أعادت صفقة بيع الرقائق الإلكترونية (وهي قطع صغيرة جداً تستخدم في الأجهزة الذكية مثل السيارات والحواسيب) بقيمة 16.5 مليار دولار بين شركة سامسونج الكورية الجنوبية وشركة تسلا الأمريكية (التي يديرها إيلون ماسك وتصنع سيارات كهربائية ذكية) تغيير خريطة المنافسة العالمية في صناعة هذه الرقائق المتطورة. هذه الصفقة تربط بين تطوير الذكاء الاصطناعي (AI، وهو تقنية تجعل الآلات تفكر وتتعلم مثل البشر) في السيارات والروبوتات، وبين مستقبل تصنيع الرقائق داخل الولايات المتحدة.
يستمر العقد حتى عام 2033، وسيتم تصنيع هذه الرقائق في مصنع سامسونج الجديد في مدينة تايلور بولاية تكساس الأمريكية (هذا المصنع هو منشأة حديثة بنيت لإنتاج رقائق متقدمة، وهو جزء من جهود أمريكا لتعزيز صناعتها التقنية). الرقائق هي من الجيل السادس (AI6) لتسلا، وبدقة 2 نانومتر (النانومتر هو وحدة قياس صغيرة جداً، تعني أن الرقاقة مصنوعة بدقة متناهية الصغر، مما يجعلها أسرع وأكثر كفاءة). هذه الصفقة مهمة جداً لأنها تؤثر على سلاسل التوريد العالمية (كيفية نقل المواد والمنتجات)، وسياسات الدعم الحكومي الأمريكي، وتوازن القوى في سوق التصنيع التعاقدي (أي الشركات التي تصنع الرقائق للآخرين مقابل رسوم).
خلفية الصفقة وأهميتها الاستراتيجية
في الماضي، اعتمدت تسلا على سامسونج لصنع رقاقة HW4/AI4 بدقة 7 نانومتر (دقة أكبر تعني رقاقة أصغر وأقوى). ثم نقلت تسلا إنتاج الجيل الخامس (AI5) إلى شركة TSMC (وهي شركة تايوانية عملاقة في صناعة الرقائق، تُعتبر الأكبر عالمياً وتُعرف باسم Taiwan Semiconductor Manufacturing Company).
عودة تسلا إلى سامسونج بهذا الحجم الكبير هي علامة ثقة كبيرة في قدرة سامسونج على تحسين “العوائد” (yield، وهي نسبة الرقائق الناجحة من الإنتاج دون عيوب، مثل كفاءة التصنيع).
هذه الصفقة تمثل 7.6% من إيرادات سامسونج لعام 2024، وتعطي مصنع تايلور (الذي حصل على 6.4 مليار دولار من حوافز قانون CHIPS Act، وهو قانون أمريكي يدعم صناعة الرقائق محلياً لتقليل الاعتماد على الخارج) أول عميل كبير بعد تأخير تشغيله بسبب نقص الطلبات.
بالنسبة لتسلا، يساعد هذا في جعل التصنيع داخل أمريكا، مما يتناسب مع استراتيجيتها لجعل سلاسل التوريد أكثر مرونة (أي أقل عرضة للمشاكل مثل الرسوم الجمركية أو التوترات بين الصين وأمريكا). كما أن المصنع قريب من مقر إيلون ماسك في مدينة أوستن بتكساس، مما يسهل الإشراف عليه.
الأبعاد التقنية: ماذا تعني شرائح AI6 بدقة 2 نانومتر؟
-
الأداء: توفر هذه الرقائق أداء حوسبي (قدرة على المعالجة السريعة) أعلى بنسبة 12%، وكفاءة في استهلاك الطاقة أفضل بنسبة 25%، وحجم أصغر بنسبة 5% مقارنة بالرقائق الحالية بدقة 3 نانومتر، حسب خطة سامسونج المسماة SF2 (خارطة طريق تقنية).
-
التصميم: الرقائق مصممة بشكل موحد يمكن استخدامها في أمور مختلفة، مثل تشغيل برامج القيادة الذاتية في سيارات تسلا (مثل Full Self-Driving أو FSD، وهي تقنية تجعل السيارة تقود نفسها)، أو في روبوت Optimus (روبوت ذكي من تسلا)، أو حتى في مراكز البيانات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة. هذا يقلل من التعقيد في البرمجة ويوفر التكاليف.
-
التحديات: الانتقال إلى 2 نانومتر يعني مشاكل في الإنتاج، مثل تعقيد “قناع الطباعة الضوئية EUV” (تقنية متقدمة لطباعة الرقائق بدقة عالية)، وحساسية العوائد (نسبة النجاح)، والحاجة إلى ابتكارات في التغليف المتقدم (مثل 2.5D/3D IC، وهي طرق لربط الرقائق معاً لتقليل التأخير في الإشارات والحرارة الزائدة).
الجدول الزمني المتوقع لمراحل المشروع
المرحلة | التاريخ المتوقع | ملاحظات رئيسية (مبسطة) |
---|---|---|
توقيع العقد | تموز 2025 | الصفقة بقيمة 16.5 مليار دولار حتى 2033 |
إنجاز تجهيزات تايلور | نهاية 2025 | تركيب المعدات في المصنع |
إنتاج تجريبي 2 نانومتر | 2026 | اختبار الخطوط الإنتاجية |
نموذج أولي لشريحة AI6 | 2026-2027 | بعد الانتهاء من الجيل السابق |
إنتاج كمي | 2028 | يتزامن مع إطلاق سيارات Robotaxi (سيارات أجرة ذاتية القيادة) |
نهاية العقد | 2033 | قد يتم تمديده إذا نجحت |
المكاسب المالية والصناعية
-
سامسونج: ارتفع سعر سهم الشركة بنسبة 6.8% بعد الإعلان، ويتوقع بنك BofA (بنك أمريكي) إضافة 2-3 مليار دولار إيرادات سنوية، مع تحسين الهامش التشغيلي (الربح من الإنتاج). قد تساعد في تقليل خسائر وحدة Foundry (قسم التصنيع التعاقدي) التي بلغت أكثر من 5 تريليون وون كوري (عملة كوريا) في النصف الأول من 2025.
