في 14 يوليو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار بتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة عبر حلف الناتو، مع إمهال روسيا 50 يومًا لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مهددًا بفرض عقوبات اقتصادية قاسية تشمل رسومًا جمركية بنسبة 100% على الواردات الروسية وشركائها التجاريين. هذا القرار، الذي أثار جدلًا واسعًا، يمثل تحولًا ملحوظًا في سياسة ترامب تجاه الصراع الروسي-الأوكراني، خاصة بعد وعوده السابقة بحل النزاع “في 24 ساعة”. يتناول هذا التقرير تفاصيل الأسلحة المقدمة، أسباب تغير موقف ترامب، وما إذا كانت هذه المهلة قد تنذر بحرب عالمية أو نووية، مع تحليل معمق للتداعيات الجيوسياسية.
تفاصيل الأسلحة المقدمة لأوكرانيا
نوعية الأسلحة
وفقًا لتقارير متعددة، تشمل حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية بقيمة 10 مليارات دولار أسلحة متطورة تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والهجومية لأوكرانيا. من بين هذه الأسلحة:
🟥 صواريخ باتريوت (Patriot MIM-104): هذه الأنظمة الدفاعية الجوية هي من بين الأكثر تقدمًا في العالم، وقد أكد ترامب إرسالها لمواجهة الهجمات الجوية الروسية، خاصة بعد الهجوم الروسي الضخم بأكثر من 700 طائرة مسيرة في يوليو 2025. تُستخدم هذه الصواريخ لإسقاط الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية قصيرة ومتوسطة المدى.
🟥 صواريخ بعيدة المدى: تشمل هذه الصواريخ أنظمة هجومية قادرة على استهداف مواقع داخل العمق الروسي، مما يمنح أوكرانيا قدرة ردع استراتيجية. تقارير تشير إلى أن هذه الأسلحة قد تشمل صواريخ ATACMS أو أنظمة مشابهة، وإن لم يتم تأكيد التفاصيل بدقة.
🟥 أسلحة هجومية متنوعة: أشار ترامب إلى “مجموعة كاملة مع البطاريات”، مما يوحي بتزويد أوكرانيا بمجموعة واسعة من الأسلحة تشمل أنظمة مدفعية متطورة وذخائر دقيقة التوجيه، مما يعزز قدرة كييف على مواجهة التقدم الروسي البطيء في دونباس.
🇺🇦 ✈️ For the first time since the beginning of the war, an An-124 cargo aircraft has landed in Kyiv. This aircraft is actively involved in delivering weapons to Ukraine from various countries. pic.twitter.com/SGTfpQDpzt
— Visioner (@visionergeo) July 11, 2025
تمويل الأسلحة
أكد ترامب أن الولايات المتحدة لن تتحمل تكلفة هذه الأسلحة، بل ستتكفل دول الناتو بدفع التكاليف بنسبة 100%. هذا النهج يعكس استراتيجية ترامب لتخفيف العبء المالي عن واشنطن مع الحفاظ على دورها القيادي في دعم أوكرانيا. أمين عام الناتو، مارك روته، أكد أن الحلف سيوفر كميات “هائلة” من الأسلحة، مما يعزز التعاون بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.
أسباب تغير موقف ترامب
خيبة الأمل من بوتين
خلال حملته الانتخابية وفي بداية ولايته الثانية، أعرب ترامب عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام سريع بين روسيا وأوكرانيا، مشيرًا إلى علاقته الشخصية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومع ذلك، أعرب ترامب في يوليو 2025 عن “خيبة أمل كبيرة” من بوتين بسبب استمرار الحرب وعدم تقدم المفاوضات. هذا الإحباط يعود جزئيًا إلى رفض بوتين لخطط سلام أمريكية، مثل تلك التي اقترحت تنازلات إقليمية لروسيا مقابل وقف إطلاق النار.

ضغوط داخلية ودولية
- الضغط الداخلي: يواجه ترامب ضغوطًا من الجمهوريين في الكونغرس، بقيادة شخصيات مثل السيناتور ليندسي غراهام، لتبني موقف أكثر صرامة تجاه روسيا. مشروع قانون لفرض عقوبات جديدة على موسكو حظي بدعم ترامب، مما يعكس تحولًا في نهجه من الدبلوماسية إلى المواجهة.
- الضغط الأوروبي: حلفاء الناتو، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، حثوا ترامب على مواصلة دعم أوكرانيا، خاصة بعد تصعيد روسيا لهجماتها الجوية. هذه الضغوط دفعت ترامب إلى التحرك لتعزيز التزام الولايات المتحدة تجاه كييف مع الحفاظ على مصالحها الاقتصادية.
- الاعتبارات الاقتصادية: اقتراح ترامب لاستخلاص تعويضات من أوكرانيا، مثل الوصول إلى مواردها المعدنية النادرة بقيمة 500 مليار دولار، يعكس نهجه كرجل أعمال يسعى إلى تحقيق مكاسب اقتصادية مقابل الدعم العسكري.
السياق الجيوسياسي
تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد التوترات العالمية، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي-الإيراني الذي انخرطت فيه الولايات المتحدة مؤخرًا. يرى مراقبون أن ترامب يسعى لتأكيد هيمنة الولايات المتحدة في الساحة الدولية من خلال دعم أوكرانيا ومواجهة روسيا، مع الحفاظ على توازن دقيق يتجنب التصعيد المباشر.
