spot_img

ذات صلة

جمع

سلمان عودة في حوار ناري: مقارنة بين الشرع والأسد وتفنيد اتهامات التحالف مع إسرائيل

في إطار المتابعة الموضوعية للتطورات السياسية في سوريا الجديدة،...

شركة مايكروسوفت في قلب آلة المراقبة والحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين

يكشف تحقيق مشترك نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بالتعاون مع مجلة +972 وLocal Call عن...

تحقيق استقصائي: مؤسسة غزة الإنسانية – آلة القتل المُقنعة بقناع المساعدات

يكشف هذا التحقيق الاستقصائي المعمق عن الحقيقة المروعة وراء...

ريتشارد هيوز.. مهندس ميركاتو ليفربول التاريخي

عندما ترى ريتشارد هيوز يصافح المدرب الهولندي آرني سلوت...

سلمان عودة في حوار ناري: مقارنة بين الشرع والأسد وتفنيد اتهامات التحالف مع إسرائيل

في إطار المتابعة الموضوعية للتطورات السياسية في سوريا الجديدة، يثير موقف الإعلامي كرم حلّوم في برنامجه “ضيف كرم – الغرفة 7” مع الشيخ الدرزي اللبناني سلمان عودة تساؤلات حول التوجهات الطائفية والسياسية لبعض القيادات الدرزية في ظل التحولات الراهنة.

مقابلة امتدت لأكثر من ساعة وعشرين دقيقة، تكشف عن جوانب مثيرة للجدل تستحق تحليلاً نقدياً وموضوعياً بعيداً عن العواطف والانحيازات الطائفية.

خلفية تاريخية: الدروز وإسرائيل – علاقة مشكوكة تاريخياً

الشراكة العسكرية المباشرة

قبل الحكم على تصريحات الشيخ سلمان عودة، من الضروري فهم السياق التاريخي للعلاقة بين الطائفة الدرزية وإسرائيل. الحقائق التاريخية الموثقة تشير إلى أن 85% من الدروز في فلسطين المحتلة يخدمون في الجيش الإسرائيلي، وهي نسبة تتجاوز حتى نسبة التجنيد بين اليهود أنفسهم. هذه الخدمة العسكرية ليست تطوعية بل إجبارية منذ عام 1956 بموجب اتفاق مع السلطات الإسرائيلية.

تؤكد الوثائق التاريخية أن هذا التعاون بدأ منذ حرب 1948، حيث تكشف وثيقة استخبارية إسرائيلية سرية أن “جزءاً من الجنود الدروز انشقوا من المعركة ضد الجيش الإسرائيلي، وجزء منهم تجسس لصالح إسرائيل”. وتشير الوثيقة ذاتها إلى أن الدروز كانوا “بين المطرقة العربية والسندان اليهودي”، مما يفسر ازدواجية مواقفهم.

النموذج الحالي: دروز الجولان ودروز السويداء

الأحداث الأخيرة في السويداء تكشف عن تكرار النمط التاريخي نفسه. فقد عبر مئات من الدروز من مرتفعات الجولان المحتلة إلى سوريا لدعم أقرانهم في السويداء. هذا التحرك، الذي تم بتنسيق غير مباشر مع السلطات الإسرائيلية، يطرح تساؤلات حول طبيعة الولاءات الحقيقية للطائفة.

تحليل تصريحات الشيخ سلمان عودة: بين الدفاع المشروع والمناورة السياسية

التناقضات في الموقف

رغم دفاع الشيخ عودة القوي عن موقف الدروز ونفيه التحالف مع إسرائيل، إلا أن تحليل تصريحاته يكشف عن تناقضات مهمة. فبينما ينفي التحالف، نجده يعيد توجيه الاتهامات ضد الحكومة السورية الجديدة، متهماً إياها بالتفاوض مع إسرائيل في أذربيجان. هذا التكتيك يُعرف في علم السياسة بـ”إعادة توجيه التهمة” لإخفاء الحقائق المحرجة.

المقارنة الظالمة مع النظام السابق

أحد أكثر الجوانب إثارة للجدل في المقابلة كان ادعاء عودة أن “الظلم الذي ارتكبه حافظ الأسد وبشار الأسد في 40 سنة، ارتكبه أحمد الشرع في 10 أيام”. هذا الادعاء يبدو مفرطاً في التضخيم، خاصة إذا ما قورن بحقائق العقود الأربعة من القمع والديكتاتورية التي شهدتها سوريا تحت حكم آل الأسد.

من المهم التذكير بأن النظام السوري السابق قتل مئات الآلاف من السوريين وشرد الملايين، بينما الحكومة الجديدة تحاول بناء دولة مدنية تشمل جميع المكونات السورية دون تمييز.

السياق الأوسع: حكمت الهجري والمشروع الانفصالي

التحول المشبوه في الخطاب

لفهم خطاب الشيخ عودة، يجب وضعه في سياق التطورات في السويداء تحت قيادة حكمت الهجري، الذي تحول من قائد روحي إلى زعيم انفصالي مدعوم خارجياً. التقارير تشير إلى أن الهجري صرح بأن “إسرائيل ليست العدو”، وطالب بـفتح “ممر” بين السويداء ومناطق سيطرة قسد شمال شرق سوريا.

