للجيش السوري أثناء محاولته فرض السيطرة على المنطقة عقب اشتباكات بين مجموعات درزية وبدوية. هذا القصف، الذي وقع في 14 و15 يوليو 2025، يأتي في سياق تدخلات إسرائيلية متكررة في سوريا منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتولي أحمد الشرع رئاسة الفترة الانتقالية. يثير هذا التصعيد تساؤلات حول دوافع إسرائيل، أهدافها الاستراتيجية في المنطقة، الاتفاقيات الأمنية التاريخية بين سوريا وإسرائيل، وسيناريوهات التعامل التي قد يتبعها الشرع. يهدف هذا المقال إلى تحليل هذه القضايا بعمق، مع التركيز على الأحداث الأخيرة والسياقات التاريخية والجيوسياسية.

 

فيديو من استهداف الطيران الإسرائيلي لدبابة للجيش السوري

Posted by ‎الواقع العربي‎ on Tuesday, July 15, 2025

القصف الإسرائيلي الأخير في السويداء

في 14 يوليو 2025، أفادت تقارير إعلامية ومصادر محلية بأن الطيران الإسرائيلي قصف دبابات تابعة للجيش السوري في قرية سميع بريف السويداء، وذلك أثناء محاولة القوات السورية استعادة الأمن بعد اشتباكات عنيفة بين فصائل درزية وبدوية أسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة حوالي 100 آخرين. وفي اليوم التالي، 15 يوليو، استهدف الطيران الإسرائيلي مواقع عسكرية أخرى في المحافظة، مما أدى إلى تدمير معدات عسكرية وخسائر في صفوف الجيش السوري، بما في ذلك مقتل 18 جنديًا وإصابة آخرين، وفقًا لوزارة الدفاع السورية. أعلن الجيش الإسرائيلي أن هذه الضربات جاءت كـ”تحذير واضح” للنظام السوري بعدم استهداف الطائفة الدرزية أو تجاوز “الخطوط الحمراء” التي حددتها إسرائيل في جنوب سوريا.

هذه الضربات ليست الأولى من نوعها في 2025. فمنذ بداية العام، نفذت إسرائيل أكثر من 50 غارة جوية و8 غارات برية على الأراضي السورية، استهدفت بشكل رئيسي مستودعات أسلحة ومواقع عسكرية، مما أسفر عن مقتل 33 شخصًا وتدمير 79 هدفًا، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان. وتأتي هذه الأحداث في إطار تصعيد إسرائيلي مستمر بدأ بعد سقوط نظام الأسد، حيث استغلت إسرائيل الفراغ الأمني لتعزيز نفوذها في الجنوب السوري.

أسباب التدخل الإسرائيلي في السويداء

تتعدد الأسباب وراء التدخل الإسرائيلي في السويداء، ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:

🟥 حماية الطائفة الدرزية: أبدت إسرائيل اهتمامًا خاصًا بالطائفة الدرزية في سوريا، التي يُقدَّر عددها بحوالي 700 ألف نسمة، وتتركز بشكل رئيسي في السويداء. بعد الاشتباكات الطائفية في أبريل ويوليو 2025، حذر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن إسرائيل سترد بقوة إذا فشلت الحكومة السورية في حماية الدروز. هذا الاهتمام يعكس استراتيجية إسرائيلية لكسب تأييد الأقليات في المنطقة، خاصة أن دروز إسرائيل يحتفظون بعلاقات وثيقة مع دروز سوريا.

🟥 منع انتقال الأسلحة: تسعى إسرائيل إلى منع وصول الأسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ والدبابات، إلى فصائل قد تشكل تهديدًا لأمنها القومي، خاصة حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللتين عبرت إسرائيل عن قلقها من وجودهما في سوريا. القصف الأخير في السويداء استهدف دبابات الجيش السوري التي تجاوزت “الخطوط الحمراء” التي وضعتها إسرائيل، مما يشير إلى رغبتها في الحد من القدرات العسكرية للحكومة السورية الجديدة.

🟥 تعزيز السيطرة على الجنوب السوري: منذ سقوط نظام الأسد، توغلت إسرائيل في المنطقة العازلة ومناطق أخرى مثل القنيطرة وجبل الشيخ، مستغلة الفراغ الأمني. القصف في السويداء يعكس محاولة لتثبيت وجود عسكري واستخباراتي في جنوب سوريا، حيث أقامت إسرائيل 9 مواقع عسكرية ونشرت 3 ألوية في المنطقة بحلول مارس 2025.

🟥 مواجهة النفوذ الإيراني: على الرغم من تراجع النفوذ الإيراني في سوريا بعد انسحاب حزب الله وقوات إيرانية عقب هجوم المعارضة في نوفمبر 2024، لا تزال إسرائيل تراقب أي محاولات لإعادة بناء هذا النفوذ. الضربات الجوية تستهدف في كثير من الأحيان مستودعات أسلحة قد تكون مرتبطة بإيران أو حلفائها.