هل المهلة تنذر بحرب عالمية أو نووية؟
السياق النووي
تثير المهلة التي حددها ترامب (50 يومًا تنتهي في أواخر أغسطس 2025) مخاوف من تصعيد عسكري قد يمتد إلى نزاع عالمي أو حتى نووي. روسيا تمتلك ترسانة نووية ضخمة، تشمل أسلحة مثل غواصة “بوسيدون” التي يُطلق عليها “سلاح يوم القيامة”، القادرة على إحداث موجات تسونامي مشعة بقوة تصل إلى 50 ميغا طن. في المقابل، تمتلك الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو قدرات نووية مماثلة، مما يجعل أي تصعيد محتمل كارثيًا.
ردود الفعل الروسية
ردت روسيا على إعلان ترامب ببرود، حيث أكد السيناتور الروسي كونستانتين كوساتشوف أن موقف بلاده “لم يتأثر”، معتبرًا أن القرار يخدم المجمع الصناعي العسكري الأمريكي. الكرملين، بدوره، أشار إلى أنه يتعامل “بهدوء” مع انتقادات ترامب، لكنه أكد استمرار عملياته العسكرية في دونباس.
احتمالات التصعيد
- سيناريو الحرب العالمية: من غير المرجح أن تؤدي المهلة إلى حرب عالمية مباشرة، حيث تسعى كل من الولايات المتحدة وروسيا إلى تجنب مواجهة مباشرة. ومع ذلك، فإن تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية بعيدة المدى قد يدفع روسيا للرد بتصعيد عسكري، مثل استهداف البنية التحتية الأوكرانية أو حتى شن هجمات سيبرانية على الغرب.
- الخطر النووي: على الرغم من التهديدات النووية الروسية المتكررة، فإن خبراء مثل معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (SIPRI) يرون أن استخدام الأسلحة النووية لا يزال احتمالًا منخفضًا بسبب العواقب الكارثية. ومع ذلك، إجراء روسيا لمناورات نووية تكتيكية قرب حدود أوكرانيا في مايو 2025 يعزز المخاوف من تصعيد غير محسوب.
- العقوبات الاقتصادية: تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على روسيا وشركائها، مثل الصين والهند، قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية. هذه الرسوم قد تعطل سلاسل التوريد، خاصة في مجال الطاقة، مما يؤثر على الاقتصادات الغربية والآسيوية على حد سواء.
آراء الخبراء
يرى الباحث السياسي إميل فايزاند أن روسيا تسعى للاحتفاظ بالمناطق التي تسيطر عليها (مثل دونباس والقرم) وضمان عدم انضمام أوكرانيا إلى الناتو. في المقابل، يصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على استعادة جميع الأراضي المحتلة. هذا التناقض يجعل التوصل إلى اتفاق سلام صعبًا، مما قد يدفع ترامب إلى تصعيد الضغوط العسكرية والاقتصادية.
التداعيات الجيوسياسية
على أوكرانيا
رحبت كييف بحذر بالمساعدات العسكرية، لكنها حذرت من أن أي تأخير في تسليم الأسلحة قد يشجع روسيا على تصعيد هجماتها. تعتمد أوكرانيا بشكل كبير على الدعم الأمريكي، خاصة في ظل تقدم روسيا البطيء في دونباس، حيث تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية.
على روسيا
تواجه روسيا ضغوطًا اقتصادية متزايدة بسبب العقوبات الغربية، التي أقر بوتين بتأثيرها على بلاده. ومع ذلك، فإن دعم شركاء مثل الصين وكوريا الشمالية يمنح موسكو بعض المرونة. تهديد ترامب باستهداف شركاء روسيا قد يدفع الصين والهند إلى إعادة تقييم علاقاتهما التجارية مع موسكو.
على الناتو والغرب
يعزز قرار ترامب التزام الناتو بدعم أوكرانيا، لكنه يكشف عن توترات داخل الحلف. دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة، اللتين تمتلكان أسلحة نووية، قد تجدان نفسيهما مضطرتين لتحمل عبء أكبر إذا قلصت الولايات المتحدة التزاماتها في المستقبل.
يمثل قرار ترامب بتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة وإمهال روسيا 50 يومًا نقطة تحول في الصراع الروسي-الأوكراني. بينما يعكس هذا القرار إحباط ترامب من بوتين وضغوطًا داخلية ودولية، فإنه يحمل مخاطر تصعيد عسكري واقتصادي. ومع ذلك، فإن احتمال نشوب حرب عالمية أو نووية يبقى منخفضًا نسبيًا بسبب الردع المتبادل بين القوى الكبرى. يتطلب الموقف جهودًا دبلوماسية مكثفة لتجنب التصعيد وضمان استقرار المنطقة.
منصة مستقلة من صحفيين في غزة وسوريا، تنقل الحقيقة كما هي، وتُظهر زوايا مغفلة من قلب الحدث. نرفض التبعية والتضليل، ونلتزم بمهنية تضع المتابع أمام صورة الواقع بلا تجميل ولا انحياز