spot_img

ذات صلة

جمع

أبو عبيدة: الرجل الذي لن يموت.. سيناريوهات خلافة “الملثم” ومستقبل القسام في غزة المنكوبة

يقف المشهد الفلسطيني اليوم أمام محطة تاريخية فارقة، بعد...

أزمة السويداء: بين حق تقرير المصير وتهديد وحدة سوريا

شهدت محافظة السويداء في جنوب سوريا يوم السبت 16 أغسطس...

محنة شعب: الوضع العسكري والإنساني الكارثي في قطاع غزة

تشهد غزة اليوم مأساة إنسانية بلا مثيل، حيث تتواصل...

أنس الشريف: صوت الحقيقة الذي لن يُسكت أبداً

في مساء العاشر من أغسطس 2025، سكت صوت كان...

نوايا نتنياهو: تشريح استراتيجية البقاء السياسي عبر احتلال غزة

يواجه بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول خدمة في...

المخابرات الأُردنية تعتقل المؤثر أيمن عبلي بسبب فيديو عن غزة

في ليلة 24 يوليو 2025، أطفأت المخابرات الأردنية شمعة أمل أضاءتها دموع أيمن عبلي، المؤثر الشاب الذي كرّس صوته لمناصرة أهل غزة. مقطع فيديو باكٍ، ينعي فيه المجاعة والتخاذل تجاه القطاع المحاصر، كان كافيًا لإحالته إلى محكمة أمن الدولة. هذه ليست قصة اعتقال فرد، بل هي قصة صوت شعب يواجه القمع في زمن الحروب والصمت.

المخابرات الأردنية تعتقل المؤثر أيمن عبلي وتُحيله إلى محكمة أمن الدولة، وذلك بعد نشره مقطع #فيديو يتحدث فيه عن المجاعة في غزة والخذلان… عشت يا حر يا ابن الأحرار..

Posted by ‎محمد عثمان‎ on Thursday, July 24, 2025

البداية: من هو أيمن عبلي؟

أيمن عبلي ليس مجرد مؤثرٍ على منصات التواصل. هو شابٌ أردنيٌ في مقتبل العمر، فلسطيني الأصل، حمل في قلبه ألم غزة كما لو كان ألم أطفاله. في فيديوهاته التي شاهدها الملايين، لم يكن يتحدث بلسان السياسة، بل بلسان الإنسانية. كان يبكي وهو يسأل: “كيف نأكل وننام بينما أطفال غزة يموتون جوعًا؟” كلماته كانت مرآةً تعكس وجع شعبٍ محاصر، وصوتًا لمن لا صوت لهم. لكن في بلادٍ تُقيد الكلمة، أصبحت دموعه تهديدًا، وكلماته جريمةً.

التهمة: “تحريض” أم صرخة إنسانية؟

اتهم عبلي بـ”التحريض على الرأي العام” بسبب مقطع فيديو يتحدث فيه عن المجاعة في غزة و”خذلان” الأنظمة العربية. الفيديو، الذي وصفه البعض بأنه “باكٍ وصادق”، تضمن تفنيدًا لروايات عن انتهاء المجاعة في القطاع، مستندًا إلى تقارير تؤكد مقتل أكثر من 115 شخصًا بسبب الجوع. لكن السلطات رأت في كلامه تهديدًا للاستقرار، مما يعكس حساسية الخطاب العام حول فلسطين.

الأبعاد الإنسانية: صوت غزة في الأردن

الأردن ليس مجرد دولة؛ هو ملاذ لملايين الفلسطينيين الذين يحملون هوية مزدوجة. عبلي كان تجسيدًا لهذه الهوية: أردني يعيش في عمان، لكنه يشعر بألم غزة كأنها جزء من جسده. فيديوهاته لم تكن مجرد محتوى؛ كانت جسرًا عاطفيًا يربط بين الشباب الأردني والمعاناة في القطاع.

عند اعتقاله، انفجر التعاطف: ناشطون كتبوا “أيمن لم يبكِ وحده، بل بكينا معه جميعًا”. هذا التعاطف يبرز أزمة أعمق، حيث يعاني الأردنيون من تمزق بين الولاء الوطني والتضامن الأخوي، خاصة مع أزمات اقتصادية تدفع الشباب إلى الهجرة بحثًا عن حياة أفضل. اعتقال عبلي لم يسكت صوتًا واحدًا، بل أيقظ آلافًا يشعرون بالظلم نفسه.