دوافع تدخل إسرائيل في الشأن السوري

تدخل إسرائيل في سوريا يندرج ضمن استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق الأمن القومي والتفوق الإقليمي. تشمل الدوافع الرئيسية:

🟥 ضمان الأمن في الجولان: احتلت إسرائيل مرتفعات الجولان السورية عام 1967، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة بسبب موقعها المرتفع ومواردها المائية. التدخلات في سوريا، بما في ذلك القصف في السويداء، تهدف إلى منع أي تهديدات محتملة على الجولان، سواء من الجيش السوري أو فصائل مسلحة.

🟥 منع تشكل جبهة مقاومة: تخشى إسرائيل من تحول جنوب سوريا إلى قاعدة لإطلاق هجمات ضد أراضيها، خاصة مع وجود فصائل مثل هيئة تحرير الشام، التي وصفتها إسرائيل بـ”الإسلامية الإرهابية”. القصف يهدف إلى إضعاف هذه الفصائل ومنعها من الحصول على أسلحة ثقيلة.

🟥 استغلال الفوضى السياسية: سقوط نظام الأسد خلق فراغًا سياسيًا وعسكريًا، مما سمح لإسرائيل بتوسيع نفوذها في سوريا. الضربات الجوية والتوغلات البرية تعزز من سيطرتها على المناطق الحدودية، وتضمن بقاء الحكومة السورية الجديدة ضعيفة عسكريًا.

🟥 الضغط على الحكومة السورية الجديدة: تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الخارجية جدعون ساعر، تشير إلى محاولات لتصوير الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع كـ”سلفية جهادية”، بهدف عزلها دوليًا وتبرير الضربات العسكرية. هذا الضغط يهدف إلى إجبار دمشق على قبول شروط إسرائيلية، مثل تقليص الوجود العسكري في الجنوب.

مشهد للقصف الإسرائيلي في سوريا
مشهد للقصف الإسرائيلي في سوريا

مساعي إسرائيل في المنطقة

تتمحور أهداف إسرائيل الاستراتيجية في سوريا والمنطقة حول:

🟥 إقامة منطقة عازلة دائمة: منذ ديسمبر 2024، أعلنت إسرائيل إلغاء اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، وتحولت من وصف توغلها بـ”المؤقت” إلى التأكيد على بقاء عسكري “غير محدود” في المنطقة العازلة. هذا يعكس نية إسرائيل لتثبيت احتلال جديد في جنوب سوريا.

🟥 إضعاف سوريا عسكريًا: من خلال استهداف البنية التحتية العسكرية، مثل المطارات والمستودعات، تسعى إسرائيل إلى منع إعادة بناء جيش سوري قوي. هذا الهدف يتضح في قصف مطار المزة ومركز البحوث العلمية في دمشق، وكذلك الضربات في السويداء.

🟥 دعم الأقليات لتقسيم سوريا: تركز إسرائيل على دعم الأقليات، مثل الدروز والكرد، لخلق كيانات موالية لها داخل سوريا. على سبيل المثال، سمحت إسرائيل بدخول مساعدات غذائية إلى القرى الدرزية، وأعربت عن استعدادها للتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الشمال الشرقي.

🟥 التأثير على الموارد الطبيعية: اتهمت سوريا إسرائيل بمحاولة السيطرة على مواردها المائية في الجنوب، من خلال تحويل مسارات الأنهار في الجولان والمناطق المحيطة، مما يهدد الأمن الغذائي والمائي السوري.

الاتفاقيات الأمنية بين سوريا وإسرائيل

الاتفاقية الأمنية الأبرز بين سوريا وإسرائيل هي اتفاقية فك الاشتباك المبرمة في 31 مايو 1974، عقب حرب أكتوبر 1973، في عهد الرئيس السوري حافظ الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي غولدا مئير. نصت الاتفاقية على:

⬛ إنشاء منطقة عازلة في الجولان تحت إشراف قوات الأمم المتحدة.

⬛ تبادل الأسرى بين الطرفين.

⬛ وقف إطلاق النار وتجميد الوضع العسكري في المنطقة الحدودية.

حافظت هذه الاتفاقية على الهدوء في الجولان لعقود، لكن إسرائيل أعلنت إلغاءها في ديسمبر 2024، مستغلة سقوط نظام بشار الأسد. وفي مايو 2025، أشار محللون إلى إمكانية إبرام اتفاقيات أمنية جديدة، قد تشمل تطبيعًا جزئيًا بين إسرائيل ومكونات دينية مثل الدروز، لكن لم يتم الإعلان عن اتفاقيات رسمية حتى يوليو 2025.