-
تسلا: ارتفع سهمها بنسبة 1.6-1.9% في التداولات المبكرة، وتعزز هذه الصفقة قدرتها على تسريع تحديثات FSD وتقليل الاعتماد على TSMC، مما يعطيها قوة أكبر في التفاوض.
تأثير الصفقة على المنافسة مع TSMC
تمتلك TSMC 67% من سوق التصنيع التعاقدي، مقابل 7-8% فقط لسامسونج. على الرغم من تقدم TSMC، إلا أن:
-
توقيع سامسونج صفقات كبيرة بدقة 2 نانومتر يظهر تحسناً في عوائدها ويضغط على أسعار TSMC.
-
مصنع تايلور سيبدأ الإنتاج قبل مصنع TSMC في أريزونا (متوقع 2028)، مما يعطي سامسونج ميزة موقعية للعملاء الأمريكيين.
-
لكن المخاطر عالية؛ إذا فشلت سامسونج في العوائد، قد تأخذ TSMC الطلبات الاحتياطية، خاصة أن تسلا لديها علاقة مستمرة مع TSMC للجيل AI5.
الامتدادات الجيو-اقتصادية (التأثيرات السياسية والاقتصادية العالمية)
-
السياسة الأمريكية: تتناسب مع أهداف إدارة بايدن لزيادة إنتاج الرقائق داخل أمريكا إلى 20% بنهاية العقد، وتخلق 4500 وظيفة في تكساس.
-
التنافس في شرق آسيا: كوريا الجنوبية تحاول تنويع أسواقها بعيداً عن رقائق الذاكرة، بينما تستفيد الصين (من خلال شركة SMIC) من القيود الأمريكية لبناء بدائل، مما يجعل نجاح سامسونج أمراً أمنياً لكوريا.
-
أمن سلاسل التوريد: التصنيع المحلي يقلل من مخاطر توقف الشحنات عبر مناطق حساسة مثل مضيق تايوان أو هرمز، ويساعد تسلا في تحسين تقييم الاستدامة (تقليل التلوث من الشحن).
التحديات التي قد تؤثر على الجدول الزمني
-
عوائد التصنيع: على الرغم من التحسن، تقارير تشير إلى صعوبة سامسونج في تجاوز 20% نجاح عند 3 نانومتر؛ الوصول إلى مستويات جيدة عند 2 نانومتر يحتاج جهداً كبيراً.
-
التكلفة: زيادة الاستثمار في تكساس إلى 40 مليار دولار تضغط على الميزانية، خاصة مع تباطؤ مبيعات الهواتف الذكية.
-
التنظيم: الرقائق تحتاج شهادات سلامة مثل ISO 26262 (معايير أمان للسيارات) وشبكة موردين لـ”Functional Safety” (أمان وظيفي)، مما قد يؤخر الإنتاج.
-
البرامج: نجاح الرقائق يعتمد على قدرة تسلا على تطوير FSD إلى مستوى SAE Level 4-5 (مستويات قيادة ذاتية كاملة)؛ الفشل يجعل الرقائق أقل فائدة.
قراءة مستقبلية: هل هي فوز مؤقت أم تغيير كبير؟
إذا نجحت سامسونج في تثبيت نفسها بدقة 2 نانومتر بعوائد عالية قبل TSMC، ستتمكن من:
-
جذب طلبات من شركات مثل إنفيديا (NVIDIA) وكوالكوم وAMD (شركات رقائق كبرى)، وشركات ذكاء اصطناعي جديدة تبحث عن بدائل.
-
زيادة حصة الحوسبة عالية الأداء (HPC، تقنيات للحواسيب السريعة) من 19% إلى 45% من إيراداتها بحلول 2028.
-
تقليل تقلبات أرباح قسم الذاكرة (الذي يتأثر بتغيرات السوق).
لكن إذا فشلت أو تأخرت، قد تصبح الصفقة عبئاً مالياً يزيد خسائر قسم Foundry ويعزز هيمنة TSMC. النجاح يعتمد على توازن بين التطور التقني، التنفيذ الجيد، واستمرار طلب تسلا.
تمثل صفقة سامسونج وتسلا اختباراً كبيراً لقدرة سامسونج على منافسة TSMC وصعودها إلى المركز الأول في صناعة الرقائق المتقدمة. بالنسبة لتسلا، هي خطوة للسيطرة على مستقبلها التقني بعيداً عن المخاطر السياسية. الطريق إلى 2028 مليء بالتحديات، لكن النجاح قد يصبح نموذجاً لشراكات بين السيارات والرقائق والذكاء الاصطناعي في المستقبل.

مدير المحتوى التقني في الموقع، يقود تجربة المستخدم من خلال تصميم ذكي وواجهة سلسة. قام بتطوير الموقع ليُقدّم أفضل أداء ممكن، ويحرص على إثراء القسم التقني بمقالات دقيقة ومفيدة، تشمل ووردبريس، الذكاء الاصطناعي، والتحسين لمحركات البحث (SEO).