spot_img

ذات صلة

جمع

القصف الإسرائيلي في السويداء: أداة لإعادة تشكيل سوريا أم حماية المصالح؟

في 14 و15 يوليو 2025، هزت الغارات الإسرائيلية على...

ما هي دوافع إسرائيل من قصف الأرتال السورية المتوجهة لفرض الأمن بالسويداء

في يوليو 2025، شهدت محافظة السويداء جنوب سوريا تصعيدًا...

استشهاد القيادي محمد فرج الغول: سيرة طاهرة ألهمت شعب فلسطين

استشهد فجر اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025، المستشار محمد...

حنكة التخفي والقيادة: كيف صاغ الضيف عقيدة القسام العسكرية؟

محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، كان قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). ظل شخصية غامضة، يقود المقاومة من الخفاء، ويُعرف باسم “الضيف” لتنقله المستمر لتجنب الاغتيال. استشهد في 13 يوليو 2024، تاركًا إرثًا من الصمود والمقاومة. يستعرض هذا التقرير حياته، دوره في عملية “طوفان الأقصى”، توقعات حماس لرد الفعل الإسرائيلي، وتأثير استشهاده، مع التركيز على الرواية الفلسطينية.

حياة محمد الضيف

النشأة والتعليم

وُلد محمد الضيف في 12 أغسطس 1965 في مخيم خان يونس للاجئين بقطاع غزة، لعائلة فلسطينية نُزحت من قرية القبيبة في قضاء الرملة خلال نكبة 1948. نشأ في ظروف اقتصادية صعبة، وساعد والده في أعمال الغزل والتنجيد لدعم الأسرة. التحق بالجامعة الإسلامية في غزة، وحصل على بكالوريوس في الكيمياء عام 1988. خلال دراسته، كان نشطًا في الكتلة الإسلامية، الجناح الطلابي لحماس، وأسس فرقة مسرحية تُدعى “العائدون” لنشر الوعي الوطني والديني.

الانضمام إلى حماس

انضم الضيف إلى حماس عام 1987 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. اعتقلته السلطات الإسرائيلية عام 1989 بتهمة الانتماء إلى الجناح العسكري، وقضى 16 شهرًا في السجن. بعد إطلاق سراحه، ساهم مع صلاح شحادة وياسر النمروطي في بناء كتائب القسام، حيث برز كمهندس للمتفجرات ومطور للصواريخ المحلية.

قيادة كتائب القسام

في عام 2002، بعد اغتيال صلاح شحادة، تولى الضيف قيادة كتائب القسام. طوّر قدرات الكتائب، بما في ذلك شبكة الأنفاق والصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ونفذ عمليات نوعية مثل خطف جنود إسرائيليين. أصبح رمزًا للمقاومة بسبب ذكائه العسكري وتفاديه للاستهداف.

محمد الضيف في لقاء حصري، يعتبر الظهور الأول، في برنامج "في ضيافة البندقية" على قناة الجزيرة
محمد الضيف في لقاء حصري، يعتبر الظهور الأول، في برنامج “في ضيافة البندقية” على قناة الجزيرة

محاولات الاغتيال

نجا الضيف من سبع محاولات اغتيال إسرائيلية بين عامي 2001 و2024، مما أكسبه لقب “القائد ذو الأرواح التسعة”. أدت هذه المحاولات إلى إصابات بالغة، بما في ذلك فقدان إحدى عينيه وإصابات في أطرافه، لكنه واصل قيادة الكتائب.

السنة تفاصيل محاولة الاغتيال النتيجة
2001 غارة جوية على غزة نجا بإصابات
2002 استهداف منزله نجا بإصابات
2006 قصف موقع في غزة نجا بإصابات
2014 غارة على منزل عائلته نجا، استشهاد زوجته وابنه
2021 قصف أثناء عملية سيف القدس نجا بإصابات
2023 استهداف أثناء طوفان الأقصى نجا
2024 غارة في المواصي استشهد

عملية طوفان الأقصى

الخلفية والأهداف

في 7 أكتوبر 2023، أطلقت كتائب القسام عملية “طوفان الأقصى”، وهي هجوم واسع النطاق على إسرائيل شمل إطلاق أكثر من 5000 صاروخ واختراق الحدود عبر البر والبحر والجو. وفقًا للرواية الفلسطينية، كانت العملية ردًا على الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، الحصار المستمر على غزة، وتوسع الاستيطان. الأهداف شملت:

🟥 الرد على الاعتداءات على المسجد الأقصى.

🟥 كسر الحصار على غزة.

🟥 استعادة الحقوق الفلسطينية وإقامة دولة مستقلة.

🟥 إضعاف الهيمنة الأمنية الإسرائيلية.

دور محمد الضيف

كان الضيف، إلى جانب يحيى السنوار، العقل المدبر للعملية. أعلن بدء العملية في تسجيل صوتي، داعيًا إلى انتفاضة شاملة ضد الاحتلال. وجه نداءً إلى الجماهير العربية والإسلامية لدعم المقاومة، وحث حلفاء المقاومة في لبنان وإيران واليمن على الانضمام.