في التسعينيات، جرت مفاوضات سلام برعاية أمريكية في عهد الرئيس السوري حافظ الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، لكنها لم تسفر عن اتفاق نهائي بسبب الخلاف حول الجولان.

سيناريوهات تعامل أحمد الشرع

يتولى أحمد الشرع، الذي أصبح رئيسًا للفترة الانتقالية في يناير 2025، إدارة سوريا في ظل تحديات داخلية وخارجية معقدة. تشمل سيناريوهات تعامله مع التدخل الإسرائيلي:

صورة تجمع الرئيس أحمد الشرع مع سيناريوهات التعامل مع إسرائيل
صورة تجمع الرئيس أحمد الشرع مع سيناريوهات التعامل مع إسرائيل

🟩 التفاوض غير المباشر: أعلن الشرع في مايو 2025 عن مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لتهدئة الأوضاع. قد يستمر في هذا النهج لتجنب التصعيد العسكري، خاصة مع ضعف الجيش السوري. ومع ذلك، وصف تصرفات إسرائيل بـ”العشوائية”، مما يشير إلى رغبته في الحفاظ على خطاب وطني قوي.

🟩 تعزيز الجيش السوري: يواجه الشرع تحدي إعادة بناء الجيش السوري، الذي وصفه قائد سابق في المعارضة بأنه يحتاج عقودًا للتعافي. قد يسعى لدمج الفصائل المسلحة، مثل جيش سوريا الحرة، في هيكلية الدفاع، لكن هذا يتطلب دعمًا دوليًا ومواجهة القيود الإسرائيلية على تسليح الجيش.

🟩 الاستعانة بالمجتمع الدولي: دعا الشرع المجتمع الدولي إلى رفع العقوبات عن سوريا، معتبرًا أنها تؤثر على الشعب مباشرة. كما طالب بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية في مجلس الأمن. قد يعتمد على دعم دول مثل فرنسا، التي أعربت عن استيائها من القصف الإسرائيلي، للضغط على إسرائيل.

🟩 إدارة التوترات الطائفية: تواجه حكومة الشرع تحديات داخلية، مثل الاشتباكات في السويداء، التي تتطلب فرض النظام دون إثارة حساسيات طائفية. أعلن الشرع تشكيل لجان تقصي حقائق للتحقيق في الهجمات الطائفية، مما يشير إلى محاولته تحقيق مصالحة وطنية.

🟩 تجنب المواجهة العسكرية: نظرًا لضعف الجيش السوري، من المرجح أن يتجنب الشرع المواجهة المباشرة مع إسرائيل، مفضلاً الحلول الدبلوماسية والاعتماد على وسطاء مثل تركيا أو فرنسا.

التداعيات والمستقبل

القصف الإسرائيلي في السويداء وتكرار التدخلات في سوريا يعقدان جهود الشرع لتحقيق الاستقرار. من جهة، يواجه ضغوطًا داخلية لفرض سلطة الدولة، خاصة في مناطق مثل السويداء، حيث تستمر الانقسامات الطائفية. من جهة أخرى، يحد التدخل الإسرائيلي من قدرته على إعادة بناء الجيش والسيطرة على الأراضي السورية. دوليًا، قد يجد الشرع دعمًا من دول مثل فرنسا والاتحاد الأوروبي، الذي أبدى استعدادًا لتخفيف العقوبات إذا تقدمت الحكومة نحو حكم شامل يحمي الأقليات.

في الوقت نفسه، تعزز إسرائيل وجودها في جنوب سوريا، مما يثير مخاوف من توغل أوسع أو محاولة لتكريس احتلال دائم. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى نية البقاء في سوريا طوال 2025 على الأقل، مما قد يؤدي إلى تصعيد إقليمي إذا استمرت سوريا في تعزيز قواتها في الجنوب.

يمثل القصف الإسرائيلي في السويداء في يوليو 2025 حلقة جديدة في سلسلة التدخلات العسكرية التي بدأت بعد سقوط نظام الأسد. تسعى إسرائيل من خلال هذه العمليات إلى حماية مصالحها الأمنية، منع تعزيز القدرات العسكرية السورية، وتثبيت وجودها في الجنوب السوري. في المقابل، يواجه أحمد الشرع تحديات معقدة تتطلب التوازن بين الضغط الإسرائيلي، التوترات الداخلية، والحاجة إلى دعم دولي. الاتفاقيات الأمنية التاريخية، مثل اتفاقية 1974، لم تعد فعالة، مما يفتح الباب أمام مفاوضات جديدة قد تحدد مستقبل العلاقات بين البلدين. في النهاية، يعتمد استقرار سوريا على قدرة الشرع على إدارة هذه التحديات مع تجنب التصعيد العسكري، بينما تواصل إسرائيل سياسة القوة لضمان تفوقها الإقليمي.

فيديو جديد لقصف طيران إسرائيلي 15 يوليو (1:30 مساءً)

 

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img