الأبعاد السياسية: توازنات معقدة

في خلفية هذه القصة، تكمن شبكة معقدة من الضغوط. الأردن، الحليف الأمني لإسرائيل من خلال اتفاقيات تعاون عسكري واستخباراتي، يتجنب أي خطاب يُفسر كدعم لفصائل مثل حماس.

اعتقال عبلي قد يكون رسالة للداخل والخارج: إظهار قوة أمام الضغوط الإقليمية، خاصة من دول عربية تقدم مساعدات مالية مقابل صمت أمني. لكن هذا النهج يحمل مخاطر، إذ يزيد من التوترات الداخلية في بلد يعاني من احتجاجات متكررة حول القضية الفلسطينية. السرد السياسي هنا يشبه مسرحية، حيث يدفع الأبرياء ثمن التوازنات الكبرى.

الأبعاد الإعلامية: خطر على المؤثرين

في عالم يسيطر فيه الإنترنت على الرأي العام، أصبح قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن أداة للقمع. استخدم سابقًا ضد نشطاء مثل أيمن سندوكة وأنس الجمل، الذين اعتقلا بتهم مشابهة.

قضية عبلي تسلط الضوء على مخاطر النشاط الرقمي: تهم غامضة تحول المؤثرين إلى مجرمين محتملين. هذا يدفع الكثيرين إلى الصمت، مما يحد من قدرة الجيل الجديد على تسليط الضوء على قضايا إنسانية مثل غزة. السرد هنا درامي: من منبر حر إلى زنزانة، يصبح التواصل الاجتماعي سلاحًا ذا حدين.

شباب الأردن: أحلام مكسورة

تخيل جيلًا يواجه البطالة بنسب تفوق 20%، والأزمات الاقتصادية التي تدفع آلافًا إلى الهجرة سنويًا. عبلي كان مرآة لهذا الجيل: شاب يعبر عن الإحباط بالكلمات والدموع. اعتقاله يرسل رسالة قاسية: “الكلام ثمنه الحرية”. هذا قد يؤدي إلى يأس أكبر، ربما يتحول إلى احتجاجات أو هجرة جماعية، مهددًا الاستقرار الاجتماعي. القصة هنا شخصية؛ كل شاب أردني يرى في عبلي نفسه، وفي اعتقاله نهاية أحلامه.

صوت عالمي: الضغط الحقوقي

رغم عدم ذكر اسم عبلي صراحة، أدانت منظمات مثل هيومن رايتس ووتش الحملة الأردنية ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين، موثقة اعتقال مئات بسبب منشوراتهم. انتقدت استخدام قانون الجرائم الإلكترونية كأداة قمع، مطالبة بالإفراج عن المعتقلين. نشطاء في أوروبا وأمريكا أطلقوا حملات تضامن عبر التواصل الاجتماعي، محرجين الحكومة الأردنية وجاعلين قضية عبلي جزءًا من نقاش عالمي حول حرية التعبير. هذا الضغط قد يكون مفتاحًا لتغيير، لكنه يعكس كيف أصبحت قصة فردية قضية دولية.

أيمن عبلي ليس مجرد مؤثر، بل هو رمز للصمود والإنسانية في زمن القمع. اعتقاله ليس فقط هجومًا على حرية التعبير، بل محاولة لإسكات صوت غزة في قلب الأردن. لكن دموعه، التي ألهبت قلوب الملايين، لن تُطفأ بسهولة. اليوم، تقف قضية عبلي كتحدٍ للأردن: هل ستصغي الحكومة لصوت شعبها، أم ستستمر في إسكاته؟

تطور جديد

مدعي عام عمّان يقرر إخلاء سبيل الناشط الأردني أيمن عبلي مقابل كفالة مالية، وذلك بعد يومين من توقيفه بتهمة “استهداف السلم المجتمعي”. ويُذكر أن آخر ما نشره عبلي على منصات التواصل كان مقطعًا تناول فيه مجاعة غزة، وندّد بالصمت إزاء الحصار والإبادة التي يتعرض لها القطاع. هذا القرار يعكس، ربما، استجابة لموجة التعاطف الشعبي والضغط الدولي، لكنه لا ينهي القضية، إذ يبقى عبلي تحت طائلة الملاحقة القانونية. تظل هذه الخطوة تذكيرًا بأن حرية التعبير في الأردن لا تزال رهينة التوازنات السياسية، وأن صوت عبلي، الذي حمل هم غزة، لن يُسكت بسهولة.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img