النتائج

حققت العملية نجاحًا عسكريًا كبيرًا، حيث انهارت فرقة غزة الإسرائيلية خلال ساعات، وتم أسر العشرات من الجنود الإسرائيليين. ومع ذلك، أدت إلى رد إسرائيلي عنيف، شمل قصفًا مكثفًا على غزة، أسفر عن دمار هائل وخسائر بشرية كبيرة.

توقعات حماس لرد الفعل الإسرائيلي

تقديرات الجناح العسكري

تشير تقارير إلى أن الضيف توقع ردًا إسرائيليًا قويًا، بما في ذلك توغل بري، لكنه راهن على تشتيت الجيش الإسرائيلي بين جبهة غزة والجبهة الشمالية مع حزب الله. وثّقت مصادر إسرائيلية وجود نماذج محاكاة في أنفاق القسام تُظهر استعدادًا لهذا السيناريو.

تصريحات موسى أبو مرزوق

في مقابلة مع “نيويورك تايمز” في فبراير 2025، قال أبو مرزوق: “لو كان متوقعًا أن يحدث ما حدث لما كان هناك 7 أكتوبر”، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية لم تكن على دراية كاملة بتفاصيل العملية. أضاف أن النجاح العسكري فاق التوقعات، لكنهم لم يتوقعوا الوحشية الكبيرة في الرد الإسرائيلي، خاصة مع الدعم الأمريكي. لاحقًا، أصدرت حماس بيانًا يوضح أن كلمات أبو مرزوق أُخرجت من سياقها، مؤكدة دعمها الكامل للعملية كحق مشروع للمقاومة.

في مقابلة مع “موندويس” في أكتوبر 2024، أوضح أبو مرزوق أن العملية شملت حوالي 1200 مقاتل من النخبة، وأنها حققت أهدافها في إعادة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، لكنه أشار إلى أن الحركة لم تتوقع مدى الدعم الأمريكي لإسرائيل.

التباين بين الجناحين

تُظهر التصريحات وجود فجوة بين الجناح العسكري، الذي خطط للعملية بسرية، والجناح السياسي، الذي لم يكن على دراية كاملة بالتفاصيل. ومع ذلك، تؤكد حماس أن العملية كانت ضرورية لمواجهة الاحتلال.

استشهاد الضيف وتأثيره

عملية الاغتيال

في 13 يوليو 2024، استهدفت غارة إسرائيلية بطائرات F-35 منطقة المواصي غرب خان يونس، باستخدام مجموعة قنابل زنة 2000 رطل. أسفرت عن استشهاد الضيف ونائبه رافع سلامة، لاحقًا أكدت حماس استشهاده في 30 يناير 2025 عبر الناطق باسم القسام، أبو عبيدة،

من فيديو كتائب القسام حيث خرج أبو عبيدة وأعلن رسميًا استشهاد كوكبة من قيادات كتائب القسام العسكريين
من فيديو كتائب القسام حيث خرج أبو عبيدة وأعلن رسميًا استشهاد كوكبة من قيادات كتائب القسام العسكريين

تأثير الاستشهاد

بعد استشهاد الضيف، تولى مجلس ثلاثي قيادة كتائب القسام، يضم أيمن نوفل، سامي شهلا، ومحمود سعدي، مع احتفاظ يحيى السنوار بالمرجعية السياسية. واصلت الكتائب إطلاق الصواريخ بمعدل 30 قذيفة يوميًا حتى اتفاق وقف النار في 19 يناير 2025، مما يدل على استمرارية العمليات.

المشهد الحالي في غزة (يوليو 2025)

المؤشر التفاصيل
الحصيلة البشرية 47,460 شهيدًا و112,000 مصاب وفقًا لوزارة الصحة في غزة
أسرى الحرب 136 رهينة إسرائيلية في غزة مقابل 4,800 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية
إعادة الإعمار إزالة 52% من الركام، لكن نقص التمويل يبطئ بناء المساكن، مع استمرار الحصار البحري والجوي جزئيًا

جبهة حزب الله بعد طوفان الأقصى

الاشتباكات

منذ 8 أكتوبر 2023، فتح حزب الله جبهة شمالية مع إسرائيل، ردًا على دعوة الضيف. شملت الاشتباكات هجمات صاروخية على مواقع إسرائيلية، مما أدى إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون لبناني و96,000 إسرائيلي.

وقف إطلاق النار

في 27 نوفمبر 2024، تم التوصل إلى هدنة برعاية فرنسية-أمريكية، تنص على انسحاب إسرائيل جنوب الخط الأزرق ونشر الجيش اللبناني حتى نهر الليطاني. ومع ذلك، وثقت الأمم المتحدة مقتل 71 مدنيًا لبنانيًا بعد الهدنة بسبب خروقات إسرائيلية.