هذه المواقف تتماشى بشكل مريب مع المشروع الإسرائيلي المعروف بـ”ممر داوود”، الذي يهدف إلى تفتيت سوريا وإنشاء مناطق نفوذ إسرائيلية غير مباشرة.

الدعم الإسرائيلي المباشر

الوقائع على الأرض تؤكد حجم التنسيق بين قيادات درزية وإسرائيل. فقد أقامت إسرائيل مستشفى متنقلاً في قرية حضر الدرزية في الجولان المحتل، كما شكلت “خلية أزمة الطائفة الدرزية” في إسرائيل لدعم دروز سوريا. هذا الدعم “الإنساني” المزعوم يأتي في إطار استراتيجية إسرائيلية أوسع لاستغلال الأوضاع في سوريا.

الموقف الحكومي السوري: التوازن بين الحزم والحكمة

ضرورة إنفاذ سيادة الدولة

الحكومة السورية الجديدة تواجه تحدياً معقداً في التعامل مع الوضع في السويداء. من جهة، هناك ضرورة لحماية المدنيين من جميع الأطراف، ومن جهة أخرى، لا يمكن السماح بتشكيل ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون كما وصفها محللون سياسيون.youtube

التقارير تشير إلى أن فصائل الهجري تمارس “ترهيباً وقمعاً” ضد المعارضين لسياساتها، وأنها تحاول “سلخ المدينة عن سوريا” بدعم خارجي. هذا الوضع يتطلب تدخلاً حكومياً حازماً لحماية المدنيين وإعادة تأكيد سيادة الدولة.

الرؤية طويلة المدى: دمج حقيقي لا تهميش

الحل الأمثل للوضع في السويداء يكمن في الدمج الحقيقي للدروز في المشروع السوري الجديد دون إقصاء أو تهميش، لكن أيضاً دون السماح بتشكيل كانتونات طائفية منفصلة. الدروز السوريون، شأنهم شأن جميع المكونات السورية، لهم حقوق كاملة في الدولة الجديدة، لكن هذه الحقوق تأتي مع واجبات، أهمها احترام سيادة الدولة والقانون.

التحديات المستقبلية

مواجهة النفوذ الإسرائيلي

واقع الأمر أن إسرائيل تستغل الوضع في السويداء لتحقيق مكاسب استراتيجية. السيطرة الجوية الإسرائيلية على السويداء، كما أشار بعض المحللين، تمثل تهديداً مباشراً للسيادة السورية. هذا الوضع يتطلب استراتيجية شاملة لمواجهة المحاولات الإسرائيلية لاستغلال التوترات الداخلية.

بناء الثقة مع الدروز الوطنيين

من المهم التمييز بين الدروز الوطنيين الذين يرفضون التدخل الخارجي وأولئك المتورطين في مشاريع مشبوهة. تشير تقارير إلى وجود “أحرار مدينة السويداء” الذين يرفضون سياسات الهجري ويطالبون الحكومة بـ”تحرير المدينة من سلطة السلاح المفروض”.

تقييم خطاب الشيخ عودة: نقد موضوعي

الإيجابيات النسبية

لا يمكن إنكار أن الشيخ عودة قدم دفاعاً قوياً عن هوية الدروز العربية والإسلامية، ونفى بقوة اتهامات التحالف المباشر مع إسرائيل. كما أنه أكد على وحدة سوريا ورفض الانفصال، وإن كان بشروط.

الثغرات والمخاوف

مع ذلك، فإن خطاب عودة يحتوي على ثغرات مهمة:

  1. التضخيم المفرط في وصف أعمال الحكومة الجديدة

  2. التهرب من الإجابة المباشرة حول بعض القضايا العقائدية الحساسة

  3. عدم التبرؤ الواضح من سياسات حكمت الهجري الانفصالية

  4. غياب النقد الذاتي للأخطاء التاريخية لبعض القيادات الدرزية

الطريق إلى الأمام

المقابلة، رغم أهميتها في كشف وجهات النظر الدرزية، تؤكد على ضرورة التعامل مع الوضع في السويداء بموضوعية وحكمة. الحكومة السورية الجديدة مطالبة بـ:

  1. حماية جميع المدنيين دون تمييز طائفي

  2. إنفاذ سيادة القانون بحزم وعدالة

  3. مواجهة النفوذ الإسرائيلي المتنامي في المنطقة

  4. بناء دولة مدنية حقيقية تستوعب جميع المكونات السورية

في الوقت نفسه، على القيادات الدرزية الوطنية التبرؤ من المشاريع الانفصالية والتأكيد على انتمائها السوري الأصيل. التاريخ لن يرحم من يتاجر بمعاناة شعبه لتحقيق مكاسب ضيقة أو خدمة أجندات خارجية.

سوريا الجديدة قادرة على احتواء جميع أبنائها، لكن هذا الاحتواء يتطلب التزاماً متبادلاً بالمواطنة الكاملة والولاء للوطن قبل الطائفة. أما الذين يختارون طريق التمرد والانفصال بدعم خارجي، فسيجدون أنفسهم في مواجهة شعب سوري متحد وحكومة مصممة على بناء دولة قوية وموحدة.

فريق التحرير

منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز

spot_imgspot_img