تقييم استراتيجي

المحور المكسب التكتيكي الكلفة الاستراتيجية ملاحظات
اختراق 7 أكتوبر انهيار فرقة غزة الإسرائيلية خلال ساعات دمار غير مسبوق في غزة وخسارة قادة مكاسب رمزية تعزز سردية الصمود
مواجهة حزب الله تشتيت الجبهة الإسرائيلية مقتل آلاف المقاتلين والمدنيين اللبنانيين خطر حرب شاملة قائم
ردع إسرائيل إسقاط صورة الجيش الذي لا يُقهر تعزيز التحالف الإسرائيلي-الأمريكي الردع الجزئي هش مع القبة الحديدية

 

تجدر الإشارة إلى أنّ استشهاد القائد العام لكتائب القسّام، محمد دياب إبراهيم المصري «الضيف»، لا يُقاس فقط بخسارة قائد ميداني؛ بل يُعيد طرح أسئلة جوهرية حول طبيعة العمل العسكري غير المتكافئ، وحدود التخفي في عصر الاستشعار الفضائي، وإمكانية استمرار المقاومة الفلسطينية في غياب «شبح» دوَّخ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ثلاثة عقود كاملة

الحنكة العسكرية وفنّ التخفي

منهجية التخفي: شبكة «الدوائر المغلقة»

اعتمد الضيف على هيكل دوائر أمنية يُسمَّى «البصلة»؛ كل حلقة لا تعرف سوى الحلقة الأقرب إليها، ما حصر المعرفة التفصيلية بمكانه في نطاق لا يتجاوز خمسة أشخاص.

  • عدم استخدام الاتصالات الرقمية: منذ 2014 توقّف عن حمل أي جهاز بثّ، ولجأ إلى رسائل ورقية تُنقَل عبر سعاة منتقَين خضعوا لجهاز أمني موازٍ يلتزم «التقاطُع العمي»؛ أي يسلّم الرسالة دون معرفة المرسَل إليه النهائي.

  • تغيير البصمة الحرارية: أقام الضيف معظم اجتماعاته في أنفاق مبطَّنة بمزيج من التربة والصلصال لتشتيت انبعاث الحرارة، وهي تقنية استُلهمت من تجربة حزب الله في جنوب لبنان.

  • الإقامة الخاطفة: لقبه «الضيف» جاء من مبيته المتكرر لليلة واحدة لدى عائلات متفاوتة الانتماء الاجتماعي، ما جعل رصد العلاقات البشرية شبه مستحيل.

البصمة العملياتية

  1. استراتيجية التدرج: نقل القتال من «كمائن الخلايا» في التسعينيات إلى «جيش شبكي» مزوَّد بصواريخ تتجاوز 250 كيلومتراً وأنفاق هجومية عابرة للحدود.

  2. توحيد الميدان الافتراضي والفعلي: أقام غرفة عمليات تُدمج استخبارات الطائرات المسيَّرة مع تدفّق الإحداثيات من الرصد البشري، ما سمح بإطلاق رشقة افتتاحية في 7 أكتوبر 2023 تجاوزت 5,000 صاروخ خلال 20 دقيقة.

  3. مبدأ الاقتصاد في الخسائر: شدّد على استخدام وحدات الانغماسيّين لتشتيت القوات الإسرائيلية داخل مستوطنات غلاف غزة بدلاً من خوض معركة دفاع ثابتة على الحدود.

القدرة العسكرية: الخطأ والصواب

القدرة العسكرية للضيف، مثل تخطيطه لهجوم 7 أكتوبر، أظهرت نجاحات كبيرة، لكنها أيضًا أدت إلى رد إسرائيلي مدمر. ليس واضحًا ما إذا كان فارق السن أو السرعة في تحقيق النتائج، مثل سرعة تنفيذ العملية، ساهم في خسارة المعركة، لكن البحث يشير إلى أن الاستراتيجية العسكرية قد تتضمن مخاطر، خاصة مع الرد الإسرائيلي الوحشي.

استشهاد الضيف واستمرار المقاومة

استشهد الضيف، لكن حماس عينت “محمد سنوار” خلفًا له، وبعد اغتياله عينت “عز الدين الحداد” مما يعني استمرارية القيادة.

تصريحات حماس، مثل تلك التي أدلى بها أبو عبيدة، أكدت أن استشهاده زاد من عزم المقاتلين، حيث قال إن “لكل قائد سقط، يقوم ألف مقاتل”. هذا يشير إلى أن المقاومة لم تنته، ولن تنته

ختامًا ترك محمد الضيف إرثًا من المقاومة، حيث حوّل كتائب القسام إلى قوة منظمة تعتمد على الأنفاق والصواريخ. عملية “طوفان الأقصى” كانت نقطة تحول، لكنها كشفت هشاشة الوضع في غزة أمام الحرب الإسرائيلية. التحدي أمام القادة الجدد هو ترجمة هذا الإرث إلى استراتيجية متوازنة تحقق الحقوق الفلسطينية.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img